أثار مقتل زعيم اليمين المتطرف في جنوب إفريقيا يوجين تيربلانش والمناضل الشرس للفصل العنصري علي يد اثنان من عماله السود ردود أفعال عنيفة من جانب أنصاره. الجريمة لا تبدو سياسية علي الإطلاق, فالخلاف كان علي عدم دفع تيربلانش لأجور هؤلاء العمال لكن حدوثها في ظل توترات عرقية حادة بعد16 عاما علي نهاية نظام الفصل العنصري جعلها تبدو كذلك, لتكشف عن عنصرية جديدة بدأت تطفو علي السطح ولكن هذه المرة ضد الرجل الأبيض. تيربلانش والذي يعني' الأرض البيضاء' بالفرنسية التي هي لغة أجداده ظل لأكثر من عشرين عاما قائد الكفاح من أجل هيمنة الافريكان المنحدرين من المستوطنين الهولنديين والفرنسيين في جنوب إفريقيا. ففي عام1973 أسس حركة المقاومة الأفريكانية التي دأبت علي انتقاد نظام الفصل العنصري معتبرة أنه يبالغ في تقديم التنازلات للسود, حيث كان شعارها هو القتال لضمان بقاء' القبيلة البيضاء' في أفريقيا, وعرفت هذه الحركة باستعراضاتها علي ظهر الخيول بالزي شبه العسكري وشعارها الذي يشبه صليب أدولف هتلر. عنصرية تيربلانش لم يكن لها حدود, ففي عام2001 تم الحكم عليه بالسجن بتهمة الشروع في القتل بعد أن إنهال ضربا بقضيب حديدي علي حارس أسود مسببا له إصابات دائمة في الرأس, لكن تم الإفراج عنه بشروط في عام2005 لحسن سلوكه, ومنذ ذلك الحين اعتمد تيربلانش الاعتدال علي غرار حركته بينما استقرت جنوب إفريقيا في الديمقراطية المتعددة الأعراق. وبعد مقتل تيربلانش ازدادت حدة التعصب في البلاد حتي دعا الرئيس جاكوب زوما الشعب الإفريقي إلي التزام الهدوء محذرا من أي استفزاز قد يؤجج' الحقد العنصري'.بينما جاء البيان الذي أصدرته حركة مقاومة الأفريكان التي أسسها تيربلانش مخيفا بعض الشيء, حيث أكدوا أنهم لن يتنازلوا عن الثأر لقائدهم, واصفين الحدث بأنه بمثابة إعلان الحرب من السود علي البيض. ويري بعض المحللين أن قضية تيربلانش كشفت عن العنف المتزايد بين شرائح واسعة من الشعب وباتت عبارة لا ننصح بالخروج إلي الشوارع بعد الساعة الخامسة ظهرا تحتل جدران معظم أحياء جنوب إفريقيا التي يقيم فيها أجانب وتطلقها سفارت الدول الأجنبية وكأن السود يحاولون استرداد كرامتهم التي اهدرت لسنوات طويلة بسبب التفرقة العنصرية. ويري المحللون أن تطبيق سياسات التمييز العنصري من جانب حزب المؤتمر الوطني التي شجعت توظيف السود أدت إلي زيادة نسبة الفقر بين السكان البيض, الذي بدوره أدي إلي مزيد من العنصرية. ولعل أوضح دليل علي تجلي الشرخ العنصري في المجتمع الإفريقي الأن هي القضية المرفوعة ضد زعيم رابطة شباب الحزب الحاكم جوليوس ماليما الذي أثار جدلا مؤخرا باستعادته نشيدا يعود الي سنوات الكفاح يدعو إلي قتل المزارعين أصحاب البشرة البيضاء. ومع اقتراب افتتاح مونديال كأس العالم2010 المقرر إقامتها في جنوب إفريقيا يتوقع المراقبون أن تشهد البطولة قدرا كبيرا من الإثارة الأمنية علي نفس القدر الذي ينتظر أن تشهده من إثارة علي الصعيد الكروي ورفع الجيش أقصي استعداداته الأمنية لمواجهة أعمال العنف والشغب حتي أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعث برسالة بدت وكأنها تحذيرية خلال الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الاحتفال بالذكري الخمسين لمذبحة شاربيفل إحدي علامات نضال جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري مفادها أنه يجب احترام حالة التنوع البشري التي ستشهدها جنوب أفريقيا مشددا علي أن الكأس ليست الساحة الملائمة لتصفية الحسابات.