أبدا التحليل بتعريف الدافع كما هو معروف فى مراجع علم النفس. الدافع فى علم النفس هو الحالة التى تثير السلوك فى ظروف معينة وتواصله حتى ينتهى إلى غاية معينة فمثلا الطالب يذاكر دروسه بدافع الرغبة فى النجاح . وهناك أنواع من الدوافع مثل الدوافع الفطرية: كالبحث عن الطعام و السكن و النوم و الجنس والامومة و دافع الاستطلاع و حب استكشاف الجديد . أما الدوافع المكتسبة فهى الدوافع و نتعلمها ونكتسبها مثل الانتماء و السيطرة و الغضب والعواطف و الحب و الكراهية و مدى مستوى طموحك . بعد التحدث عن الدوافع نطرح السؤال ما هو الشئ الذى دفع الشهيد محمد أيمن الى الاقدام بكل شجاعة و بدون تردد . جدير بالذكر أن المجند محمد أيمن شويقة، قد استشهد مساء الثلاثاء، بعد أن قام باحتضان انتحارى كان يرتدى حزامًا ناسفًا، وكان ينتوى تفجير نفسه فى أحد المواقع العسكرية. انه دافع لم ندرسه فى الكتب دافع غير متعارف عليه . ليس مكتسبا أو فطريا . انه دافع لم يفهمه ولا يعرفه او يشعر به غير الجندى المصرى . ليس انتماء فقط إنما هو شئ يعجز عن فهمه او تحليله أعظم علماء النفس العسكريين . عادة ما يعجز علماء النفس الاجانب عن تحليل عشق الجندى المصرى و اقدامه على الشهادة و قد حير هذا الاقدام علماء النفس العسكريين الامريكيين اثناء متابعتهم للجنود المصريين أثناء حرب تحرير الكويت التى اشترك فيها الجيش المصرى مع قوات التحالف . و ذكر ذلك فى عدة مراجع عن حرب الخليج الثانية و عملية عاصفة الصحراء . سألت الكثير من أصدقائى و معارفي ضباط الجيش و بعض المجندين الذين كانوا فى سيناء عن تفسيرهم لما قام به الشهيد محمد أيمن . أجمعوا كلهم على أن هذه عقيدة المقاتل المصرى انه يتربى على هذه العقيدة من اول لحظة دخوله الكلية الحربية و يتم تدريبه و تجهيزه على حب الشهادة والتضحية و الفداء و النبل . و أن هذه الاشياء مزروعة و محفورة من اكبر قائد إلى أصغر مجند و هذا الروح الايجابية العظيمة تنتقل كالعدوى و( قد سمعنا فخامة الرئيس السيسى يكرر جملة انا مستعد اموت عشانكو ) و أن حادثة الشهيد محمد ليست الاولى فهناك شهيد اخر من ستة اشهر احتضن انتحاريا و منعه من تفجير المعسكر . و هذا ما يجعل الجيش المصرى مختلفا عن أى جيش اخر . الجيش المصرى قوته فى إيمانه عقيدته و روحه التى تتغلب على أى أسلحة مهما بلغ تطوره و مهما بلغت قوة العدو أمامهم و مهما بلغت خسته و نذالته . هذه العقيدة جعلت محمد أيمن لا يفكر لو ثانية ويقبل على احتضان الانتحارى و يضحى بنفسه . محمد كان يعلم أن قائد الكتيبة كان سوف يقوم بهذا التصرف اذا لم يقم هو به . كان يعلم ان زملاءه سوف يقومون بهذا العمل البطولى و لكنه اختار القيام بهذا الدور بدون اى تردد . الشهيد محمد أيمن الشاب الذى يبلغ من العمر عشرين عاما ابن مدينة الابراهيمية محافظة دمياط صاحب دبلوم الزخرفة . لقد كان أيضا هناك دور لاهل الشهيد محمد فى تربيته و توعيته و جعله ينتمى لبلده . فقد قرأت و سمعت تصريحات لوالد الشهيد و والدته . وهذا بعض ما قاله والد الشهيد . وجه أيمن شويقة، والد الشهيد مجند محمد أيمن شويقة، الذى استشهد صباح اليوم فى مدينة العريش، رسالة إلى الرئيس عبداالفتاح السيسى يشير فيها إلى أن الشهيد كان أكبر أولاده سنا لكنه مستعد أن يذهب هو وأولاده لدحر الإرهاب فى سيناء، موضحا أن أرواحهم فداء للوطن. وأكد "والد الشهيد" خلال مداخلة هاتفيه مع برنامج "90 دقيقة" مساء الأربعاء الماضى، أنه فى سن ال49 عامًا، موضحا أنه لو تم استدعاؤه من القوات المسلحة لحمل السلاح مرة أخرى سيذهب دون تردد. أما والدته فى مداخلة مع الاعلامى جابر القرموطى :طالبت الفريق أول صدقى صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بقبول شقيق الشهيد فى الجيش، لأخذ الثائر لشقيقه من الجماعات الإرهابية، والتراجع عن قرار إعفائه من الخدمة. نحن أمام ملحمة تعبر لك عن مصر الحقيقية و شباب مصر الحقيقى العاشق لبلده المضحى بكل غال و ثمين. دعونا نقارن بين نفسية و دوافع و انتماءات الشهيد الطاهر و بين الانتحارى النذل و بين شباب الاولتراس الذين يهاجمون الشرطة و يعتدون على المنشات العامة لانهم يشجعون فريقهم و لكن بعدم وعى . و هذه آفة فى التفكير و هى الانتماء بدون وعى او ادراك . الانتماء التنظيم ارهابى او مجموعة من يمارسون التشجيع لفريقهم بهمجية . الارهابى و شاب الاولتراس . الاثنان صاحبا شخصية سيكوباتية . و سوف نرصد تحليلا مختصرا لهم عكف أغلب الباحثين والعلماء فى مجال علم النفس السياسى على التحليل النفسى للمنظمات الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسى خاصة الإخوان والقاعدة والسلفيين ومحاولة المقارنة النفسية بينهم وبين المنظمات الإجرامية كالمافيا الإيطالية والروسية، وكيف تختار هذه المنظمات رجالها وأفرادها، وهنا سوف نحاول أن نقرأ هذه الظاهرة فى ظل المستجدات الطارئة على التركيبة النفسية والتنظيمية لهذه التنظيمات على العموم وتنظيم داعش على وجه الخصوص. اختيار الأفراد تغيرت منذ بداية القرن الواحد والعشرين فكرة اختيار الأفراد لانضمامهم لهذه المنظمات وأصبح مبنيا على أسس علمية، وتدخل علماء وأطباء نفس ينتمون فكريا لهذه المنظمات و لديهم القدرة على استخدام أحدث أساليب المخ وهناك مجموعة من أطباء النفس تم شراؤهم ماديا عن طريق هذه المنظمات بجانب أجهزة مخابرات. معايير الاختيار لم يعد عنصرا الفقر والجهل هما معيار الاختيار لقد انتهى هذا وأصبح عنصرا التعليم والغنى هما المعيار الآن والنموذج لهذا أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى ومحمد عطا والآن داعش، فأغلب الشباب الذين يتم اختيارهم على درجة عالية من التعليم وإتقان العديد من اللغات مع الوضع المادى الجيد ولكنه يخترق هؤلاء الشباب عن طريق ضحالة أو غياب الثقافة الدينية لديهم، بجانب استخدام المخدرات والجنس فى ترغيب الشباب فى الانضمام إليهم. وكذلك يستغلون الذكاء الاجتماعى لدى هؤلاء الشباب وقدرتهم على جذب أشخاص للانضمام إليهم وعمل شبكات واسعة و دوائر اتصالات كبيرة. • ولع هؤلاء الشباب بالمغامرة والعنف و التحرر من القيود فهناك اختبارات نفسية حديثة تحدد الشخصية المغامرة بسهولة. • اختيار شخصيات سيكوباتية ضد المجتمع ليس لديهم اهتمام بمشاعر الآخرين و يتلذذون بتعذيب الآخرين • اختيار شباب فاقد للهوية أو الانتماء ويحتاج إلى الانتماء إلى أى كيان حتى لو كان هذا الكيان تخريبيا كيفية التوظيف هناك قادة وأتباع القادة يتم تدريبهم على يد أجهزة المخابرات ويأخذون كورسات مختلفة عن الأتباع والقادة يتم اختيارهم عن طريق اختبارات نفسية عديدة والتعرض للعديد من المواقف تحت الضغط وكيفية التخلص منها بجانب الولاء الشديد للفكرة و الاقتناع بها • غسيل المخ هو ما يتم التعامل به مع الأتباع ومن يفشل يتم التخلص منه وتصفيته معنويا وجعله يصل لمرحلة الانتحار أى يتخلص من نفسه بنفسه وهذه طريقة جديدة للتصفية فلم تعد هذه المنظمات تعتمد على طريقة التصفية الجسدية التى تستهلك وقتا ومجهودا وتجعل المنظمة قابلة للاختراق لأن أى جريمة قتل يتم التحقيق فيها أما جرائم الانتحار فتغلق سريعا. هذا تلخيص لما ذكرته دراسة التناول الإعلامى والتحليل لداعش والمنظمات الإرهابية فى ورقة بحثية أجراها أستاذ علم نفس سياسى فى جامعة بيركلى وخبير متخصص فى شئون الإرهاب و الأمن القومى ومحلل سابق فى المخابرات الأمريكية فى شئون الشرق الأوسط على التناول الإعلامى والتحليل النفسى لداعش من عام 2013-2014 و قد رفعت الدراسة تقريرا مكونا من 1400 صفحة للبيت الأبيض والكونجرس، فالدراسة رصدت واخترقت داعش لكنها لم توضح كيفية الاختراق وتم التلميح إلى أنه تم الاختراق عن طريق تتبع نشاطات وتقارير مجموعة من عملاء المخابرات الأمريكية والعربية فى دول الخليج وبعد ذلك تم تحليل هذه التقارير بالدراسة ولم تذكر التفاصيل الدقيقة و لكنها اكتفت بنشر ملخص التقرير فى حوالى 10 صفحات. اغلب هذه المواصفات موجودة فى شباب الاولتراس . شباب غير موظف فكريا . الاولتراس نواة خصبة للداعش . ناتى لنقطة اخرى و هى التناول الاعلامى لبطولات الجيش المصرى و التناول للاولتراس و داعش و الاناركيين و بعض الفاسدين , للاسف الكثير من القنوات تشجع بدون ان تدرى الشباب على الانضمان لداعش . الخلاصة مصر به ملايين مثل الشهيد محمد أيمن و لكن لم يتم تسليط الضوء عليهم. و سؤال اخير هل لاى شخص يهاجم الجيش القدرة على التصدى لانتحارى يلبس حزاما ناسفا ؟ الاجابة بالتاكيد لا و سوف يفر كالفار المذعور . لمزيد من مقالات د. إبراهيم مجدى