كثيرون ممن يتوقون للماضي، والحالمين بدولة الخلافة المزعومة، ينظرون بانبهار الى تجربة اردوغان ويقدمونه بصفته حامى العقيدة وحارس الدين فى بوستات تقطر غباء، وتخلط بين السياسة والرباط المقدس، بل وانظمة كانت تراهن على دور لتركيا فى مواجهة إسرائيل والغرب وكان السعى الدءوب لإعادة مجد الخلافة العثمانية وجعل الأردوغان بابها العالي، ومن الطبيعى ان يرتاح أردوغان لهذا الطرح ويحلم به ويدافع عنه، ولكنه ادرك بالتجربة انه حلم ليلة صيف، ومجد اجداده الزائل ذهب ولن يعود، فإذا كانت السياسة لاتعرف العواطف ولغتها الأحادية المصالح، وكما عرفها رجال العلوم السياسية بأنها فن الممكن فإنها تورد الينا هذا الخبر «كشف سفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبى دافيد فالتسير، أن تركيا تراجعت عن اعتراضها على مشاركة إسرائيل فى تدريبات عسكرية لحلف شمال الأطلسى الناتو»، ونقل راديو «صوت إسرائيل» عن فالتسير قوله إن هذه الخطوة تدل على تقدم جهود المصالحة الإسرائيلية التركية، وكان حلف الناتو قد أبلغ إسرائيل بإمكانية فتح مكتب لها فى مقر الحلف فى بروكسل ليكون بمثابة ممثلية رسمية إسرائيلية لدى الحلف». كان دفاع اردوغان عن غزة هو ورقة ضغط يمارسها على الاتحاد الأوروبى لينال عضويته التى يسعى إليها منذ سنوات ومازالت بعيدة المنال، ووسيلة ابتزاز للولايات المتحدة ليحظى بالرعاية الأمريكية كقوة اقليمية فى الشرق الاوسط، وظلت تركيا تلعب فى المنطقة الرمادية التى تؤيد منها حقوق الشعب الفلسطينى وتراعى فى ذات الوقت ألا يعكر هذا التأييد صفو علاقتها مع الغرب وامريكا، فكانت تركيا أول دولة مسلمة تعترف بدولة إسرائيل، والآن ثامن شريك تجارى لإسرائيل على مستوى العالم، وبحجم تبادل تجارى تجاوز الخمسة مليارات دولار، تستورد بضائع من المستوطنات بما قيمته 2.6 مليار دولار. لمزيد من مقالات خالد الاصمعى