لم يعد الإنفلات الأخلاقى الذى يشهده المجتمع وقفا على المظاهر الخادشة للحياء أو السباب والألفاظ المبتذلة أو ترويج الشائعات والأكاذيب، فقد انتشرت حالة العشوائية والفوضى المرورية والسير عكس الاتجاه وافتراش الأرصفة من قبل الباعة الجائلين وأصحاب المقاهى والمتاجر،وغيرها من المظاهر التى يغفل الفرد فيها أنه تعد على حق غيره بل وعلى حق الطريق بشكل عام، غافلا ما أمرنا به الله عز وجل، وتحذير رسوله صلى الله عليه وسلم:سإياكم والجلوس فى الطرقات قالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال فأما إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه، قالوا: يا رسول الله فما حق الطريق؟ قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر». كما حرم الشرع قطع الطريق وإخافة الناس فيه, وأوجب الحد على من يخيف الناس أو يأخذ أموالهم أو يتعرض إليهم فيها, فقال الحق سبحانه:(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم), ويقول الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الشريعة والقانون الأسبق، إن إتباع قواعد وقوانين المرور والتزام المواطن بتطبيقها واجب شرعى وتركه فيه معصية، وإلا يكون قائد المركبة عاصيا لله تعالى إذا لم يستجب لهذه التعليمات ذلك أن المواطنين جميعا مأمورون بطاعة ولى الأمر فى قول الله تعالي: زوأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكمس النساء59، فهنا رجال المرور والقائمون عليهم هم ولاة الأمر فى هذا المجال ومن ثم فأمرهم واجب الالتزام به وتنفيذه، وبدون ذلك يكون المسلم عاصيا لربه إذا لم يلتزم بطاعة ولى الأمر. وأضاف: إن عدم تنفيذ تعليمات المرور يمثل من الناحية الإنسانية إلقاء الإنسان نفسه فى التهلكة وهو منهى عن ذلك لقول الله تعالي: زولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكةس البقرة 195، ولا شك أن قائد السيارة عندما يقودها بخفة ورعونة أو سرعة زائدة أو فى أى مخالفة فهو ألقى بنفسه فى التهلكة كما أنه سيهلك غيره، وأيضا من يفعل ذلك يكون عاصيا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة الوداع حيث قال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم» وقائد السيارة الذى يخالف تعليمات المرور يعرض نفسه وغيره للهلاك مع أنه ممنوع من ذلك شرعا وإذا فعل ذلك عمدا فإنه يجب القصاص منه فيما أتلف أما إذا فعله بخفة ورعونة فإنه يعاقب بعقوبة القتل الخطأ . وينصح الدكتور أبو طالب المواطنين الذين يقومون باستخدام الطريق بغير ما هو مخصص له سواء بالاستيلاء على الأرصفة واستخدامها لوضع بضائعهم عليها أو كمقاهى منتهكين بذلك حق المواطنين فى السير عليها مما يعرض حياتهم للخطر بنزولهم فى نهر الطريق مشاركين قائدى المركبات طرق سيرهم، فهؤلاء غافلون عن حق الطريق وعدم اتباعهم للمبدأ الشرعى لا ضرر ولا ضرار، ومن يحتل الشوارع ويسد الطرقات ويحول دون تحقيق السيولة المرورية هو بذلك يعتدى على حق المواطنين جميعا من جانبه أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الأسبق، أن الالتزام بقوانين المرور ضرورة شرعية، وذلك لأن نظام الإسلام السياسى والاجتماعى والخلقى مبنى على أركان ثلاثة: الأول طاعة الله فى الأمر والنهى والأسباب والمسببات، والثانى طاعة الرسول فيما بينه لنا القرآن وفيما تم تشريعه من أحكام فمن يطع الرسول فقد أطاع الله، والثالث طاعة أولى الأمر كل فيما يخصه ومناصحتهم بالاقتراحات الممكنة المدروسة، وقال العلماء المراد من مناصحة أولى الأمر وهم الحكام والعلماء والخبراء، هو الدعاء لهم وترك مخالفتهم ومعاونتهم على الحق، وطالب مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام بترغيب المواطنين فى الالتزام بقواعد وقوانين المرور .