داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة كرمت وفود 192 دولة تاريخ وحياة الدكتور بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة فى جلسة خاصة فى نفس القاعة التى أدلى القسم بها عند توليه المنصب الدولى الرفيع منذ نحو ربع قرن. وقام بان كى مون الأمين العام الحالى بوضع باقة من الزهور حول صورته وظل لدقائق أمامها أجلال لقدر صاحبها . ووقف أعضاء الأممالمتحدة دقيقة حدادا على وفاتة وتحدثوا بأحترام ورثاء بالغ عن قيادته للمنظمة الدولية في فترة صعبة أثناء المدة التى شغل المنصب بها بين عامي 1992 و1996، ومساهماته في عمليات حفظ السلام بعد الحرب الباردة وتقديمه للأمم المتحدة أجندة السلام ومقترحات تحسين عمل الأممالمتحدة ، ودعمه لأهمية دور التعددية الثقافية والدينية واللغوية والحضارية لزيادة التقارب الأنسانى فى العالم بين الشعوب ، ليأتى تكريم الجمعية العامة أبلغ صور التعبير عن تقدير ووفاء المجتمع الدولي للدور القيم الذي قام به الدكتور غالي.. بدأ غالي عمله في حقبة جديدة صعبة داخل المنظمة الأكبر فى العالم ، وترأس أول قمة على الإطلاق لمجلس الأمن الدولي، التى جاءت رمزا قويا على رغبة قادة دول العالم فى بدء مرحلة جدية وتعظيم دور الأممالمتحدة بشكل أكبر من ذى قبل والتى أصدمت برغبة الدول الكبرى فى أستمرار سيطرتها على الأممالمتحدة رغم طلب بطرس غالى من القادة والرؤساء نريد أفكارا جديدة لتبنى الحياة الدولية على أساس قوي . ورأى مندوبو مصر والدول الأعضاء أن عطاء الدكتور بطرس غالي لوطنه ولإفريقيا والدول العربية والعالم نموذجًا فريدًا ستنهل من علمه أجيال مقبلة، وأنه ظل معبرًا عن انتمائه الوطني بجذوره الفكرية والثقافية والدينية المتنوعة، ومدافعًا صلبًا عن حقوق أمته العربية ومقدراتها، ومناضلًا إفريقيًا يفتخر بانتمائه لقارته وحق شعوبها فى الاستقلال والحرية والازدهار، وسياسيًا دوليًا مرموقًا يحمل مبادئ السلام والعدل والإخاء، و مثالا لمفاهيم التواصل والتسامح والتبادل المعرفي والثقافي بين الشعوب والثقافات والأعراق والأديان المختلفة. وتحدث فى التأبين السفير اللبناني نواف سلام نيابة عن المجموعة العربية عن الإرث الذي تركه الدكتور بطرس غالى المثقف الذي لم تثنه تحديات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والمصاعب التي واجهتها الأسرة الدولية عند بدء ولايته، عن طرحه لمبادرات هامة لا تزال تردد أصداؤها لغاية اليوم، فمن منا لم يسمع بأجندة السلام؟ وهي تصور الراحل الكبير لدور الأممالمتحدة في الدبلوماسية الوقائية وحفظ السلام وصنعه، ومن منا لا يطالب اليوم ببناء السلام وحفظه بدلا من إدارة الأزمات كما كان يدعو إليه فقيدنا ، ومن منا لا يعيد التأكيد اليوم على ضرورة أن تتسم الولايات الممنوحة لعمليات حفظ السلام بالواقعية وأن تزود بالموارد المالية الكافية؟ ومن منا لا يطالب بضرورة المحافظة على استقلالية منصب الأمين العام والأمانة العامة للأمم المتحدة للقيام بمهامها على أفضل وجه. لمزيد من مقالات عماد حجاب