للمتقدمين بمسابقة معلم مساعد.. إتاحة الاستعلام عن القبول المبدئي وموعد الامتحان (تفاصيل)    سمية الخشاب بتروح له البيت..التيجاني يكشف بالأسماء علاقته بالفنانين    فرق «بداية جديدة» تجوب المحافظات لتوزيع مستلزمات المدارس على الطلاب.. صور    بروتوكول تعاون بين «التعليم والتضامن والتنمية المحلية وتحالف العمل الأهلي» لتنمية قرى «حياة كريمة»    شركة صينية تستعرض تصميمات مقترحة لتطوير مطاري القاهرة والغردقة (صور)    وزارة المالية تنفذ إجراءات تطبيق «موازنة الحكومة العامة» لتشمل كل الهيئات الاقتصادية    أسعار البيض اليوم الخميس 19-9- 2024 في بورصة الدواجن    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتابع الاستعدادات للعام الدراسي الجديد.. ويتفقد منظومة المياه بالمدينة    إزالة 7 حالات تعدٍ على الأراضي الزراعية في قرية بيهمو بالفيوم    كاتب صحفي: مصر تقف حائط سد أمام تصفية القضية الفلسطينية    «القاهرة الإخبارية»: تحليق كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي في سماء لبنان    بعد الأجهزة اللاسلكية فى لبنان.. هل يمكن تفجير الهواتف والساعات الذكية؟    الاحتلال يقتحم قباطية جنوب جنين ويحاصر منزلا    عاجل.. 9 لاعبين أساسيين خارج الأهلي في كأس العالم للأندية.. أبرزهم الشناوي وعطية الله    «لو مش هتلعبهم خرجهم إعارة».. رسالة خاصة من شوبير ل كولر بسبب ثنائي الأهلي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    القبض على متهم بغسل 23 مليون جنيه من تجارة السلاح    خريطة توزيع منهج العلوم المتكاملة للصف الأول الثانوي العام الجديد    إصابة 8 أشخاص في 3 حوادث تصادم وانقلاب سيارات في المنيا    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بين سيارتين بصحراوي المنيا    العثور على طفل حديث الولادة بإحدى قرى الحوامدية    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بقنا    بسبب «الأم العذراء».. بشرى تستنجد بنقابة الممثلين: «أنا بطلة مسلسل معرفوش»    "رحلة طويلة مع تصوير فيلم الغربان".. عمرو سعد يروج لأحدث أعماله السينمائية    الجمهور يحتفي بمشهد مؤثر لإيمان العاصي في مسلسل «برغم القانون»    التنورة التراثية تحصد جائزة أفضل عرض فى ختام مهرجان البحر المتوسط بقبرص    4 مصابين في قصف إسرائيلي استهدف المخيم الجديد بالنصيرات    الصحة تؤكد التزامها بتعزيز سلامة المرضى وتحقيق أعلى معايير الرعاية    محافظ المنيا: تقديم 3 ملايين خدمة صحية ضمن حملة "100 يوم صحة"    هيئة الرقابة الصحية: اعتماد 400 منشأة صحية على مستوى الجمهورية    الكهرباء تفسر أسباب تأخر تطبيق خطة تخفيف الأحمال    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية إكياد البحرية بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    المتهم بقتل صديقه في السلام: «خلافات شغل السبب وماكنتش أقصد أقتله»    محافظ البحيرة تفتتح 3 مشروعات في قطاع الصرف الصحي لتخدم 175 ألف نسمة    بالفيديو.. كاتب صحفي: إسرائيل تحاول نقل الحرب من غزة وجعلها مفتوحة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    وزير الري يتابع جاهزية التعامل مع موسم الأمطار الغزيرة والسيول    تراجع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس في الأسواق (موقع رسمي)    فريق صحة الإسماعيلية يشارك باحتفالية تكريم السيدات بمكتبة مصر العامة (صور)    بوريل يرحب باعتماد الأمم المتحدة قرارا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين    الأهلي يعقد مؤتمرًا صحفيًا اليوم لإعلان تجديد الشراكة مع ال«يونيسيف»    جامعة العريش تُطلق أول مسابقة للقيادات الإدارية    بعد نجاح كوبليه "شكمان الصبر مفوت"..ما علاقة أحمد حاتم ب تأليف الأغاني؟    "الراى الكويتية" تبرز تأكيد الرئيس السيسى على دعم لبنان.. وحرص مصر على أمنها    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    لاعب الزمالك يطلب الرحيل عن الفريق قبل مباراة الأهلي.. عاجل    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    إدراج 51 عالما بجامعة الزقازيق ضمن الأكثر تميزًا في قائمة ستانفورد الأمريكية    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    اتحاد الكرة: تغيير لائحة كأس مصر وارد ليس لمجاملة الأهلي    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضاع الأبناء تراث الأباء والأجداد فاستحقوا السخرية من فنونهم الحالية
كنوز الدراما والأغنية مدفونة في مغارة الخليج
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 04 - 2016

كانت تربطني بالنجم السينمائي الكبير كمال الشناوي علاقة صداقة وطيدة, وأسعدني الحظ بإجراء العديد من الحوارات, والحلقات معه عن مشواره الفني العريض علي صفحات مجلة' الأهرام العربي',
وأذكر أنه كان قبل رحيله بسنوات يتمني أن يعاد عرض مسلسله الرومانسي الرائع' عيون الحب' علي شاشة التليفزيون المصري, خاصة أن هذا العمل هو أول مسلسل قام ببطولته بطريقة التليفزيون عام1976, بعد عدة مسلسلات فيلميه, وشاركه البطولة القديرة سناء جميل, والعظيمة نعيمة وصفي, فضلا عن كمال حسين, ومجموعة كبيرة من النجوم الشباب والجدد في هذا الوقت منهم' هناء ثروت, وشيرين, المنتصر بالله, محمد كامل, وغيرهم', وقام بإخراج العمل إبراهيم الشقنقيري.
....................................................
وقتها اتصل' الشناوي' أمام عيني, وتحديدا في عام2000 بالمسئولين في التليفزيون وطلب منهم عرض مسلسله الذي يعتز به, لكنه في كل مرة كان يتصل بهؤلاء الموظفين كان الرد المعتاد الذي يأتيه بصفة مستمرة:' حاضر بإذن الله سيعرض', وبعد عدة اتصالات رد عليه أحد المسئولين بصراحة أو' ببجاحة' يحسد عليها قائلا:' آسفين يا أستاذنا, لن نستطيع عرض المسلسل لأنه سجل عليه برامج نظرا لنقص الأشرطة في مكتبة التليفزيون!', يومها اتصل بي الراحل الكبير وهو يكاد يبكي من هول صدمة ما حدث, وسارعت بالذهاب إليه فوجدته في حالة نفسية سيئة, مصحوبة بإحباط شديد, علي أثر محو أحد روائعه الدرامية, و أحد الأعمال التي يعتز بها في تاريخه الفني!
منذ أيام قليلة ترحمت علي صديقي الراحل الكبير الفنان كمال الشناوي عندما شاهدت مسلسله النادر' عيون الحب' الذي أعدمه تليفزيون مصر, علي شاشة إحدي الفضائيات الخليجية الجديدة, والتي تهتم في غيبة من الوعي المصري- بعرض الأعمال الدرامية النادرة, وقمت بتسجيله ومشاهدته بقدر هائل من المتعة علي مستوي الأداء التمثيلي والسيناريو والإخراج, وبعده تابعت القناة بصفة منتظمة لأكتشف أنها تعرض أهم أعمالنا المصرية خاصة مسلسلات حقبتي السبعينيات والثمانينيات, التي لا نراها إطلاقا علي شاشة التليفزيون المصري, منها' ليالي الحصاد' قصة وسيناريو وحوار محمود دياب, إخراج علوية ذكي, بطولة صلاح قابيل, مجدي وهبة, سهير المرشدي, محمود المليجي.
و' العودة إلي المنفي' سيناريو وحوار محفوظ عبدالرحمن, عن رواية أبو المعاطي أبوالنجا, بطولة عبدالرحمن أبوزهرة, توفيق الدقن, محمود الحديني, مجدي وهبة, زينات صدقي,' وسط الزحام', تأليف وفية خيري, إخراج علوية ياسين, بطولة كرم مطاوع, سهير المرشدي, سهير البابلي,' اللسان المر' قصة وسيناريو وحوار عبدالوهاب الأسواني بطولة أحمد زكي, مديحة حمدي, تيسير فهمي, عبدالغني قمر,' العدل' تأليف كرم النجار, إخراج علوية ياسين, بطولة جميل راتب, فاطمة مظهر, أشرف عبدالغفور,.
و'حصاد العمر', سيناريو وحوار فتحية العسال, بطولة كريمة مختار, محمود المليجي, صلاح السعدني, فاروق الفيشاوي, إخراج أنعام محمد علي, ولنفس المؤلفة مسلسل' الحب والحقيقة' صلاح قابيل, نسرين, سمير حسني, توفيق الدقن, إخراج إسماعيل عبدالحافظ,' مأساة إمرأة' بطولة هدي سلطان, كمال الشناوي, شهيرة, نبيل نور الدين, إخراج إبراهيم الشقنقيري, وغيرها من الروائع.
عرض هذا الكم من المسلسلات المصرية استرعي انتباهي متسائلا: كيف عثرت هذه القناة الخليجية علي تلك الكنوز؟, والسؤال الأكبر: كيف اختفت من التليفزيون المصري أصلا ؟! أو بمعني أصح من الذي باعها في سوق النخاسة!!, علي أية حال: لاتسألون عن أشياء أن تبدو لكم تسيئكم'.
المهم أنه في الوقت الذي تقوم هذه الفضائية الخليجية بعرض هذه الكنوز النادرة, نلمح علي الجانب الآخر أن التليفزيون المصري اكتفي منذ سنوات بالفتات بينما ظل تراثنا مفقودا في مغارة الخليج, وظل التليفزيون' يصدعنا' بعرض مسلسلات' ليالي الحلمية, ورأفت الهجان, لن أعيش في جلباب أبي', وعندما يعود للوراء قليلا يعرض' الأفعي, دموع في عيون وقحة, ميزو' وغيرها من الأعمال التي تبدو حديثة نسبيا, ولكنها تبقي أعمالا مشهود لها بالكفاءة والرقي.
وهنا لابد أن نلفت إلي أننا لسنا ضد عرض هذه الأعمال الرائعة التي يعشقها الجمهور, لكننا ضد أن يكتفي التليفزيون بهذه الأعمال فقط ويعاد عرضها بصفة منتظمة, ولا يعرض مسلسلات وسهرات فترة الستينيات كلها, فضلا عن فترتي السبعينات والثمانينيات, وهي كثيرة جدا ماتزال تسكن ذاكرة ماسبيرو, لكنها فقط تحتاج من يزيل عنها غبار الإهمال الذي أصابها في مقتل, لكن يبدو أن المسئولين في التليفزيون وبحكم كونهم موظفين ينعمون بالجهل المغلف بالخمول الشديد والروتين القاتل لأي إبداع حقيقي يمكن أن يعدل المزاج العام بالعودة للماضي الجميل, ومن ثم فهم لا يحاولون البحث في المكتبة عن تلك الأعمال الجديرة برد الاعتبار لإبداع مصر الثقافي في عصور التنوير, والتي لا تحظي بالعرض أو يقومون بعرضها إن وجدوها طبعا بعد عمل الدعاية اللازمة لها علي شاشة كل القنوات المصرية الحكومية, ولكنهم- للأسف- يكتفون بعرض خمسة مسلسلات من حقبة الستينيات, ومسلسلين أو ثلاثة من حقبة السبعينيات, ومثلها في حقبة الثمانينيات, وكان الله بالسر عليم!
مما مضي من سطور تشهد علي التردي وغياب العقل والضمير, يتضح للمشاهد المصري الباحث عن جواهره من الذهب والياقوت والمرجان, والمدفونة- حاليا- في مغارة الخليج حقيقة مرة مؤداها: أن هؤلاء الموظفين الذين يخاصمون الإبداع في ماسبيرو لا يبحثون بطريقة جدية عن وسيلة لاستعادة تلك الكنوز المفقودة عبر التعاون أو التنسيق الذي يكفل لنا مشاهدتها علي شاشاتنا من جديد, خاصة أن نجوم العصر الذهبي قدموا مجموعة من الأعمال الفنية المتميزة علي مستوي الأداء والسيناريو والإخراج, والتي أنتجتها بعض الدول العربية وبالتحديد في حقبتي السبعينيات والثمانينيات, تلك الفترة الذهبية التي ظلت حتي نهاية التسعينات, قبل أن تستقل هذه الدول وتقوم بإنتاج أعمال خاصة بهم, وبمجموعة من فنانيهم, بعدما استغنوا عن الفنان المصري.
والآن أطالب الجهات المسئولة في التليفزيون المصري بالبحث عن وسيلة جديدة لإظهار ما تبقي من تراثنا الفني المفقود لدينا أولا, ثم محاولة إيجاد حل مناسب لاستعادة المعروض علي الفضائيات العربية ثانية, وتقديمه للجمهور المصري, بعد التنويه عنه كثيرا, ولو بطريق الشراكة بحكم فروض العصر الجديد بتفعيل حقوق الملكية الفكرية التي يسهل إثباتها بحكم أن المصنف مصري خالص ببصمة النجوم الكبار والسيناريو والحوار والإخراج الذي يؤكد مصريته.
وعلي جانب آخر تبدو الكارثة مستمرة, فلم يقتصر الأمر علي عرض الأعمال الدرامية المصرية النادرة علي الفضائيات العربية, بل يحدث أيضا في الموسيقي والأغاني, فإذاعة'BBC العربية', وبعض الإذاعات العربية الأخري لديها مئات من التسجيلات والحوارات النادرة مع كبار مطربينا, غير موجودة في الإذاعة المصرية, وعلي سبيل التأكيد فقد كتبت هنا منذ فترة علي صفحات' ملحق الجمعة' عن أوبريت' مجنون ليلي' الذي كتبه أمير الشعراء أحمد شوقي, ولحنه عملاق الموسيقي رياض السنباطي, وقام بغنائه' كارم محمود, وعادل مأمون, وسعاد محمد, وغيرهم' ويذاع فقط في إذاعة لندن, وهو طبعا نسخة مختلفة عن الأوبريت الشهير الذي قام بتلحينه الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب, وشاركته الغناء' فريدة عصرها' أسمهان, كما يوجد أغنيات نادرة ل' أم كلثوم,عبدالوهاب, فريد الأطرش, العندليب الأسمر, نجاة, شادية, فايزة أحمد وغيرهم من أساطين النغم', يكفي أن نذكر أن إذاعة الكويت في فترتي الستينيات والسبعينيات وحتي منتصف الثمانينيات, كانت تعتمد اعتمادا كليا علي المطربين والممثلين المصريين, وتقوم بإنتاج أعمال خاصة بهم من أغنيات أو مسلسلات درامية إذاعية!
الطريف أن التليفزيون المصري عام2009 قام بتدشين مشروع رائع ممثلا في قناة خاصة بالتراث أطلق عليها' التليفزيون العربي' حققت نجاحا ساحقا بقيادة الإعلامي الشهير عمر زهران, لكن هذه القناة الوليدة لم تستمر سوي أسابيع قليلة, وتوقفت في ظروف غامضة! وعندما تفحصت الأمر متسائلا: لماذا توقفت هذه القناة العبقرية التي جعلت الناس تتسمر في بيوتها أمام شاشة الأبيض والأسود عازفة عن سحر الألوان وبهرج التكنولوجيا الحديثة, وأعادت للمشاهدة حفاوتها وجمالها وبريقها المستمد من زمن الفن الجميل ؟! وكانت المفاجأة المؤسفة المذهلة أنه لا يوجد شرائط تعرض للجمهور, حيث اكتشف المسئولون الجدد بماسبيرو سرقة غالبية التراث المصري في عهود سابقة وفي غيبة من الوعي والضمير استقر في مغارة الخليج أو في قلب صقيع لندن, وأصبح حلم استعارة فنون الزمن الجميل دربا من دروب الخيال.. ولا حول ولا قوة إلا بالله في أحفاد أضاعوا تراث الأباء والأجداد فاستحقوا السخرية من فنون تضعهم في ذيل الأمم!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.