يبدو ان المخرج الراحل يوسف شاهين وتلميذه المخرج خالد يوسف قد تنبأ منذ عام 2007 عندما اخرجا فيلم "هى فوضى" الذى كتبه ناصر عبد الرحمن عن القمع، الرشاوى، المحسوبيات، التزوير، الانحطاط الفكري والأخلاقي، الدوس على حقوق وحريات الناس وخصوصاً المساجين. كل تلك كانت مفردات شخصية أمين الشرطة حاتم، الذي يصل في استبداده لمرحلة اعتبار أنه السلطة وأن السلطة هو.. جسدت شخصية امين الشرطة "حاتم " حالة الفساد والتجاوزات والقهر الموجودة داخل مجتمعنا عن طريق استغلال منصبه أسوا استغلال لتحقيق مأربه ومصالحه الشخصية وتعتبر هذه الشخصية هي محور أحداث الفيلم. يعتبر "حاتم" أمين الشرطة الفاسد الطاغية والذي بكل تأكيد نموذج موجود على ارض الواقع , ولكن هل هو وحده الطاغية وهل الفساد والتجاوزات والانتهاكات موجودة فقط داخل وزارة الداخلية .... للأسف نموذج حاتم موجود فى كل مكان. المشهد العام يوكد ان حاتم موجود فى كل فئات وشرائح المجتمع وفى كل المؤسسات و وزارات الدولة. حاتم هو الأستاذ الجامعي الذي لا يتقى الله فى علمه ولا طلبته واتخذ مهنته تجارة فيتجار بالطلبة والعلم, حاتم هو الطبيب المستهتر الذى يعمل حسب فلوس المريض حتى لو انه يموت ويرفض معالجة المريض او اجراء عملية الا بعد دفع مبالغ " بالشى الفلانى " , وممكن يتعرض المريض للموت لرفض الطبيب او المستشفى دخوله الا بعد دفع مبلغ من المال. حاتم هو المهندس أو المقاول الذى يغش فى المؤن ويتسبب فى انهيار المبانى بسكانها ,هذا غير المبالغة فى اسعار الشقق واستغلال المواطنين اسوء استغلال. حاتم هو الصحفي أو الاعلامى الذى لا ينقل الحقيقة ويقوم بفبركة الاخبار الكاذبة والمضللة لإثارة الرأى العام وإشاعة الفوضى. حاتم هو القاضى الذى يحكم ظلم على ابرياء او يحكم بالبراءة على مجرمين , حاتم هو المحامى الذى يوافق على الدفاع عن مجرم وهو متاكد من اقترفه الجريمة, ويستغل ثغرات القانون حتى تتم تبرئته, المهم انه "حيدفع فى الاخر". حاتم هو السياسى الذى كل هدفه تحقيق اطماعه واهدافه الشخصية حتى لو تتعارض مع اهداف ومصلحة بلده وتعيق تقدمها. حاتم هو المدرس الذى يستخسر شرح الدرس ويقول المعلومة كاملة ولا يقولها غير فى الدروس الخصوصية " ام فلوس كتير " . حاتم هو الموظف الذى يعطل مصالح المواطنين ولا يعمل غير وهو فاتح الدرج من اجل الرشوة وتسير المصالح. حاتم هو الضابط الذى يستغل وظفيته وسلطته وسلاحه من اجل خلافات والمصالح الشخصية. حاتم هو كل فاسد او حرامى او مرتشى او مقصر فى مهام وظفيته او يستغل وظيفته من اجل مصالح شخصية. هذا ليس تبريراً للانتهاكات والتجاوزات التى يرتكبها البعض , بل هو محاولة لايضاح الصورة كاملة حتى نعى ان الفساد موجود فى كل مكان وقد تفشى خلال العقود الاخيرة الى درجة تهدد المجتمع والدولة فى كافة النواحى, يجب القضاء على ظاهرة حاتم فى كل مكان فى البلد. [email protected] لمزيد من مقالات داليا مصطفى سلامة