دائما ما ينال فن السينما أهمية قصوي لدي الحكام في جميع دول العالم باعتباره وسيلة ثقافية ذات تأثير قوي علي الشعوب فهناك من يقمع حريته, وآخر يمنحه حرية مقنعة, وثالث يجعله مطلقا . ,والآن ونحن نعيش لحظة فارقة تحدد مصير الدولة باختيار الشعب لرئيس جديد يراه مدركا لرغباته وطموحاته, وآماله, لمرحلة جديدة في جميع مستوياتها علي مصر شعبا وبلدا, نجد سؤالا يطرح نفسه: ماذا يريد السينمائيون والفنانون من الرئيس القادم؟ الفنان نبيل الحلفاوي قال: أهم نقطة عدم تقييد حرية الإبداع, وهذه ليست مسألة سهلة في ظل المؤشرات والواقع اللذين يظهران سيطرة حزب واحد علي البرلمان ويسعي للرئاسة, لذلك لابد من رئيس مدني حتي تكون هناك تعددية حزبية تسمح بهذه الحرية, نظرا لوجود التعددية الفكرية, التي بدورها ستؤدي لتخفيف القوانين الرقابية, وتفعيلها في حالة وجود خرق صريح للمجتمع يسبب له ضررا في الوقت الحالي, مع إلغائها بعد أن تسمح هذه التعددية بتطوير التعليم وتثقيف الشعب بشكل صحيح. وتتفق الفنانة حنان مطاوع مع هذا الرأي وتري ضرورة وجود مساحة الحرية وتقول: إن السينما إحدي أهم مرايا المجتمع, وبالتالي فهي من اخطر وسائل التغيير, وأشد في ذلك من الاعلام الذي يقدم الحدث كما هو, في حين أن الفيلم والدراما يقدمان الحدث مصورا بشكل يوجد حالة من التفاعل المباشر مع الجمهور وبالتالي حالة من التأثر مما يجعله صاحب موقف تجاه ما شاهده.. واضافت انه يجب ان يكون هناك دعم علي مختلف المستويات لهذه الصناعة, ولا يقف عند الشق المادي, حتي تعود صناعة السينما كأحد موارد الدخل. وأكد المخرج محمد خان علي ضرورة أن يكون الرئيس الجديد محبا للسينما وينظر لها باعتبارها صرحا ثقافيا كان له تأثير كبير علي العالم العربي, وعليه استعادة هذه المكانة مرة أخري, ولتحقيقها يجب ان يكفل حرية الابداع والمبدعين. السيناريست بشير الديك مع يقول: السينما مثل جميع الفنون تعكس بشكل مباشر أحوال البلاد, فإذا كان المجتمع ديمقراطيا سيظهر هذا الوضع سينمائيا والعكس.. ومثال ذلك فترة الزعيم جمال عبدالناصر حين تولي رئاسة البلاد انعكس حلمه المتمثل في النمو, وتحقيق العدالة, ومن ثم بقاء البلد قويا في السينما بظهور جيل من العمالقة ابدع اعمالا قوية في جميع فروع الثقافة, فجاء في السينما مثلا صلاح أبوسيف, وبركات, وعز الدين ذو الفقار, وغيرهم عاكسين لهذه الحالة في اعمالهم. ويري سيد سعيد رئيس جمعية كتاب السينما الوضع يقول: المعركة المقبلة ثقافية أكثر منها سياسية, وأوضح انه لابد من اصدار قانون يمنع احتكار الصناعة ودور العرض باعتبارها احدي أهم وأكبر المشكلات.. وعلي الدولة أن تتولي مسئولية السينما لكونها مؤثرة في الرأي العام وقيمة صناعية مهمة. الآن بعد هذا الاستطلاع, نجد انفسنا أمام ضرورة التعرف علي الدور الذي لعبه من جلس علي كرسي الرئاسة في التعامل مع فن السينما علي مدي العقود السابقة.حيث أنشأ الرئيس جمال عبدالناصر اكاديمية الفنون وضمت معاهد السينما والمسرح والباليه والكونسرفتوار والموسيقي العربية.. ايمانا منه بأن الثقافة تصنع شعبا متحضرا, وجاء اهتمامه هذا من عشقه للتصوير وقراءاته الكثيرة ومشاهدته للمسرح.. بل وادخل الدولة طرفا في انتاج الأفلام. انخفض هذا الحال مع قدوم أنور السادات وتوليه رئاسة الجمهورية, فظهرت افلام ضعيفة فنيا علي الرغم من انه كان عاشقا لفن التمثيل ومشاهدة السينما التي خصص لها صالة عرض بمقر اقامته للمشاهدة اليومية, ثم تدهور الحال سريعا مع قدوم خلفيته حسني مبارك إلي رئاسة البلاد فأصبحت صناعة السينما احتكارية وذات قيمة فنية ضعيفة, ومحتوي فكري ضئيل وصل إلي الابتذال والهزل بخلاف بيع أصول تراث مصر السينمائي.