وزير التعليم العالي يشهد تحية العلم فى أول أيام العام الجديد    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق    التضامن والعمل الدولية تبحثان التعاون فى ملف العمالة غير المنتظمة    الباذنجان 3.5 جنيه، ننشر أسعار الخضراوات اليوم السبت بسوق العبور    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنية خلال بداية تعاملات السبت 28 سبتمبر    سعر الريال السعودي بالبنوك في بداية تعاملات اليوم 28 سبتمبر    بصواريخ «فادي 3».. حزب الله يضرب أهم قاعدة عسكرية في إسرائيل    حزب الله يقصف قاعدة ومطار رامات دافيد    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل دولة مارقة لا تكترث للقرارات الدولية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    أخبار الأهلي : تعرف على كواليس ما حدث داخل غرفة خلع ملابس الأهلي بعد خسارة السوبر ؟    ايه سي ميلان يقسو على ليتشي في الدوري الإيطالي    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة النصب على المواطنين بالدجل    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    الحالة المرورية اليوم| انتظام حركة السيارات بشوارع القاهرة الكبري    بسبب خلاف حول الأجرة، حبس سائق توك بتهمة قتل شاب في السلام    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    مجسمات لأحصنة جامحة.. محافظ الشرقية يكرم الفائزين في مسابقة أدب الخيل    الثقافة تنظم احتفالية باليوم العالمي للترجمة الإثنين    التفاصيل الكاملة لحفل أحمد سعد بمهرجان الموسيقى العربية    الصحة تكشف حصاد قافلة طبية إلى الصومال    4 شهداء في قصف للاحتلال وسط قطاع غزة    اليوم.. محاكمة سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    موعد مباراة ليفربول ضد وولفرهامبتون والقنوات الناقلة في الدوري الإنجليزي    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    اختبار شهر أكتوبر رابعة ابتدائي 2025.. المواعيد والمقرارات الدراسية    عودة أسياد أفريقيا.. بهذه الطريقة أشرف ذكي يهنئ الزمالك بالسوبر الأفريقي    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    ننشر تفاصيل 18 ساعة من التحقيقات مع الشيخ صلاح الدين التيجاني    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    حزب الله: لا صحة لادعاءات إسرائيل عن وجود أسلحة في المباني المدنية التي قصفها    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عبد المجيد: التتويج بالسوبر سيمنحنا دفعة معنوية لتحقيق الدوري والكونفدرالية    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    هشام جمال ينصح المشاركين في «كاستنج»: حاول مرة أخرى إذا فشلت    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    ألسنة لهيب الحرب «الروسية - الأوكرانية» تحاصر أمريكا    بشرى سارة.. شروط البناء الجديدة وخطوات استخراج الرخصة بعد موافقة الرئيس    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتي ل القرن العشرين (50)‏
‏1952‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 05 - 2012

ماذا حدث بعد أن أصدر السيناتور الأمريكي جوزيف مكارثي كتابه المعنون المكارثية‏:‏ الحرب من أجل أمريكا‏ (1952)‏ والذي اتهم فيه الرئيس الأمريكي هاري ترومان بأنه وأعضاء حزبه متحالفون مع الشيوعيين‏,‏ كما اتهم فيه الليبراليين بأنهم غوغائيون‏.‏ كانت البرجماتية هي المذهب الفلسفي الحاكم للسياسة الأمريكية. والبرجماتية معناها أن صدق الفكرة مرهون بنتيجتها, فإذا جاءت النتيجة ايجابية كانت الفكرة صائبة, واذا جاءت بعكس ذلك كانت كاذبة.
والسؤال بعد ذلك:هل تأثرت البرجماتية بإرهاب المكارثية؟
قيل في الجواب عن هذا السؤال إن البرجماتية قد أصابها الأفول بحكم الارهاب الفكري الكامن في المكارثية خشية أن يقال عن البرجماتية إنها متأثرة بفكر الشيوعيين الأمريكيين الموالين للتنظيم الشيوعي الأممي. ولا أدل علي ذلك من اتجاه فلاسفة أمريكا إلي الفلسفة التحليلية التي لا تنشغل بهموم البشر إنما تنشغل بمسائل فنية فلسفية مثل تحليل اللغة وتحليل قواعد التفكير المنطقي, وهذه مسائل خالية من أي نكهة سياسية أو ايديولوجية. ولا أدل علي ذلك من أن ويلارد فان كواين الملقب بفيلسوف أمريكا (1908 2000) كان مهموما بالترويج لتيار فلسفي اسمه التحليل اللغوي وكان يعني به تحليل الألفاظ اللغوية التي تشكل رؤيتنا عن العالم من أجل توضيحها. ومن هنا توقف كواين عن التساؤل عن أصل الكون أو أصل الحياة لأنه ليس في امكان الانسان الجواب عن هذا أو ذاك. واتجه بعد ذلك إلي الكشف عن القضايا الفلسفية الزائفة, ومن بينها ثنائية العقل والجسم. ففي رأيه أن هذه الثنائية وهمية إذ هي مردودة إلي الانسان البدائي الذي عثر عليها في الأحلام التي ترد إلي الانسان في حالة النوم, إذ إن من شأن هذه الأحلام أن توهمك بأن لك عقلا مستقلا عن الجسم في حين أن العقل ليس إلا نشاطا من أنشطة الجسم.
وتأسيسا علي ذلك كان كواين يحرض الفلاسفة علي عدم الانشغال بالقضايا السياسية, وكان يحثهم علي ضرورة فرض الرقابة الأخلاقية. وعندما قررت جامعة كمبردج بانجلترا الاحتفاء بالفيلسوف الفرنسي من أصل جزائري جاك دريدا (1930 2004) اعترض كواين علي هذا الاحتفاء وحاول منعه بدعوي أن دريدا ضد الحياد الفلسفي الذي لا ينشغل بقضايا البشر. وكان دريدا دائم القول بأن العالم يواجه كارثة, ومن ثم كان مهموما بتناول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية, وكان يعني بالكارثة اختفاء الكتلتين الشيوعية والرأسمالية, وبزوغ نظام عالمي جديد عاجز عن ايجاد حلول للحروب الاقتصادية, وللظلم الناشئ منها. وقد تناول دريدا هذه الهموم في كتابه المعنون الطريق المضاد: سياحة مع جاك دريدا (2004). وأيا كان الأمر فقد شكلت أفكار كواين الفلسفية تيارا مؤثرا ليس فقط علي الفلسفة الأمريكية بل أيضا علي الفلسفة الأوروبية, إذ كان هو والفيلسوف الانجليزي الفريد إير المهيمنين علي المناخ الفلسفي في كل من أمريكا وانجلترا في الربع الثالث من القرن العشرين.
وفي مارس من عام 1978 عقدت مؤتمرا فلسفيا دوليا تحت عنوان الفلسفة والحضارة ودعوت إليه كلا من كواين وإير. رفض كواين ووافق إير.
وفي الجلسة الأولي ألقي فيلسوفان آسيويان بحثيهما وكان أحدهما باكستانيا والآخر يابانيا واذا بالفريد إير يطلب التعقيب وهو في حالة عصبية, إذ قال: لقد دعاني البروفسير وهبة للمشاركة في مؤتمر فلسفي فاذا أنا أمام مؤتمر ديني. ولهذا يبدو أن ثمة خطأ في توجيه الدعوة. وقلت معقبا: أظن أن السير الفريد إير قد قبل الدعوة وهو يعلم أن موضوع المؤتمر مرفوض منه فلسفيا بحكم أنه من دعاة التحليل اللغوي الذي يحصر الفلسفة في التحليل المنطقي للألفاظ وفي انكار ألفاظ مثل لفظ الحضارة بدعوي أن ليس لها مقابل في المعطيات الحسية. ورد إير قائلا: نعم, قبلت المشاركة ولكني قبلتها لا كفيلسوف ولكن كإنسان تعنيه أمور الثقافة والحضارة.
ومع ذلك فقد كان موقف إير أكثر تسامحا من كواين الذي رفض الدعوة قائلا: إن الفلسفة ليست إلا المنطق والتحليل المنطقي.
ويبقي السؤال مثارا:هل تيار التحليل اللغوي نتيجة حتمية من إرهاب المكارثية؟
إذا أردت أن تستعين في الجواب عن هذا السؤال بالحالة المصرية القائمة فما تريده مشروع. فالرأي عندي أن التشدد الكامن في الفكر الإخواني والسلفي و الجهادي هو الذي دفع المثقفين المصريين إلي رفض الاستعانة بلفظ العلمانية خوفا من اتهامهم بالزندقة.
المزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.