لم يتوقع الشيخ سيد مكاوي ولا شاعره المفضل فؤاد حداد أن أغنيتهما الرائعة مصر دايما مصر.. تحيا مصر ستصبح بعد مرور41 عاما علي إنتاجها واحدة من الأغنيات الوطنية الشهيرة وترددها الجماهير في المناسبات الوطنية والاجتماعية والدينية بعد النجاح الواسع والسريع الذي حققته في العام الثاني للعبور, فقد أنتجت تحيا مصر في أكتوبر1974 وعاش المصريون فرحتهم بأكبر إنتصار في تاريخ العسكرية المصرية في السادس من أكتوبر1973 وتسابق الشعراء والملحنون والمطربون علي الإذاعة والتليفزيون لتسجيل أغانيهم الوطنية التي عبروا فيها عن هذا النصر العظيم وكان في مقدمتهم فارس الأغنية الوطنية الراحل بليغ حمدي بتسجيل روائعه باسم الله.. الله أكبر.. باسم الله وعلي الربابة بغني, وعبرنا الهزيمة من تأليف الشاعر الراحل عبد الرحيم منصور وراجعين رافعين راية النصر تأليف الشاعرة نبيلة قنديل وتلحين زوجها الموسيقار علي اسماعيل و ما نقولش إيه إدتنا مصر تأليف كاتب هذه السطور وغناء عليا التونسية وتلحين حلمي بكر وغيرها من الأغاني الوطنية الأخري حيث فضلت الإذاعة والتليفزيون إذاعتها في حينها لتأتي بعد ذلك رائعة فؤاد حداد التي أهداها لسيد مكاوي ليلحنها ويغنيها بصوته من كثرة حبه للوطن ولمصر واستغرق تلحينها أكثر من شهر ونصف الشهر لتصبح واحدة من أجمل روائعنا الغنائية التي نستمع إليها الآن وكنا نتمني أن يسعد بنجاحها الكبير شاعرها وملحنها الكبيران فقد رحل عن عالمنا فؤاد حداد عام85 ورحل بعده ب إثني عشر عاما في1997 الشيخ سيد مكاوي الذي كنت أزوره وهو يعيش روائعه الغنائية والعاطفية في شقته بالعمارة رقم25 شارع طنطا خلف مسرح البالون وزاد ارتباطي به عندما سجل لي أحد روائعه اللحنية التي غناها محرم فؤاد شاورلي يا حبيبي وكان الشيخ سيد مكاوي ينوي تسجيلها بصوته لولا أن محرم فؤاد خشي علي نفسه من أن تنتشر الأغنية بصوت سيد مكاوي وتؤثر بالسلب علي صوته. وأعود لأغنية مصر دايما مصر التي تذيعها الإذاعة والتليفزيون خاصة بعد ثورة30 يونيو وتذكرنا بتفاعل سيد مكاوي مع كلماتها الوطنية التي عشقها كل من استمع إليها بصوته الذي امتزج بمجاميع الكورال الذين يرددون كلمة تحيا مصر عدة مرات في كل مقطع من مقاطع هذه الأغنية مما أكسبها نجاحا أكثر مع صوت ملحنها ومطربها سيد مكاوي حيث يقول يا دعاء المؤمنين.. فجر بينور سنين.. أم كل الإنسانية.. تقسم اللقمة الهنية.. العمل والرزق نية.. مصر مصر دايما مصر وهو المقطع الذي بلغ فيه فؤاد حداد قمة شاعريته عندما اتجه إلي الله بالدعاء لمصر وهو الدعاء الذي أبدع سيد مكاوي في تجسيده لحنيا لدرجة جعلته يغنيه أكثر من مرة في كل المناسبات التي يغني فيها هذه الأغنية خاصة العاشقين لشعر فؤاد حداد صاحب المدرسة الأصيلة في كتابة الشعر العاطفي والوطني وكذلك الشعراء من تلاميذه الذين تعلموا منه أصول الأغنية الراقية والمعني الجميل ليبلغ قمة إبداعه في هذه الأغنية عندما يقول المقطع الآخر أم فلاحها اللي قادر.. يسقي كل الأرض حاضر.. والغيطان تطرح سنابل.. ويسترسل في إبداعه ليقول ايضا أم فنانها اللي راسم عقد لولي وسن باسم.. قلب أخضر في المواسم.. مصر مصر دايما مصر.. تحيا مصر وأعيش مع سيد مكاوي وإبداعه اللحني الذي تجلي في هذه الأغنية وجعل عشاق فنه يطالبونه في كل مناسبة بالتغني بها خاصة في الحفلات التي يقدمها التليفزيون والإذاعة وتنقلها علي الهواء مباشرة باعتبار أن سيد مكاوي عندما يغني بنفسه أغنية وطنية أو عاطفية بصوته ومن ألحانه تكون لها الأولوية بناء علي طلبهم قبل دخوله في أغنيات أخري لحنها وتغني بها مطربون آخرون ذلك أن عشقهم لصوت سيد مكاوي يفوق كل شئ لأنه يغني من قلبه وقمة إحساسه وانفعاله بكلمات أي أغنية يشدو بها ومن هنا أصبحت أغانيه تحقق أكبر نسبة مبيعات عند طبعها علي أشرطة كاسيت أو فيديو كليب حسب الاحصائيات التي يعلنها المنتجون لأغنياتنا العاطفية والوطنية بل أنه كان يتفوق علي كل المشاركين معه في الحفلات الغنائية وفي المناسبات الوطنية والعاطفية. ويحسب للشيخ سيد مكاوي تأثره بشاعره المفضل فؤاد حداد لإيمانه بشاعريته كرائد من كبار الشعراء الذين حققوا جماهيرية واسعة من الانتشار فحقق نجاحات باهرة في كل ما قدمه من ألوان الشعر العاطفي والوطني وقدرته الكبيرة علي التعمق واستخراج المعاني الجميلة والنادرة التي انفرد بها عن كل زملاء جيله ليصبح علامة مضيئة في سماء الشعر العاطفي والوجداني خاصة عندما يتعمق في الكتابة عن مصر ملهمته الأولي التي عاش ليقدم لها أجمل إبداعاته التي ستظل تعيش في وجدان الجماهير مئات السنين ويظهر ذلك بوضوح في قمة وطنيته في رائعته موضوع مقالنا تحيا مصر, أم أبطالها البواسل.. والأمل للفجر واصل.. ينطلق يثبت يواصل.. أم أولادها الملاح.. في المعارك والكفاح.. سينا حي علي الكفاح... مصر دايما مصر تحيا مصر.. يا دعاء المؤمنين.. فجر بينور سنين.. يا أحن من الحنين وهو المقطع الذي بلغ سيد مكاوي فيه قمة إبداعه اللحني الذي تردده الجماهير خلفه ويغنونه معه دائما لتصبح أغنية تحيا مصر واحدة من أجمل الأغاني الوطنية التي أحس بها المستمعون ويوالون الاستماع إليها بانتظام بعد ثورة الثلاثين من يونيو2014 من الإذاعة والتليفزيون والفضائية المصرية عقب الانتهاء من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي الوطنية وفي كافة المناسبات الوطنية والاجتماعية والدينية, وإذا كانت هذه الأغنية قد أنتجت بعد العام الثاني من العبور إلا أنها عاشت في وجدان المستمعين وستعيش أكثر في السنوات القادمة وترددها الأجيال جيلا بعد جيل لأن مؤلفها وملحنها الذي تغني بها تربوا في أحضان هذا الوطن وبلغوا قمة ولائهم وانتمائهم ووفائهم إلي ترابه الطاهر فجاء إبداعهم منافسا ومواكبا ومكملا لأغاني أكتوبر العظيم فعاشت تحيا مصر في وجدانهم وستظل تعيش إلي أبد الأبدين.