فى الثمانينيات لعبت الأمسيات والندوات الدينية دورا بالغ الأهمية فى مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم ونشر القيم الأخلاقية بين الشباب. وكانت « ندوة الرأى » التى أدارها فى ذلك الوقت الإعلامى حلمى البلك ومعه مجموعة من كبار العلماء والدعاة ومنهم الدكتور عطية صقر رحمه الله، والدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق رحمه الله، وعدد من العلماء والدعاة، تجربة ناجحة للتواصل مع الشباب فى الجامعات والمدارس والنوادى والمصانع والشركات، فى مختلف محافظات الجمهورية التى شهدت فى فترة الثمانينيات، عددا كبيرا من الأمسيات والنداوت الدينية، وكان كبار العلماء والدعاة يواجهون الحجة بالحجة والفكر بالفكر. وها هى وزارة الأوقاف تعيد الأمسيات الدينية إلى الحياة مرة أخرى فى إطار جهودها لتصحيح لمفاهيم الخاطئة ومواجهة الفكر التكفيرى ونشر القيم الأخلاقية بين الشباب، وقررت، عودة الأمسيات الدينية مرة أخري، وتنظيم أمسية مساء يوم الخميس من كل أسبوع، بمشاركة نخبة من العلماء المستنيرين، والقراء والمبتهلين، كخطوة مهمة لمواجهة الدخلاء على الدعوة، الذين يحاولون نشر أفكارهم المسمومة بين الشباب، وسعيا نحو مزيد من التواصل مع الشاب وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة. ويقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الأمسيات سيتم تنظيمها بالتعاون مع نقابة القراء، وتبدأ بالمساجد الكبرى كالحسين وعمرو بن العاص والسيدة نفيسة والسيدة زينب ومصطفى محمود، على أن يتم التوسع فيها مستقبلا فى كل المحافظات. وستهتم بالتركيز على إحياء القيم الأخلاقية، والإنسانية، وتقوية الجانب الإيمانى والحس الوطني، وأواصر الترابط الاجتماعي، كما سيتم نشر أماكنها ومواعيدها خلال الفترة المقبلة. وتم رفع إسهام الوزارة لنقابة قراء القرآن الكريم إلى 100 ألف جنيه بدلا من 50 ألفا، فى إطار اهتمام الوزارة بحفظة القرآن الكريم وتقديم جميع الخدمات الاجتماعية والثقافية والدينية لهم للقيام بدورهم فى التحفيظ ودعم مشروع الكتاتيب الحديثة التى تنفذها الوزارة، وزيادة بدل المقارئ والمبالغ المالية للمشايخ، وكذلك سداد كل المستحقات المالية للوزارة لدعم النقابة حتى عام 2015. كما تتضمن الخطة تنظيم قوافل دعوية بمختلف المحافظات برئاسة وكلاء الوزارة بالمحافظات، على أن تضم دعاة الأوقاف والمحفظين من نقابة القراء وعلماء الأزهر لتحفيظ القرآن الكريم ونشر القيم الأخلاقية والإيمانية والإنسانية فى المجتمع. من جانبه أوضح الشيخ محمد عبد الرازق، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، أنه سيتم تنظم أمسية دينية يوم الخميس من كل أسبوع، يأتى ضمن خطة الأوقاف لنشر الوسطية والاعتدال ومواجهة التطرف، مشيرا إلى أن الوزارة سوف تضع خطة واضحة لهذه الأمسية، لتؤدى دورها المنشود، وسوف تتناول الأمسية كل أسبوع قضية من القضايا التى تمس الواقع، ويقوم علماء الدين بالرد وتصحيح المفاهيم، لتوعية الشباب . إحياء الأخلاق والقيم علماء الدين من جانبهم، أكدوا أن الأمسيات الدينية لها دور كبير فى مواجهة التطرف والإرهاب، وطالبوا بأن تركز هذه الأمسيات على إحياء الأخلاق والقيم ومواجهة التشدد، من خلال الرد على القضايا التى يطرحها الشباب. وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الأمسيات والندوات الدينية تلعب دورا كبيرا فى تصحيح المفاهيم ومواجهة التشدد، وكانت هناك تجربة ناجحة فى فترة الثمانينيات، وتمثلت فى «ندوة للرأى»، والتى كان يديرها الإعلامى حلمى البلك، موضحا أنه شارك فى هذه الندوات ومعه مجموعة من كبار العلماء والدعاة ومنهم الدكتور عطية صقر رحمه الله، والدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق رحمه الله، وعدد من العلماء والدعاة، وكانت تنتقل للشباب فى الجامعات والمدارس والمصانع والشركات، وكان الشباب يسأل عن كل ما يريد، وكان العلماء يحاورون الشباب ويصححون المفاهيم الخاطئة، وكانت هناك حرية فى طرح الأسئلة من جانب الشباب، وقد لعبت هذه الندوات دورا مهما فى تصحيح الأفكار، لدرجة أن عددا كبيرا من الشباب، كانوا يلتقون بنا، ويقولون: لقد أنقذتمونا من فكر مظلم كنا قد وقعنا خطأ فيه، بسبب أشخاص لهم أهواء مشبوهة، وبالتالى فقد أدت هذه الندوات دورها المنشود فى تصحيح المفاهيم ومواجهة التشدد. إحياء الأخلاق وفى سياق متصل يؤكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن الأمسيات الدينية والندوات فى المساجد، تمثل عودة لما كانت عليه المساجد فى الماضي، موضحا أن هذه اللقاءات يكون لها دور كبير فى نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة وتوعية الشباب، وكذلك مواجهة الدخلاء على الدعوة. وطالب بألا تكون الأمسيات مجرد استماع إلى تلاوة القرآن الكريم أو التواشيح والابتهالات، وإلقاء كلمات عابرة لا تمس الواقع، لكن ينبعى أن تكون هناك خطط واضحة، بالموضوعات التى لابد أن تركز عليها هذه الأمسيات . ويقترح بأن تتناول الأخلاق الإيجابية، بهدف غرس القيم النبيلة لدى الأجيال الجديدة، وذلك لأن جمهور المستمعين أصيب بالملل من المواعظ والرقائق. مواجهة التطرف وفى سياق متصل طالب الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، بأن تركز الأمسيات على دراسة الأفكار المتطرفة والرد عليها، ولا نكتفى برد الفعل فقط، بل لابد من المبادرة بتحذير الشباب من خطورة الجماعات التى تقتل وتدمر باسم الإسلام، لأن الإسلام هو دين التسامح والتعايش السلمى وقبول الآخر، ولابد أن تتناول الأمسيات موضوعات تمس واقع المجتمع، فتركز على حب الأوطان وخطورة التعدى على الممتلكات العامة والخاصة، وذلك لأن الجماعات المتطرفة تتاجر ببعض المفاهيم مثل الجهاد ودار الكفر ودار الإسلام، وتخدع الشاب بتفسيرات خاطئة، ولذلك لابد من المبادرة بتوضيح هذه الأمور للشباب.