الرئيس السيسي يشهد عرض الموسيقى العسكرية بحفل تخرج طلاب الأكاديمية    وزير السياحة يعقد لقاءات مهنية مع عدد من مسئولي شركات الطيران السعودية    بأيادي مصرية.. أول ظهور لطائرة «آر في 14» بحفل الأكاديمية العسكرية    عبدالرحمن فيصل: حققنا برونزية العالم عن جدارة    رسميًا.. زد يتعاقد مع أحمد عادل «ميسي»    توتنهام بالقوة الضاربة في مواجهة فرينكفاروزي بالدوري الأوروبي    استقرار حالة مصابي حادث الطريق الدائري في المنيا    «الأرصاد» تكشف توقعات الطقس ال72 ساعة المقبلة.. وتحذر من الشبورة    تحرير 84 محضرا تموينيا متنوعا في حملات على الأسواق والمخابز بالإسكندرية    مخرج الفيلم القبرصي بمهرجان الإسكندرية: العمل يجمع بين الضحك والبكاء    تصدر أغنية فيلم عنب لإسلام إبراهيم ومحمود الليثي تريندات مواقع التواصل    إيمان العاصي تكشف عن مفاجأة في الحلقات القادمة من مسلسل برغم القانون    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    قافلة طبية لأهالي «القايات» في المنيا.. والكشف على 520 مواطنًا    اقتحمناه في 4 ساعات.. اللواء محمد فكري: معركة "جبل المر" أصابت العدو بالذعر    تكريم أوائل الطلاب بالشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات بأسوان    التوأم وبسكوتة يقودان سيدات دجلة لاكتساح الطيران في الدوري    موتا: الشجاعة منحتنا الفوز على لايبزج    في يوم الوحدة الألمانية.. السفارة الألمانية بالقاهرة تحتفل وتشيد بالشراكة المتميزة مع مصر    تعرف على تفاصيل بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة في العاشر من رمضان    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    كاتب صحفي: الاحتلال الإسرائيلي يكرر سيناريو غزة في لبنان    أمين عام الناتو يزور أوكرانيا ويقول إنها أصبحت أقرب لعضوية الحلف    لهذا السبب.. منى جبر تتصدر تريند "جوجل"    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    "القاهرة الإخبارية": الحكومة البريطانية تطالب رعاياها بالخروج الفورى من لبنان    مصر تعيش بروح أكتوبر    افتتاح المؤتمر الدولي السابع والعشرون لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عامًا على تأسيسها    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    «ينفذ يناير القادم».. «الرعاية الصحية» توقع برنامج توأمة مع مستشفيات فوش الفرنسية    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    ألفاظ نابية أمام الطالبات.. القصة الكاملة لأزمة دكتور حقوق المنوفية؟    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدين الجديد
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 01 - 2016

وضعت التحولات التي يشهدها المجتمع المصري منذ خمس سنوات السنوات طلبا علي شكل جديد من التدين فيه تجديد، ورغبة في الانفتاح، يشتبك مع الشكل النمطي التقليدي للتدين المتعارف عليه، والذي ظل لعقود يناسب حالة مجتمع راكد. هذه بالمناسبة ليست ظاهرة جديدة، فقد بحث المجتمع، بمختلف فئاته الاجتماعية، عن تدين جديد قبل ثورة 25 يناير، وهو ما عُرف بظاهرة »الدعاة الجدد«، التي وجدت جمهورا عريضا من أبناء الطبقتين الوسطي والعليا ثم ما لبثت أن فقدت بريقها.
التدين هو التزام الشخص بعقيدة معينة في سلوكه، وهو بذلك يختلف عن الدين، الذي هو في جوهره أصول ثابتة غير متغيرة. التدين ممارسة بشرية تعبر عن إدراك معين للدين، تختلف من مجتمع لآخر، ومن شخص لآخر. ويُعد تقدم المجتمع رهنا بوجود أشكال للتدين تدفعه إلي الأمام، ولا تشده إلي الخلف أو تجعله يقف محلك سر.
هناك تدين موروث له ملامح عدة، لا تناسب متطلبات الفكر المتجدد أو تدفع إلي التقدم.
أولا: التركيز علي العقائد، وسط إحساس مفرط بالخوف عليها. وطور بعض الإسلاميين في أدبياتهم مفهوم الدولة »الحارسة للدين«، ويقوم الخطاب السلفي علي مفهوم تنقية العقائد من البدع، وطرح بعض المسيحيين مصطلح »تثبيت العقيدة«. وهكذا بدا أن العقيدة تحيط بها مخاطر، مما استدعي أن تظهر فئة يمكن أن نطلق عليها »فرسان المعبد«، الذين يتولون حراسة العقائد، والزود عنها، وبعضهم من باب الولاء للعقيدة التي يؤمن بها يدخل في مساجلات مع أصحاب العقائد الأخري، يسدد لها الطعنات بهدف إظهار سمو معتقده علي غيره.
ثانيا: الاهتمام بالجانب التعبدي. الصورة التي يُقدم عليها الدين فيها عبادات، وطقوس ينبغي الالتزام الكامل بها. بالطبع لكل معتقد ديني نظامه الذي يٌلزم المؤمن به، ولكن تقديم الدين علي أنه ممارسات تعبدية فقط، يجعل خطاب التدين في المجتمع مقصورا عن تقديم المضمون الروحي والاخلاقي والسلوكي للدين. هناك حديث دائم، بما يقترب من الثرثرة، عن الدين. المجال المحيط بالشخص معبأ بخطابات دينية، لكنها لا تسهم في ارتفاع منسوب الاخلاق العامة، التي يتحدث القاصي والداني عن انخفاضها، وتردي مستواها.
ثالثا: تأكيد الالتزام بالشكل أكثر من المضمون، هناك »شكل التدين« الذي ينبغي أن يكون عليه الناس في العلن، ويٌقاس التزام الشخص بمدي امتثاله لشكل التدين المتعارف عليه، في حين أن مضمون التدين غير حاضر بذات الاهتمام في الخطابات الدينية. وهو ما انتج الفجوة التي نعيش فيها بين ظاهر تغلب عليه صورة التدين، بينما تشهد الممارسات الاجتماعية ترديا اخلاقيا وسلوكيا.
رابعا: التعارف بين أصحاب المعتقدات المتنوعة في أضيق الحدود، ويغلب عليه خطاب المجاملات، الذي يأخذ أحيانا شكل التكاذب المتبادل، ولا يمتد إلي خبرة الانفتاح علي التراث الثقافي والإنساني والحضاري.
هذه بعض ملامح التدين التقليدي، التي تًلائم المجتمع الراكد، والتي أدت إلي عدد من المظاهر السلبية منها التعصب، والتطرف، ورفض الدين ذاته بما يٌطلق عليه المجتمع »الالحاد«، أو التدين الشكلي، الخ. المجتمع في حالة تحول، ولم يعد شكل التدين التقليدي يناسبه، وبدا أن هناك أشكالا أخري من التدين نحن بحاجة إليها.
يكتسب التدين الجديد خصائص مغايرة تناسب مجتمعا متغيرا، يطرح تساؤلات جديدة، تحتاج إلي اجتهاد ديني للاجابة عليها، أبرزها أن التدين هو خبرة شخصية، محصلة تربية الفرد علي الحرية والمسئولية، والتفكير النقدي، فهي ليست تلقينا عقيديا بقدر ما هي تشكيل وجدان الإنسان علي مجموعة من القيم الدينية. هنا يكون الدين مصدرا للاخلاق والروحانية، بجانب مصادر أخري في المجتمع الحديث مثل الفن، والثقافة، والعمل التطوعي، والعلم، وغيرها. الشخص المؤمن ليس حارسا لمعتقد ديني، وليس مطالبا بالدعوة والتبليغ أو التبشير، بقدر ما هو »مرسل« لمجتمع، يريد أن يقدم له صور »المؤمن«، ليس بالخطابات العقيدية الدفاعية، وليس كذلك بأحاديث الإيمان والكفر، ولكن، وهذا هو الأهم، بتجسيد المعاني الدينية في السلوك الإنساني. في هذه الحالة يثري الانفتاح بين أصحاب العقائد المتنوعة الحوار الانساني، وخبرة التعارف العميقة. فمن غير المعقول، كما ينادي البعض، أن يشكل التنوع الديني عائقا أمام التفاعل الاجتماعي بين الناس بدعوي أن المشاركة في أو التهنئة بمناسبة دينية لشخص آخر يمثل اعترافًا بعقيدته، وهو منطق غريب لا يدرك التراث الحضاري المشترك بين الناس، ويحول المجتمع إلي كانتونات يحكمها الشعور بالارتياب. ومن ملامح التدين الجديد أيضا التوقف عن »الثرثرة« المستمرة عن الدين، والتركيز علي الاخلاق الدينية في الممارسة. الكف عن النصح والإرشاد والوعظ، وتقديم نماذج إنسانية في خدمة الناس والمجتمع، الخروج من أسر المناكفات العقيدية وتقييم الناس حسب عقائدهم إلي رؤية الحياة »متنوعة« بين بشر متنوعين في المعتقدات، والطبقة الاجتماعية، والمهن، والمصالح، لا سبيل للحياة بينهم سوي »التعارف« بمعناه العميق، وتبادل الخبرات، والاحترام المتبادل.
في رأيي أن الحديث عن تطوير الخطاب الديني أو مواجهة التطرف أو ما شابه لن يؤتي بثمار إلا عندما يقدم مفهوما جديدا للتدين، فالمشكلة ليست في صياغة العبارات، أو الفهم الخاطئ لبعض النصوص، ولكن في طريقة التفكير، وأسلوب الحياة، والنظرة إلي الذات والمجتمع.
لمزيد من مقالات سامح فوزي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.