لم يعد سرا الحديث عن تصدر البحريني الشيخ سلمان بن ابراهيم والسويسري جاني إنفانتينو الترشيحات في انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المقررة اليوم في زيورخ. وتخطف هذه الانتخابات أنظار العالم في جميع انحاء الكرة الارضية، وليس متابعي كرة القدم فقط، لان هذه المنظمة الكروية الاهم وقعت علي خط الزلازل منذ أشهر ولا تزال. وهناك ثلاثة مرشحين آخرين في الانتخابات هم الاردني الامير علي بن الحسين والفرنسي جيروم شامباني والجنوب افريقي طوكيو سيكسويل. وينظر كثيرون الي الانتخابات كنقطة انطلاق في درب الالف ميل لاستعادة هيبة الفيفا التي تلطخت كثيرا بالفساد في أسوأ فضيحة في تاريخه الذي يمتد لاكثر من قرن من الزمن. تبدو موازين القوي لتوزيع اصوات الجمعية العمومية واضحة الي حد ما مع اعلان معظم الاتحادات القارية توجهاتها لدعم مرشح معين وصبت معظمها ان لم يكن جميعها في صالح الشيخ سلمان وإنفانتينو. وبرغم ان التصويت سري ولا يلزم اي اتحاد وطني بالالتزام التام بقرار اتحاده القاري، فان التوجه العلني يعطي صورة واضحة عن شكل المنافسة. واعلن الاتحاد الاوروبي (53 صوتا) عن دعمه التام لمرشحه إنفانتينو، الذي زج به في المعركة في اليوم الاخير من باب الترشيحات، بعد الضربة التي تعرض لها بلاتيني بايقافه اولا لمدة 90 يوما مع بلاتر، ثم بايقافهما معا لثماني سنوات عن ممارسة اي نشاط كروي ثم تقليصها الي ست سنوات امس الأول الاربعاء. واوقف بلاتر وبلاتيني الذي كان ينظر اليه كأقوي المرشحين لخلافته بسبب مبلغ »مشبوه« حصل عليه الفرنسي من الفيفا في 2011 عن عمل استشاري قام به الاول للثاني بين 1999 و2002 بعقد شفهي. وفضلا عن اوروبا، اعلنت اميركا الجنوبية (10 اصوات) ايضا دعمها لاينفانتينو، وتميل اتحادات كثيرة في منطقة الكونكاكاف لدعمه مثل أميركا الوسطي (7 اصوات). وركز إنفانتينو كما سائر المرشحين علي الاصلاح والشفافية واعادة الهيبة الي الفيفا، وذهب بعيدا ايضا باطلاق وعود بتقديم مساعدات مالية تصل الي 5 ملايين دولار لكل اتحاد في مدي اربع سنوات في حال انتخابه، ما عرضه الي انتقادات من مرشحين آخرين منهم الشيخ سلمان. في المقابل، فان الشيخ سلمان يحظي بدعم الاتحاد الاسيوي (46 صوتا) الذي يرأسه منذ 2013، ونال ايضا دعم الاتحاد الافريقي (54 صوتا) ما يجعله ينطلق من أرضية صلبة من الاصوات. وكان الشيخ سلمان استبق اي حديث عن اتجاه التصويت بقوله في حديث ل«فرانس برس» في 31 من الشهر الماضي «اعتقد بان مرشحين اثنين فقط يمكنهما الفوز برئاسة الفيفا هما جاني إنفانتينو وانا». واضاف «جاني لديه دعم الاتحاد الاوروبي، وانا مرشح الاتحاد الاسيوي الذي دعمني ايضا، ومن خلال ما اسمع واما اشعر به اعتقد بأن الامر محصور بيني وبينه». وأعرب المرشح البحريني أيضا عن تفاؤله وثقته بامكانية الفوز بالقول «أنا متفائل ولدي الثقة بامكان الفوز برئاسة الفيفا». ودعا ايضا المرشحين غير القادرين علي المنافسة الي الانسحاب بتأكيده «ان اي مرشح يشعر بأنه غير قادر علي تأمين العدد الادني من الاصوات للمنافسة يجب ان ينسحب من السباق، وان لا يستعمل ترشيحه للمفاوضة علي منصب معين، فيجب ان نكون واقعيين بشأن من يملك افضل الفرص للفوز بالرئاسة». وقبل أيام من التصويت، اوضح الشيخ سلمان في تصريح آخر »تلقيت دعما كبيرا من كافة أرجاء العالم، وأنا سعيد بسير الحملة حتي الآن، ولهذا فإنني أدخل الأسبوع الأخير من الحملة بثقة حول مستقبل الاتحاد الدولي لكرة القدم«. وتميز رئيس الاتحاد الاسيوي بطرح انشاء كيانين في الفيفا تماشيا مع الاصلاحات التي من المتوقع التصويت عليها غدا ايضا. وقال الشيخ سلمان في برنامجه الانتخابي »علي تقسيم الفيفا الي قسمين، »فيفا كرة القدم« ويعني بادارة امور كرة القدم وتنظيم بطولات الفيفا المتعددة، و«فيفا لادارة الاعمال« يعني بكل الامور التجارية والمالية والتمويل. وتابع »فقط عبر الفصل الواضح لمصادر التمويل والاشراف علي تدفق الاموال التي يتم انفاقها يمكن ان يضمن اعادة ولادة فيفا جديد يخضع للمحاسبة ويستحق احترام الجميع«. ». وتعهد ايضا »بعدم تقاضي اي راتب وبأنه لن يكون له أي دور تنفيذي» في حال انتخابه رئيسا. وكان الامير علي (39 عاما) طالب باقامة حجرة اقتراع شفافة خلال الانتخابات لضمان »الشفافية« لكن لجنة الانتخابات رفضت طلبه. وقال الأمير على بن الحسين «وحدها حجرة اقتراع شفافة تسمح بالتأكد من ان كل ناخب يصوت بشكل صحيح، بضمير ومن دون ضغوط، ولمنع المصوتين من تصوير اوراقهم من اجل اثبات التزامهم بترتيبات تصويت معينة». لكن محكمة التحكيم الرياضي رفضت طلب الامير مساء امس الأول الاربعاء. وكان المرشح الاردني اوضح في مناسبات سابقة انه «واثق تماما« من الفوز بحال كان التصويت نزيها. وخاض الامير علي الانتخابات الشهيرة في 29 مايو الماضي ضد بلاتر، وحصل علي 73 صوتا من اصل 209 اصوات في الجولة الاولي، ثم اعلن انسحابه قبل انطلاق الجولة الثانية. وكان الامير علي مدعوما من الاتحاد الاوروبي في الانتخابات السابقة، لكن الاخير لديه مرشحه إنفانتينو هذه المرة. لا يملك الفرنسي جيروم شامباني مساعد امين عام الفيفا سابقا لاعوام والمقرب من بلاتر او رجل الاعمال الجنوب افريقي الذي سجن مع الزعيم نيلسون مانديلا بسبب التمييز العنصري، فرصا حقيقية للمنافسة في الانتخابات. وأغلب الظن ان احدهما (قد يكون سيكسويل ان لم ينسحب قبل موعد التصويت) سيخرج من الجولة الاولي للتصويت حيث من المتوقع ان يكون مجموع اصواته كعدد اصابع اليد، علي ان يحصد الفرنسي ضعف اصواته، ولكن ذلك لن يساعده بشييء في الجولة الثانية. لا تزال تداعيات الانتخابات الماضية مستمرة حتي الان، ويبدو انها لن تتوقف قريبا، حيث يتابع الجميع كل صباح ان كانت هناك اعتقالات جديدة لمسئولين في الفيفا. فقبل يومين من التصويت في الانتخابات السابقة، وتحديدا في 27 مايو 2015، اقتحمت الشرطة السويسرية الفندق الرسمي للوفود واعتقلت بناء علي طلب من القضاء الاميركي مسئولين بارزين أهمهم جيفري ويب من جزر كايمان الذي كان في حينها رئيسا للكونكاكاف ونائبا لرئيس الفيفا، كما وجهت التهم الي مسئولين آخرين، وشركاء في شركات للتسويق الرياضي. تاريخ عريق للفيفا شوهته فضائح الفساد أبصر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) النور في 21 من مايو 1904 في باريس، وتشكلت الهيئة التأسيسية من سبع دول هي فرنسا والدنمارك وبلجيكا وهولندا واسبانيا والسويد وسويسرا. وشوهت التاريخ العريق للفيفا فضائح الفساد التي تضربه منذ أشهر وأدت الي اعتقالات بالجملة لمسئولين بارزين فيه، فرضت اجراء انتخاب جديدة مقررة اليوم، وتبني اصلاحات أملا باستعادة الثقة والهيبة. يعود الفضل في ذلك الي الجهود التي بذلها الفرنسي روبير جيران والهولندي س. هيرشمان اللذين اعتبرا ان تنظيم شئون الاسرة الكروية وضمها الي هيئة واحدة امر ضروري، فكانت ولادة الاتحاد الدولي وعين جيران اول رئيس له. حاول جيران الحصول علي دعم انجلترا كونها مهد كرة القدم، لكنه فشل في مسعاه لانها اعتبرت خطوته انتقاصا من وزنها في اللعبة، فقاطعت الاتحاد قبل ان تنضم اليه في العام التالي. وكادت الحرب العالمية الاولي تقضي علي الاتحاد الدولي لكن العاصفة مرت، ثم عرفت كرة القدم طريقها الي دورات الالعاب الاولمبية عام 1920 في مدينة انتورب البلجيكية. ولئن شهدت المسابقة نجاحا واقبالا جماهيريا، فانها لم تخل من مشكلات سببها اشراك بعض المنتخبات لاعبين محترفين وهو ما كان منافيا لروح الالعاب الاولمبية الحديثة التي كان وراءها الفرنسي بيار دي كوبرتان، واضطر الاتحاد الي استبعاد ثلاث دول هي تشيكوسلوفاكيا والنمسا وانجلترا، فقاطعت الاخيرة الفيفا من جديد قبل ان تعود الي احضانه عام 1924، لكن شهر العسل لم يدم طويلا فانسحبت ولم تعد الي كنفه هذه المرة الا عام 1946. وفي هذه الاثناء تزايد عدد اعضاء الاتحاد وبلغ 41 بلدا عام 1930. وبعد النجاح الذي حققته اللعبة في اولمبيادي 24 و28، بدأ الاتحاد الدولي يفكر جديا في تنظيم بطولة عالمية خاصة به، فعقد اجتماعا في امستردام عام 1928 برئاسة الفرنسي جول ريميه وتقرر اطلاق مسابقة كأس العالم وحدد عام 1930 موعدا لها فاقيمت في الاوروغواي. واثر النجاح المنقطع النظير الذي عرفته الدورات الاولي والثانية والثالثة، عقد الاتحاد الدولي اجتماعا عام 1946 واطلق اسم جول ريميه علي الكأس تقديرا للجهود التي بذلها في اطلاق البطولة. وراحت قوة الاتحاد الدولي تتنامي شيئا فشيئا حتي اطلق عليه لقب «الاممالمتحدة لكرة القدم» واكبر امبراطورية في التاريخ، وصارت كرة القدم لغة تواصل واحدي الادوات التي تظهر تقدم هذا البلد او ذاك. وفي بداية الخمسينات، زاد عدد الدول المنتسبة الي الاتحاد الدولي بعد تأسيس الاتحادين الاسيوي والاوروبي عام 1954، علما بان الاتحاد الاميركي الجنوبي تأسس عام 1916، والاتحاد الافريقي عام 1956، واتحاد الكونكاكاف (اميركا الشمالية والوسطي والبحر الكاريبي) عام 1961. واصبح الاتحاد الدولي مؤسسة ترعي شئون اللعبة من جوانب عدة، فهناك لجان للمالية والاخلاق والانضباط والحكام والاعلام والتطوير . ويعقد الاتحاد كل سنتين اجتماعا يدرس فيه اخر التطورات وادراج قوانين جديدة.ويضم الاتحاد الدولي حاليا 209 اتحادات وطنية، ويشرف علي مسابقات عدة لعل ابرزها الي كأس العالم: الدورات الاولمبية وكأس العالم للشباب وكأس العالم للناشئين وكأس العالم للسيدات وكأس العالم داخل قاعة مقفلة وكأس العالم للأندية. ويتخذ الاتحاد الدولي من زيوريخ (سويسرا) مقرا له منذ عام 1932. ودشن الفيفا مقره الجديد عام 2007 وبلغت كلفته الاجمالية 150 مليون دولار، وهو مجمع ضخم مصنوع بمجمله من الزجاج في الواجهة الخارجية له. ويتضمن المبني خمسة ادوار تحت الارض وقاعة رياضة، واخري للتأمل، وحديقة وملعب كرة قدم حقيقي. تحول الفيفا من مؤسسة تضم 11 عاملا بدوام كامل عام 1975 الي منظمة ضخمة يعمل فيها حاليا حوالي 400 شخص. طريقة التصويت
تصوت الاتحادات ال209 المنضوية تحت لواء الفيفا اليوم في زيورخ لانتخاب رئيس جديد خلفا للسويسري الموقوف جوزيف بلاتر. تملك افريقيا أكبر عدد من الاصوات (54 صوتا) أمام أوروبا (53 صوتا، جبل طارق غير معترف بها من الفيفا)، وآسيا (46 صوتا، يحق ل44 فقط التصويت بسبب ايقاف الكويت واندونيسيا من قبل الفيفا) والكونكاكاف (اميركا الشمالية والوسطي والكاريبي (35 صوتا)، واوقيانيا (11 صوتا) ثم اميركا الجنوبية (10 اصوات). يخرج من السباق بعد الجولة الاولي من التصويت المرشح الذي يحصل علي العدد الاقل من الاصوات. ومن غير المرجح نظرا لظروف المعركة وتوزيع الاصوات ان يحصل أى مرشح علي الثلثين لحسم الرئاسة من الجولة الاولي (اي أكثر من 137 صوتا). وتشير التوقعات الي ان الفائز بالرئاسة سيحسم من الجولة الثانية التي ستضم المرشحين المتبقين، حيث يكفي اي مرشح الحصول علي نصف عدد الاصوات زائد واحد للفوز، اي 104 اصوات. الرؤساء السابقون 1904 -1906: الفرنسي روبير جيران 1906-1918: الانجليزي دانيال وولفول. 1921-1954: الفرنسي جول ريميه. 1954-1955: البلجيكي سيلدرييرز. 1955-1961:الانجليزي ارثر دروري. 1961-1974: الانجليزي ستانلي راوس. 1974-1998: البرازيلي جواو هافيلانج. 1998- حتي يونيو 2015: السويسري جوزيف بلاتر. 8 اكتوبر 2015 حتي الان: الكاميروني عيسي حياتو (رئيسا بالوكالة بعد ايقاف بلاتر).