شهدت مدينة مرسي مطروح خلال الاسابيع الماضية أزمة كبيرة في مياه الشرب تراجع بسببها المخزون الاحتياطي إلي ادني مستوي له بلغ35 ألف متر مكعب فقط. وهي كمية تكفي بالكاد يوما واحدا لأسباب عديدة من أهمها توقف محطة برج العرب عن ضخ المياه في ترعة الحمام التي تعد المصدر الوحيد لمياه الشرب بالساحل الشمالي الغربي ومرسي مطروح بعد تنقيتها بالإضافة إلي التعديات المستمرة من المزارعين علي الترعة وخفض المنسوب بها, وعلي الرغم من ذلك نجد أن هناك مصدرا مائيا عملاقا يقع في شمال القطارة وعلي بعد179 ك.م جنوب شرق مدينة مرسي مطروح يتمثل في خزان جوفي يطلق عليه بئر قيفار أو عين جيفار يقع في مركز دائرة نصف قطرها70 كيلو مترا تمتلئ اعماقها بالمياه العذبة الفائقة النقاوة وهو مغلق حاليا ولم يتم استغلاله علي الرغم من اكتشافه منذ40 عاما تقريبا! يقول المهندس محمود الزيات وهو أحد الذين عاصروا اكتشاف هذا الخزان عام1972 انه عندما فتحت البريمة الكبري لإحدي شركات البترول طرفي السداده التي تغطي الخزان تدفقت إلي سطح الأرض مياه عذبة بقوة هائلة بلغ ارتفاعها نحو27 مترا وبدرجة حرارة بلغت60 درجة مئوية وبنسبة املاح من300 إلي400 جزء في المليون وهي تعد اقل نسبة املاح في المياه المنتجة في مصر وقد بلغ انتاج الخزان اليومي من المياه العذبة اكثر من25 ألف متر مكعب يوميا, وعندئذ رجعت شركة البترول التي حفرت البئر بخيبة أمل كبري اذ تحول البترول إلي ماء فرحلت بعد ان قامت بغلق ماسورة الخزان. إلا ان محبس الخزان الجوفي توغل فيه الصدأ بفعل العوامل الجوية وانفجر بعد سنوات وانطلقت من الماسورة نافورة قذفت مياه الخزان في الصحراء لمدة10 سنوات إلي ان تجمعت المياه في شكل بحيرة هائلة يبلغ طولها10 كيلو مترات وعرضها6 كيلو مترات!! وقد تم غلق الخزان مرة اخري بعد ان بحت الاصوات للمسئولين بغلق الخزان الذي اندفعت منه مياه يبلغ حجمها الملايين من الأمتار المكعبة هباء في الصحراء, وأكد المسئولون آنذاك ان الخزان سيتم غلقه لحين التفكير في استغلاله. ويضيف ان مشكلة خزان قيفارا أو العين السخنة كما يطلق أهالي مطروح تنحصر في انه يقع في ارض غير صالحة للزراعة ولهذا تم إرجاء استغلاله كل هذه السنوات ولكن لو تم مد خط مواسير من هذا الخزان إلي مرسي مطروح لحل مشكلة نقص مياه الشرب بها بالإضافة إلي استغلال مياه الخزان ايضا في الزراعة بمساحات كبيرة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات والفاكهة لمحافظة مطروح بدلا من جلبها من المحافظات الأخري. ويقول مصدر مسئول ان خزان قيفار علي الرغم من ان انتاجه اليومي يكفي نصف احتياجات مدينة مرسي مطروح إلا انه يحتاج إلي ميزانية مستقلة لاستغلاله حيث يقع في منطقة منخفضة مما يتطلب انشاء محطة رفع للمياه المستخرجة وقد أكدت الدراسات التي قام بها13 خبيرا مصريا وعالميا في المياه الجوفية علي خزان قيفار الجوفي اخيرا والتي تضم تقريرا مفصلا من أكثر من300 صفحة ان معدل التدفيق اليومي للخزان سوف يستمر أكثر من150 عاما مقبلا حيث يقع الخزان من مركز دائرة نصف قطرها70 كيلو مترا تتملئ أعماقها بالمياه العذبة وقدروا المخزون الذي يحويه الخزان بمليارات الامتار المكعبة. كما حدد الخبراء في هذا التقرير خريطة دقيقة توضح مسارات خطوط المياه المقترح اقامتها لتربط بين الخزان الجوفي ومحطة تجميع المياه في مدينة مطروح ومنطقتي فوكة وبدر الدين لتغذية هذه المناطق بمياه الشرب النقية وزراعة الآلاف من الأفدنة وتوطين الآلاف من المزارعين الجدد في هذه المناطق التي تئن الآن تحت اشعة الشمس! والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا إلي متي يظل هذا الخزان بدون استغلال في الوقت الذي تحتاج فيه مطروح لكل قطرة ماء لتروي عطش انسان أو حيوان في المدينة والقري والنجوع والتجمعات المتناثرة في الصحراء؟.