منذ حوالى أسبوعين وبالتحديد فى 24 يناير الماضي.. وافقت شركة "جوجل" على دفع 130 مليون جنيه إسترليني ضرائب للحكومة البريطانية (أى ما يعادل نحو من مليار و500 مليون جنيها مصريا)، وذلك بعد توصلها إلى اتفاق مع الحكومة. لكن خبراء الاقتصاد والضرائب بالمملكة المتحدة لم يكتفوا بهذا المبلغ، ولم يهللوا عليه أو ينصبوا له مسرحا يقام عليه حفلات "دق الطبول" بأن الحكومة استطاعت جلب أو تحصيل هذا المبلغ.. بل على العكس أثاروا انتقادات واسعة ضد الحكومة، لأن الأرقام تقول أن جوجل ربحت خلال عشرة أعوام فقط 7.2 مليار جنيه إسترليني، وبالتالى كان يجب على جوجل أن تدفع أضعاف أضعاف ذلك المبلغ. فى 2 سبتمبر 2015 فى الهند، اتهم تقرير أعدته لجنة المنافسة CCI شركة جوجل بأنها تتلاعب بنتائج البحث على موقعها، حتى يكون هناك أولوية لخدماتها الخاصة في الظهور، وبالتالى فإن الشركة قد تتعرض لغرامة مالية تُقدر ب 1.4 مليار دولار أمريكي. المعنى أن جوجل تدفع ضرائب فى معظم دول العالم؟! وفى أحيان أخرى يتم تغريمها، ولكن وماذا عن مصر؟! لماذا لا تدفع الشركة هنا فى مصر ضرائب، ولا يتم تغريمها مرة واحدة إذا خالفت القوانين المصرية؟! ما ينطبق على جوجل، ينطبق أيضا على فيسبوك.. فدول كثيرة فى العالم استوعبت الدرس جيدا، فعلى سبيل المثال فى فرنسا دعت هيئتا حماية البيانات والمنافسة موقع "فيسبوك" إلى تغيير طريقته في جمع البيانات المستخدمة وتنظيم بيانات كل من المستخدمين وغير المستخدمين.. وإلا ستكون هناك غرامة. وكان خلاصة تقرير الهيئتين: "أن شروط استخدام فيسبوك الحالية لا تتفق مع القانون الفرنسي." ثم منحت هيئة حماية الخصوصية فيسبوك مهلة 3 شهور للالتزام بالقانون، ووقف انتهاكات الخصوصية وإلا سيتم تغريمها. فرنسا فعلت ذلك.. ومثلها دول أخرى..ولكن ماذا عن مصر؟! فيسبوك مَدينة للسوق المصرى بالكثير من الضرائب فى رأيي الشخصي، ففى آخر دراسة نشرت فى 21 ديسمبر 2015 .. كان هناك أكثر من 27 مليون مستخدم لموقع فيسبوك، أي نحو 30% من سكان مصر.. وكانت مصر فى المركز ال14 على مستوى العالم.. من حيث عدد المستخدمين. وإذا كنت على المستوى الشخصي المحدود أعرف أشخاصا كثيرة تستخدم إعلانات فيسبوك.. إذن أين الحكومة المصرية من تحصيل رسوم على تلك الإعلانات، وعلى ذلك الدخل الكبير الذى تجمعه من 27 مليون مستخدم فى مصر؟! أو السؤال مرة أخرى لماذا تدفع فيسبوك ضرائب فى دول العالم، ولا تدفع فى مصر؟! الضرائب والغرامات أسلحة فعالة ولكن ماذا عن المنع والحجب؟! فى 30 ديسمبر 2014 حجبت الصين الدخول على خدمة بريد جوجل "جي ميل" لعدة أيام.. وإذا عرفنا أن الصين لديها مواقع بديله للمواقع العالمية لأنها تحجبها.. فعندها محرك البحث "بايدو" بديلا عن "جوجل".. وخدمة "بايدو بايك"، بديلا عن موسوعة "ويكيبيديا".. وموقع "يوكو" بديلا عن "يوتيوب".. وموقع "ويبو" بديلا عن موقع "تويتر" وغيرها من المواقع والبرامج البديلة. فالصين - لديها سياستها الخاصة - ترى أن حجبها للعديد من مواقع التواصل الاجتماعي لا يتم عن عبث أو هوى، فإنها تعتقد فى ذلك الحجب أن له أهمية كبري، وهي عدم ترك معلومات أفرادها الشخصية فى أياد خارجية قد تعمل فى يوم ما على استغلال هذه المعلومات، ما يشكل تهديدا للأمن القومي. وما فعلته الصين فعلته تركيا، ففى شهر ديسمبر من العام الماضي أعلنت الحكومة التركية تغريم موقع تويتر للتواصل الاجتماعي 150 ألف ليرة تركية نحو 50 ألف دولار أمريكي.. لأن تويتر قام بنشر "دعاية مؤيدة للإرهابيين".. تويتر اعترضت فيما بعد ورفضت الحكم والدفع.. ولكننى هنا أتكلم عن القانون.. فلا يهم ما وصلت إليه المحاكمة فيما بعد. وقبل ديسمبر بثمانية أشهر حجبت تركيا موقعي تويتر وفيسبوك في البلاد بعد قرار محكمة تركية بمنع نشر صور قاضي الإدعاء العام الذي تم اختطافه في مكتبه.. ونشر موقع "بى بى سي" أن تركيا تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة "لإثارة الشغب والرأي العام ضدها" وذكر رئيس وزرائها ذلك في عدة مواقف وقال إنها تعتبر "كالسرطان".. كما أنها فى عام 2010، رفعت حظرا استمر لمدة عامين على موقع يوتيوب بسبب نشر مقطع مصور اعتبرته مسيئا لمصطفى كمال اتاتورك وما قدمته فى المقال ليس دعوة لإغلاق أو حجب تويتر أو فيسبوك أو جوجل أو غيرهم من شبكات التواصل الاجتماعي فى مصر، فكلنا فى حاجة الى الحرية وإلى متنفس للتعبير عن أفكارنا، ولكننى أدعو إلى تفعيل القانون على كل تلك الشركات العالمية كما تفعل كل دول العالم.. فقط تطبيق القانون. فمن يحقق دخلا ماليا عليه ويستفيد من المصريين عليه أن يدفع ضرائب، ومن لا يُغلِق صفحات التحريض على القتل والإرهاب، عليه أن ينتظر الغرامة أو حجب موقعه. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى