هل يقضى الأولى والثانية، أو يتم الثالثة والرابعة؟ أجابت دار الإفتاء، قائلة: إن المقتدى وهو من يصلى جماعة بصلاة إمامه إما أن يكون مدركًا، أو مسبوقًا، أو لاحقًا، فالمدرك: من صلى الركعات كاملة مع الإمام، أى أدرك جميع ركعات الصلاة معه، سواء أأدرك معه التحريمة أم أدركه فى جزء من ركوع الركعة الأولى إلى أن قعد معه القعدة الأخيرة، واللاحق: هو من فاتته الركعات كلها أو بعضها بعد اقتدائه بعذر، كغفلة وزحمة، وسبق حدث ونحوها، أو بغير عذر، والفرق بين اللاحق والمسبوق: أن المسبوق تفوته ركعة أو أكثر من أول الصلاة، واللاحق تفوته ركعة أو أكثر من آخر الصلاة أو وسطها. والمسبوق - وهو موضع السؤال - هو من سبقه الإمام ببعض ركعات الصلاة أو بجميعها، أو هو الذى أدرك الإمام بعد ركعة أو أكثر, وحكمه: أن المسبوق إذا تخلف فى صلاته بركعة أو أكثر فإنه يتبع إمامه فيما بقى من الصلاة، ثم يأتى بما فاته من صلاته، فلو أدرك الإمام رافعًا من الركوع حين كبر للإحرام لم يأت بدعاء الاستفتاح ، بل يقول : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد... إلى آخره؛ موافقة للإمام، وإن أدركه فى القيام وعلم أنه يمكنه دعاء الاستفتاح والتعوذ والفاتحة أتى به، ويستحب للمسبوق ألا يقوم ليأتى بما بقى عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين، فإن قام بعد فراغه من التسليمة الأولى جاز؛ لأن الإمام خرج من الصلاة بالأولي، فإن قام قبل شروع الإمام فى التسليمتين بطلت صلاته. وذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسبوق إذا أدرك الإمام فى الركوع فقد أدرك الركعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: «من أدرك الركوع فقد أدرك الصلاة» أخرجه البخارى فى صحيحه. وتوصيف ما يأتى به المسبوق من ركعات بعد سلام الإمام:ذهب الشافعية، وهو المفتى به إلى أن ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته، وما يفعله بعد سلام إمامه فهو آخرها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا». وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد أوله، وعلى ذلك إذا أدرك ركعة من المغرب مع الإمام تشهد فى الثانية. وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن ما أدركه المسبوق مع الإمام فهو آخر صلاته قولا وفعلا، وذلك لما رواه أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم- قال: إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ، فَاقْضُوا. وذهب المالكية ومحمد من الحنفية إلى أن المسبوق يقضى أول صلاته فى حق القراءة وآخرها فى حق التشهد، وذلك عملا برواية: «وما فاتكم فاقضوا»؛ لكنه بانٍ على صلاته فى حق الفعل عملا برواية: «وما فاتكم فأتموا»، والأمر على السعة فيجوز للمسلم الإتمام كما ذهب الشافعية، أو القضاء كما ذهب الحنفية والحنابلة، أو الجمع بينهما كما ذهب إلى ذلك المالكية، وإن كان الأيسر هو ما ذكر أولا مما ذهب إليه الشافعية، والصلاة صحيحة فى جميع الأحوال.