علي رغم أن الحكومات في العصر السابق قبل الثورة لم تجرؤ علي إلغاء الدعم عن البنزين والبوتاجاز, إلا أننا هذه الأيام نسمع ونتابع مناقشات وتصريحات لحكومة الجنزوري حول إلغاء الدعم علي البنزين ورفع سعراسطوانة البوتاجاز الي25 جنيها, وكأن الثورة قامت لإلغاء الدعم عن محدودي الدخل في حين أن دعم رجال الأعمال بالوسائل المختلفة مازال يسير علي قدم وساق والسؤال هل في هذه الظروف التي نمر بها يكون الحديث عن رفع الدعم.. وكيف يتحقق ذلك بدون أي تأثير سلبي علي غالبية المواطنين؟! في البداية, يقول الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية السابق, إن كل الاقتراحات المطروحة الآن والإجراءات التي تتخذ في شأن طرح كوبونات سواء للبوتاجاز أو البنزين سبق وقدمتها في برنامجي للحكومة, وذلك لسد العجز بالموازنة العامة, لأن حجم الدعم المقدم لهذه السلع يجب تحويله لدعم الصحة والتعليم. ويؤكد الببلاوي أن الدعم فكرة نبيلة لحماية المحتاجين, ولكن في حقيقة الأمر يستفيد منه القادرون وليس الفقراء, بالاضافة الي أن الدعم يكبل الدولة عن تقديم الخدمات للمواطنين. واسلوب الكوبونات في مصلحة البلد ومعناه أن نعطي كمية محدودة علي قدر احتياجات الفرد, ومن يستهلك أكثر يدفع النسبة التي يستهلكها وبسعر أعلي. أما الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق, فيؤكد أن قضية الدعم هي أخطر مشكلة اقتصادية نواجهها وهي كالعملية الجراحية التي تحتاج لجراح ماهر ليداويها بحكمة, ويعالجها دون أن يضر بأماكن أخري, فيجب عند اقتراح أي حل في قضية الدعم ألا يمس من بعيد أو قريب بمحدودي الدخل لأنهم لن يستطيعوا تحمل أي أعباء أخري. وعند طرح فكرة كوبونات البوتاجاز فيجب ان تخصص لمحدودي الدخل بسعر لا يزيد علي خمسة جنيهات, أما المطاعم والمحال فتأخذها ب25 جنيها. وعن الغاز والبنزين والسولار فيجب عدم المساس ببنزين80, أما ال95,92,90 فيمكن عمل كوبونات تسلم مع الرخص, ومايزيد علي الكوبونات يشتري بالسعر الجديد مع رفع الدعم عن المصانع الثقيلة مثل مصانع الأسمنت والحديد وغيرها, وبهذا نخفف العبء عن كاهل الدولة, كما يؤكد علي لطفي عدم رفع أسعار السولار بالنسبة لسيارات النقل لأنها ستؤدي الي ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي ينقلونها مما سيضر بمحدودي الدخل. {{ أما الدكتور ماهر السكري مدير معهد بحوث البترول الأسبق, فيقول إننا لا نشتري البترول بل يتم اكتشافه محليا, فلماذا يريد البعض بيعه للمصريين بالأسعار العالمية في حين أن كل بلاد العالم التي تمتلك البترول تمنحه لمواطنها بأسعار أرخص من المياه مثل السعودية والسودان. ويري السكري أن البترول هو ثروة البلد, ويجب توزيعه علي المواطنين, ولا نعلم معني أن تضبط كل يوم كميات كبيرة من البنزين في أثناء تهريبها إلي السوق السوداء أو من خلال أنفاق غزة أو للمراكب التي تذهب لبعض الدول التي تستخدمها كمذيبات عضوية في الصناعة, في الوقت الذي يدفع فيه المصريون الفقراء الثمن, فأغلب العامة لديهم سيارات بالتقسيط مما يجعله يواجه بعد ذلك أزمة البنزين. ويؤكد السكري أنه يجب علي الحكومة والبرلمان حل أزمة الوقود دون تحميلها علي الفقراء, فمصر تنتج بنزين29,90,80 محليا, ويوجد فائض منه, وما يتم استيراده هو بنزين95 فقط. ويؤكد السكري أن الحكومة بطرحها فكرة الكوبونات ورفع الدعم عن المواد البترولية تزيد الأزمة علي الفقراء لأن ذلك سيؤدي الي ارتفاع أسعار اللحوم والخضار ورغيف العيش والمواصلات, وسيمثل عبئا كبيرا علي الشعب المصري, خصوصا محدودي الدخل فلا نعرف لماذا تريد الحكومة محاسبة المواطن المصري علي سعر البترول بالأسعار العالمية في حين أنها لا تراعي ذلك في الأجور التي تمنحها للعاملين بكل القطاعات. ويضيف السكري, أنه إذا كانت الحجة أن الدعم للوقود يكلف الدولة المليارات, فهذا شيء غير حقيقي, لأن أغلب هذه الحصص لا تستوردها من الخارج, فكلمة دعم تتأكد عندما تستورد الدولة من الخارج, بمبالغ كبيرة ثم تبيعها للمواطن بأقل من ثمنها وتتحمل الدولة باقي التكلفة, وهذا لا يحدث, لأن المنتج يخرج من باطن الأرض المصرية, ولا يتم استيراده من الخارج. أما عن السولار هو الذي نستورده من الخارج ومع ذلك هو خط أحمر لأنه بارتفاع سعره يؤثر علي أسعار باقي السلع كما حدث في السابق عندما تم رفعه من60 قروشا الي110 قرش فارتفعت الأسعار لكل المواد الغذائية, واذا تم رفعه مرة أخري سيؤثر علي قطاع النقل وسيؤدي الي أزمة رهيبة. ويري الدكتور حامد مرسي عميد كلية تجارة السويس, أن قرار توزيع الغاز والبنزين والسولار بكوبونات علي المواطنين خاطيء, وسيوجد سوقا سوداء, ووقع ضرره شديد علي الاقتصاد وهذا تفكير سطحي والأفضل رفع الدعم عن الطاقة المستخدمة في المصانع والشركات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل شركات الأسمنت التي بيعت للأجانب, وشركات الأسمدة التي تصدر كل منتجاتها للخارج دون أي عائد علي الاقتصاد المصري لمصلحة الأجانب, وشركات الحديد التي تبيع لنا المنتج الخاص بها بالسعر العالمي, وشركات السيراميك وغيرها من الصناعات كثيفة الطاقة, وذلك يوفر للاقتصاد المصري56 مليار جنيه بدل التفكير في إذلال الفقراء ومحدودي الدخل. ويري مرسي أن الادعاء بأن المقصود هو شركات النقل, فهي التي تنقل البضائع والمنتجات التي يحتاجها غالبية الشعب المصري. وفي حال رفع السولار عليها فالمتضرر الأول والأخير هو المواطن الغلبان. ويضيف مرسي, اذا أردنا رفع الدعم دون تأثير علي محدودي الدخل, فيجب رفعه عن رجال الأعمال والذين يكلفون الدولة أكثر من ثلاثة مليارات جنيه عن طريق دعم الصادرات, فالشيء المؤسف أن الدولة تدعم المصدر حتي يبيع السلع المصرية بالخارج بأرخص الأسعار, وبهذا تحرص الحكومة المصرية علي دعم المواطن الأجنبي وتطعن المواطن الفقير في مقتل عن طريق إزلاله وتهديده برفع الدعم عنه, مع أنها تترك أموال بالمليارات في الصناديق الخاصة والتي تصرف للمحاسيب ليصرفوا منها المكافآت بالملايين وإذا استغلت هذه لأموال فلن تحتاج الي فكرة رفع الدعم عن المطحونين. أما أمينة حلمي كبيرة الاقتصاديين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية فتري أن فكرة الكوبنات المطروحة محاولة لمنح المستحقين بالفعل ولكن هناك ضرورة لتحديد من هم المستحقون والبحث عن الطريقة المثلي لوصول الحق اليهم. لأنه لا توجد قاعدة بيانات في المناطق الريفية أو العشوائية مما يجعل هناك صعوبة في تحديدهم أو الرقابة علي عملية توزيع الكوبونات نفسها الأمر الذي سيفتح وسيلة للتربح من وراء تلك الكوبونات في طريق توزيعها من خلال احتكار تلك الكوبونات وتوزيعها بأسعار مختلفة. وسيؤدي ذلك الي انهاء الهدف منه وهو وصول الحق الي أصحابه وهم الفقراء ومحدودو الدخل. وتري أمينة حلمي أن الأهم من وجود الدعم هو حصول المواطن علي دخل مناسب وخدمات تساعده في الحياة وحين يحدث هذا سيقل احتياجه للدعم. {{ أما نشأت الريهي الخبير الاقتصادي فيري أن فكرة توزيع المواد البترولية بكونات خطوة جيدة في طريق ترشيد الدعم ولكن تطبيقها يجب أن يكون وفقا لآليات وتوقيت مناسب فيجب علي الحكومات القادمة ضبط منظوة الأجور حتي تتلاءم مع المستويات العالمية ومن ثم يمكن تحرير السلع لإستراتيجية سواء من مصروفات ومواد غذائية. ويري الدكتور عبدالغفار شكر وكيل مؤسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أنه لابد من حل جوهري لقضية الدعم بالغاء الدعم العيني بنظام عادل للأجور بما يوازي المعدلات العالمية وذلك من خلال ربط جدول الأجور سنويا مع زيادة الأسعار وهذا ما يحدث في كثير من الدول ومنها اسرائيل فلديها جدول غلاء المعيشة كل ثلاثة أشهر تحديث الأجور طبقا للزيادات التي تحدث في أسعار السلع للتوازي معها. ويري شكر أنه يجب مراعاة العاملين بالأجر في تلك المنظومة بوضع قوانين ملزمة لأصحاب العمل وبهذه الطريقة يمكن الغاء اي شكل من أشكال الدعم العيني أو الأسعار الاجتماعية أما عن الفئات الضعيفة فيجب وضع ضوابط وحلول لتأمين معاناتها من ارتفاع الأسعار. ويقول سامح عاشور رئيس المجلس الاستشاري إن الحكومة في الوقت المتبقي لها يجب أن تترك تلك القضية ولا تقدم حيالها أي أقتراحات لأنها تحتاج لدراسة متأنية لأنها مسألة معقدة. ويؤكد عاشور أننا نحتاج الي الدعم الرشيد وليس الدعم الذي يصل الي غير مستحقيه علي أن يتم ذلك من خلال دراسة من مجموعة من المتخصصين حتي لا يكون هناك مردود سيئ علي البسطاء وذلك بوضع خطط تطبيقية من خبراء متخصصين. {{ ويؤكد زياد أمين أحمد صاحب شركة نقل أن طرح كوبونات للسولار سيؤثر سلبيا علي عمل قطاع النقل من مواضع مختلفة مما سيكون له مردود علي المواطن البسيط فرفع سعر السولار سيؤدي إلي رفع أسعار السلع الغذائية وغيرها لأنها سلسلة متصلة فنتيجة ارتفاع السولار سترتفع أجرة السيارات علي المستوردين وبدورهم سيرفعون الأسعار علي تجار الجملة والتجزئة. ويضيف زياد أمين أن من يعتقد أن قطاع النقل من القطاعات المرفهة والتي تتلقي دعما ويجب رفعه مخطئ لأننا نقوم بعمل خدمي ونتحمل مصاعب كثيرة بدايتها حوادث السيارات التي تكلفت خسائر كبيرة ولا يتحملها أحد معنا. ويضيف أحمد يحيي سائق تاكسي أن أي ارتفاع في أسعار البنزين أو السولار لن يتأثر أو يتضرر منها صاحب السيارة أو سائقها لأن أي زيادة سيتم رفعها علي الزبون بزيادة التعريفة.