جزء مهم من مشاكل المرحلة الانتقالية يعود الي ان العلاقات بين سلطات الدولة الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية يشوبها الكثير من التوتر والتنازع والقلق الذي كثيرا ما يصل الي حدود الصدام. بسبب افتئات السلطة التشريعية وتجاوزها المستمر لحدود سلطاتها بدعوي أنها تمثل ارادة الشعب النافذة من حقها ان تسود باقي السلطات, وان تفصل ما تشاء من قوانين في اللحظات الاخيرة تمس باقي السلطات, وغالبا ما يشوبها عوار دستوري جسيم, برغم ان الحدود بين السلطات الثلاث واضحة في الاعلان الدستوري الذي يحكم المرحلة الانتقالية. وكما شهدت العلاقة بين البرلمان والحكومة والمجلس العسكري الكثير من التوتر بسبب صراع الارادات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية علي قضايا سحب الثقة من الحكومة, وتشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور, وتعليق جلسات مجلس الشعب, تشهد العلاقات بين البرلمان والسلطة القضائية توترات متصاعدة, مصدرها التشكيك المستمر من جانب عدد من النواب في استقلال السلطة القضائية, واتهام بعض هيئاتها القضائية بانها تصدر احكاما سياسية لا قانونية تلبي مطالب المجلس العسكري كما حدث في حكم الادارية العليا الذي ابطل, عن حق, تشكيل اللجنة التأسيسية, وخروج السلطة التشريعية عن حدود اختصاصها الي حد المطالبة بتغير النائب العام ورئيس المحكمة الدستورية لأسباب منعدمة!, فضلا عن الحملة الاستباقية علي المحكمة الدستورية بدعوي وجود مخطط مشترك لحل البرلمان. ثم جاءت الازمة الاخيرة مع اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات الرئاسية والمشكلة من قمم القضاء المصري, رؤساء الهيئات القضائية بسبب استبعادها المرشحين الرئاسيين السابقين خيرت الشاطر وحازم اسماعيل, بدعوي ان الاستبعاد تم لأسباب سياسية برغم الاسباب القانونية الواضحة التي جاءت في حيثيات قرار الاستبعاد, ولان اللجنة العليا قبلت تظلم المرشح احمد شفيق وإعادته الي قوائم الترشيح نزولا علي رغبة العسكري, الامر الذي لم يثبت صحته في اي من القضايا التي نظرها القضاء اخيرا, ثم جاء صدور التعديلات المفاجئةعلي قانون الانتخابات الرئاسية, وإقامة هيئات شعبية للإشراف علي الانتخابات, نكاية في اللجنة العليا, رغم علم المجلس ان التعديلات الجديدة يصعب سريانها في لانتخابات القادمة قبل موافقة المحكمة الدستورية. وفي ضوء هذه العلاقات المتوترة بين السلطتين, يناقش البرلمان قانون السلطة القضائية وسط مخاوف متزايدة من أن يؤثر هذا المناخ المتوتر علي صدور القانون الذي يتحتم أن يحقق للسلطة القضائية استقلالها الكامل, لان استقلال السلطة القضائية هو رمانة الميزان بدونه لا تصلح الديمقراطية ولا يصلح نظام الحكم. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد