قطع الأزهر الشريف جهيزة كل المزايدين علي روح الإسلام الصحيح, الذين يستثمرون الانتخابات الرئاسية ليجعلوا من قضية تطبيق أحكام الشريعة معركة دونها الموت تتطلب شرف الشهادة!, عندما أكد علي لسان شيخه الجليل د. أحمد الطيب أن روح الشريعة تتطلب أن تتهيأ للناس الظروف المعيشية والحياتية الكريمة قبل البدء في تطبيق أحكامها, وأن القضية الأولي بالرعاية الآن هي تحقيق العدالة والديمقراطية والحرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان, وأن المعركة الحقيقية هي إصلاح الاقتصاد والتعليم وتوفير الرعاية الصحية, وليس تطبيق الحدود الذي يتطلب حدا من الكفاية يضمن عدالتها. وبهذا الفهم الواضح والعميق عبر الإمام الأكبر بصدق عن وسطية الإسلام واعتداله وعن روحه السمحاء التي لا تنظر للشريعة من منظور سياسي أو حزبي, ولكنها تجسدها علي نحو ينشد الرحمة والعدل ويضع ضمن أولوياتها مصالح العباد.. وربما لهذا السبب يسعي البعض الي تقليص مرجعية الأزهر الشريف وإضعافها, لأن إضعاف الأزهر يضمن لهؤلاء الاستمرار في استخدامهم السياسي للدين يوظفونه لمصلحة أهدافهم لا يأبهون بمصالح العباد ولا يحترمون العقل, ويشتطون في الغلو والتطرف, والحق أن دعاوي التطرف والفهم الضيق لأحكام الشريعة لم تنتشر إلا عندما ضعف دور الازهر لمصلحة مرجعيات أخري عززت فقه البادية الذي احتضن الغلو والتشدد, واهتم بالمظهر دون الجوهر وأغلق باب الاجتهاد, وأساء فهم معني الجهاد, وأحال ديار الإسلام الي ديار حرب يقتل بعضهم بعضا صراعا علي الملة والطائفية. وكما انتشر التطرف والغلو في غيبة الأزهر, تعددت المرجعيات الدينية الكاذبة التي هي في الأصل مرجعيات حزبية وسياسية تخفت تحت عباءة الدين واستخدمت منابر المساجد للترويج لأفكارها وسط سوق المزايدات في معركة الإنتخابات الرئاسية, تصدر ألوانا من الفتاوي المأجورة تحلل وتحرم التصويت لمصلحة مرشحين بعينهم, وتطلق زورا علي بعض المرشحين صفات وأسماء الأنبياء حتي يتحتم أن يصوت لهم البسطاء, لأنهم إذا لم يفعلوا آثمون لا تجوز الشفاعة لهم يوم القيامة!, وتتجاسر في استرخاص الدين الي حد اتهام الناخبين بالكفر إن أعطوا أصواتهم لأي من المرشحين الليبراليين!, وتذهب في الإسفاف الي حد إصدار فتاوي سياسية تخاصم الذوق والإنسانية والدين, وتروج لأفكار متخلفة تدعو الي زواج القاصرات وختان البنات والحفاظ علي المرأة مجرد أداة متعة لا يجوز أن يكون لها حقوق الرجل؟, ولهذه الأسباب يتحتم أن ينص الدستور الجديد علي أن المرجعية الإسلامية الوحيدة التي تعتمدها الدولة هي مرجعية الأزهر التي ينبغي أن تكون لها وحدها القول الفصل في كل قضايا الدين الخلافية. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد