كان المشير محمد حسين طنطاوى مدركا منذ اللحظة الأولى لتوليه مهمة المسئولية الأولى فى إدارة شئون البلاد بعد تخلى الرئيس مبارك عن الحكم فى 11 فبراير 2011 أن مصر معرضة للخطر من قبل أن تقع أحداث 25 يناير 2011 وأنه طالما حذر مما يراه ولكن أحدا لم يستمع إلى صوته مما دفع به إلى أن يعد العدة لمواجهة سيناريوهات المستقبل المحتملة والتى بدأت فعليا بمظاهرات الشباب الغاضبة والمنادية بالإصلاح والتغيير يوم 25 يناير. والحقيقة كما رواها الزميل مصطفى بكرى فى كتابه المتميز «لغز المشير» أن الرجل لم يكن فى أى لحظة قبل أو بعد 25 يناير راغبا فى السلطة، ولكنه حبا فى وطنه ارتضى أن يتحمل ما تنوء عنه الجبال طيلة السبعة عشر شهرا التى أدار فيها شئون البلاد وقال عنها الرئيس السيسى إنها كانت فترة مهمة وفاصلة فى تاريخ مصر، وأن المشير طنطاوى أدارها بحكمة وذكاء حتى استطاع أن ينجو بالسفينة من العواصف الجارفة التى كانت تهدف إلى إسقاط الدولة وسيادة الفوضى وإشعال الحرب الأهلية وإلحاقنا بالدول المجاورة التى انهارت وتفتت! وطبقا لما يرويه بكرى فى كتابه اعتمادا على شهادات من أغلب أعضاء المجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد بعد 11 فبراير 2011 فإن هناك إجماعا على أن المشير طنطاوى لم يكن انقلابيا لكنه انحاز للشعب منذ اللحظات الأولى وترك الخيار للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لاتخاذ القرار المناسب لإنقاذ الأوضاع فى تلك اللحظات العصيبة وأنه عندما تزايدت حدة المظاهرات وتمكن الإخوان من قيادتها والمضى فى مخطط التصعيد إلى آخر مدى أبدى المشير مخاوفه من أن الصدام مع هذه الجماعة فى هذا الوقت العصيب من شأنه أن يمكنهم من تنفيذ المخطط ولذلك طلب من مبارك أكثر من مرة ضرورة تفادى الأزمة وإنقاذ البلاد سريعا. وبصراحة فإن الكتاب مملوء بالمعلومات التى تعبر عن محقق صحفى بارع يملك شبكة واسعة من المصادر.. ولكن يظل الدور العظيم للمشير طنطاوى بحاجة إلى عشرات الكتب وأتمنى أن يكون لى إسهام فى ذلك بعد أن أعيد ترتيب أوراقى بشأن رجل تمتد علاقتى به القائمة على الاحترام المتبادل لسنين طويلة مضت! خير الكلام: إنا نريد إذا ما الظلم حاق بنا ... عدلَ الأناسيَّ لا عدلَ الموازين! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله