بعد رجوع الدكتور سعد الكتاتني وفريقه المكون من 10 أعضاء 3 من هيئة المكتب و7 من كبار الأحزاب بالبرلمان خاسرين بالضربة القاضية في مقابلتهم مع المجلس العسكري لإسقاط حكومة الجنزوري. وكان من بين محاور النقاش الاستفسار عن تأكيد موعد تسليم السلطة وتصريحات العسكري بإعلان دستور مكمل، وموقفه من أحداث العباسية ومحيط وزارة الدفاع ومحاكمات المقبوض عليهم في الأحداث، ومصير الاستجوابات التي يقدمها نواب البرلمان للحكومة والتي تضيع هباءا منثورا، وقد علمت عصفورة العصافير توقعات بصدور العسكري قريبا جدا إعلانا دستورا وتكميليا بعد اختلاف القوي السياسية والوطنية مع البرلمان بجناحيه "الأخوان والسلفيين" علي السيطرة علي تأسيسية الدستور وتصميم العسكري علي الانتهاء من الدستور قبل انتخاب الرئيس وتسليم السلطة، ويشمل الإعلان التكميلي "المنتظر" تعديلا لبعض المواد محل الخلاف في الإعلان الدستوري الحالي متضمنا صلاحيات للرئيس المنتخب بنصوص واضحة المعالم في علاقته بالبرلمان "لو لم يحله الرئيس مستندا لحكم الدستورية العليا بعد شهر" وبقية السلطات المختلفة بالدولة "منها العسكري" بالإضافة إلي تعديل للمادة "60" بوضع ضوابط محددة للبرلمان في اختيار تأسيسية الدستور "خارج البرلمان" وتعديل المادة "28" لتحصين الرئيس المنتخب من "قرار إداري" للطعن عليه ويتم العمل بهذا "التكميلي" كدستور مؤقت للبلاد، ووضع دستور دائم بدون تسرع أو توجيه وينتهي في العام الأول لتولي الرئيس المنتخب سلطة البلاد. وإن كان يري فريقا هذا الإعلان التكميلي حلا وحيدا لخروج البلاد من أزمتها السياسية وخاصة بعد اجتماعا للعسكري مع "35 شخصية من خبراء القانون في 21 إبريل الماضي"، إلا أن هناك ردود متباينة من فقهاء القانون الدستوري من "التكميلي" ليحدد صلاحيات رئيس الجمهورية في حالة عدم الانتهاء من وضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة فمنها يري التكميلي أنه "يجوز" للعسكري وضعه كما وضع الإعلان الدستوري "باستفتاء شعبي" في 19 مارس العام الماضي ويجري عليه أيضا "استفتاءا"، ويري آخر أنه البديل الوحيد لعدم العودة إلي "دستور 71" الذي مختلف من البعض "بإسقاطه أو تعطيله" لاستحالة إجراء انتخابات رئيس جديد بتحديد صلاحياته، ومعللا بوجوب أن يحتوي الإعلان التكميلي 3 نقاط حقوق البرلمان في استجواب الحكومة وسحب الثقة منها، وصلاحيات الرئيس في حل البرلمان، وثالثا حق الرئيس في الاعتراض علي القوانين التي يصدرها البرلمان، ويري آخر أنه يجوز للعسكري إصداره وفقا لقاعدة تقابل أو توازي الأشكال في علم القانون الدستوري المستقرة في قضاء مجلس الدولة الفرنسي المصري أو إعمالا لسلطة العسكري التي تملك تعديله أو الإضافة إليه أو إلغاءه باستثناء "9 مواد" التي تم استفتاء الشعب عليها فقط. بينما يري فقهاء دستوريين بأنه "لا يجوز" للعسكري إصدار إعلانا دستورا تكميليا إلا في حدود فترة وجوده فقط التي تنتهي بانتخاب الرئيس الجديد وتسليم السلطة، حيث لا يجوز تحديد مهام رئيس جمهورية مقبل إلا من خلال جمعية تأسيسية وإعلانه للاستفتاء الشعبي الذي وحده من يحدد اختصاصات وسلطات رئيس الجمهورية حتى وإن صدر بعد انتخابه، وتطبيقا لمبدأ "لا يجوز للسلف أن يضع للخلف سلطاته واختصاصاته"، ويروا أيضا بأنه لا ضرورة لوضع إعلان دستوري جديد أو مكمل أو أحياء دستور 71 إلا بوجود مصالح شخصية حيث أنه لن يضع ضوابط ومعايير الجمعية التأسيسية للدستور بل سيتضمن مبادئ دستورية جديدة تحكم الفترة المقبلة لحين وضع الدستور مما يعقد الأمور أكثر وسيزيد النار اشتعالا مما يستوجب "للعسكري" ترك أمر الدستور، ويري طرف ثالث أنه لا مانع من كتابة الدستور في شهر واحد لأن البنود المختلف عليها فقط صلاحيات رئيس الجمهورية وعلاقته بالبرلمان، ومتخوفا من احتمالات 40% بعدم تسليم العسكري للسلطة في حالة عدم كتابة الدستور قبل 30 مايو المقبل، وأنتقد سياسيون صدور إعلان دستوري جديد بأنه نوعا من "الترقيع" بمنح سلطات جديدة للعسكري تمكنه من التحكم الفعلي للبلاد، وخاصة أنه لم يتبق علي انتخابات الرئاسة سوي أسابيع قليلة، بالإضافة إلي أتفاق الجميع علي إنهاء المرحلة الانتقالية وهو ما يتناقض باللجوء للعسكر. والسؤال من هم المسئولين عن هذا النفق المظلم و محاولات عرقلة اختيار جمعية تأسيسية سواء بوضع مادة جدلية بالاختيار من داخل البرلمان أو خارجه واستقطاب البعض لزرع الفرقة والفتنة وإشعال أزمات تلو أزمات لأهواء خفية تحرق قلوب أحلامها بسيطة فتصبح دماءها رخيصة، وهو من خالف تصريحه الأخير بعد التدخل في وضع الدستور وتشكيل التأسيسية وإنما فقط للتوفيق ونبذ الخلافات والصراعات وربما اللجوء للعمل بدستور 71 مع إجراء تعديلات يتفق عليها الأحزاب والقوي السياسية "المستأنسة"، أو لآخرين كانوا في لحظة طوق النجاة فأصيبوا بأمراض الإنفراد والهيمنة وشهوة التكويش وترك الشعب الذي انتخبهم واتي بهم من غياهب السجون لمقاعد السلطة من أجل تحقيق أهداف الثورة والتخلص من الفاسدين والخروج لبر الأمان لا من أجل فاسدين جدد ليسوا "ماليا" وإنما دخول أنفاق مظلمة وأوهام زائفة ومعارك ليس وقتها وقرارات وتشريعات متأخرة يراعي فيها ليس مصلحة البلاد والعباد وإنما الهوى والانتقام، فيا تري بعد فشل هذه الأغلبية الكاسح في تحقيق مطالب الشعب والثورة وحربها لإسقاط الحكومة بعد تشكيل التأسيسية فأي سيناريو منتظر بعد ردها المبدئي طبقا لرأي الجماعة وجناحها "حزب الحرية والعدالة" علي الإعلان الدستوري التكميلي أن هذا انقلابا علي الشرعية البرلمانية المنتخبة "بإرادة شعبية" وأن المادة 56 من الإعلان الدستوري القائم تحدد اختصاصات الرئيس وإذا كان لابد من ذلك فليضعها مجلس الشعب وليس المجلس العسكري، متناسين أن الأزمة أكبر بكثير من اختصاصات الرئيس بل العلاقة داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والسلطتين التنفيذية والتشريعية، أو كيفية تكليف الرئيس لأحزاب الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة أو لا، أو حق البرلمان في طرح الثقة بالحكومة أو لا، والإجراءات في حالة اعتراض الرئيس علي قانون أقره البرلمان، واختصاصات الرئيس المباشرة أو التي تحتاج موافقة مجلس الوزراء أو رأي المجلس، والإجراءات في حالة استقالة الرئيس أو عجزه أو وفاته.. فهل الإعلان الدستوري التكميلي سيجيب علي ذلك أم العودة إلي دستور 71 الذي نص العسكري في إصداره لإعلانه الدستوري الأول في 13 فبراير 2011 علي "تعطيل العمل به" وليس إلغائه فيعلن إعادة العمل به مع إدخال التعديلات التي استفتي عليها في 19 مارس لان تولي الرئيس الجديد سلطاته طبقا للإعلان الدستوري القائم سيزيد البلد ارتباكا وإصدار إعلان تكميلي سيزيد الطين بللا وربما يكون "السم في العسل "!!. المزيد من مقالات محمد مصطفى