بين احتمالات النجاح والفشل وبعد أسبوع -تقريبا- من المفاوضات المكثفة لفاعليات مؤتمر هيئة الاممالمتحدة عن المناخ -والمعروف باختصار كوب 21 -(COP21)، فى دورته الحادية والعشرين، تتواصل المساعى الداعية الى التقليل من الانبعاثات الضارة بالبيئة،والناجم عنها ارتفاع درجة حرارة الارض،ففى هذه الجزئية يسعى الأطراف الدوليون ال195 المشاركون فى المؤتمر للتوصل لآليات من شانها الا تزيد درجة حرارة الارض عن درجتين مئويتين مع حلول عام 2020. لذلك يسعى المؤتمر فى مباحثات مارثوانية الى تحقيق هدفين أساسيين أولهما توفير ميزانيات للدول المتضررة خاصة بالقارة الأفريقية،وذلك لمجابهة المخاطر الناجمة عن تلك التغيرات المناخية وأهمها الجفاف ونقص الانتاج الزراعى والفيضانات او عملية التصحر ونقص مياه الأنهار.اما الامر الثانى فهو التقليل من انبعاث الغازات الضارة لنتفادى الارتفاع المتزايد فى حرارة الارض. وفى هذا الشأن تستند الدول النامية إلى معاهدة الأممالمتحدة للمناخ مطالبة بتمويل الانتقال إلى الطاقات الخضراء والتكيف مع نتائج التغيرات المناخية.حيث وعدت الدول الغنية فى 2009 بزيادة مساعداتها لتصل فى 2020 إلى مائة مليار دولار سنويا.وفى نفس الإطار يشير تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن مساعداتها بلغت 62 مليارا فى 2014.ومن ناحيته قال لوران فابيوس رئيس المؤتمر أن هذا الوعد- بمائة مليار- يجب أن يبقى قائماً.وكذلك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون -أيضا -الدول الغنية إلى أن تفى بوعدها فى تمويل جهود الدول النامية للتكيف مع ارتفاع الحرارة. والواقع ان رئيس الموتمر الحالى لوران فابيوس وجد ان المؤتمر فى حالة سباق مع الزمن فحدد يوم السبت الماضى نهاية للمرحلة الأولى مطالبا بان يسلم المفاوضون ماتوصلوا اليه من اتفاقيات الى وزراء الدولة المشاركة، خاصة وان أنظار العالم تترقب نتائج إيجابية وسط مايثار من مخاوف بعدم التوصل الى الاهداف المنوط بها لهذا التجمع الدولى الضخم. وعلى المستوى الفعلى مازالت هناك مجموعة من النقاط الخلافية عالقة لاسيما المتعلقة بمساعدة دول الجنوب -القارة الافريقية- كونها الأكثر تضررا من تداعيات التقلبات المناخية.وهو مادعا سفيرة جنوب إفريقيا نوزيفو مساكاتو ديسيكو رئيسة مجموعة ال77 لتزيد التأكيد ان مسألة التمويل حاسمة لإنجاح المؤتمر. ومما لاشك فيه ان أنظار العالم تنتظر ثمار ما سيخلص اليه المؤتمر حيال النص الذى وضع سالفا بعد جهود استمرت أربع سنوات منذ مؤتمر دوربان،وتحويله الى اتفاق دولي. وبالرغم من ان اهم نقاط الخلاف هى توفير التمويل للدول النامية والمتضررة مناخيافإنه يفترض أن يتوصل الوزراء المعنيون إلى اتفاق ينص على الحد من ارتفاع الحرارة, خاصة ان الكل على يقين بإن أى ارتفاع فى الحرارة أكبر من ذلك سيكون له تأثير لا يمكن معالجته -حسب خبراء وعلماء المناخ- حيث يتوقعون موجات جفاف وفيضانات متزايدة وتراجع المحاصيل الزراعية وتآكل السواحل وغرق لدول ومدن كاملة خاصة القائمة على الجزر،وقد ترتفع مياه البحار لتغمر مدنا لدول كبرى بينها مدن أمريكية واخرى آسيوية كبومباى بالهند -مثلا-. ولا يفوتنا ذكر ما تحتفظ به باريس من تفاؤل أيا كان على مستوى وزيرة شئون البيئة الفرنسية سيجولن روايال التى تقوم بمجهودات مكثفة من الاجتماعات مع وفود الدول المشاركة جنبا الى جنب وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس الذى يترأس مؤتمر ال'كوب 21 'حاليا لانجاح هذا المؤتمر. و على الصعيد الداخلى لا تدخر فرنسا جهدا فى توعية مواطنيها من خلال الاعلام او الوسائل المتاحة للتقليل من الانبعاثات الضارة بالمناخ مثل أهمية التقليل من حجم المخلفات ومساعدة الدولة على اعادة تدويرها، وهنا لابد من الإشارة الى ماتوفره كل المحال التجارية من صناديق خاصة للتخلص من الأجهزة الكهربائية القديمة والتليفونات المحمولة واجهزة الكومبيوتر وغيرها بالاضافة الى البطاريات المستعملة خاصة أنها الأكثر صعوبة وقد تحتاج الى مائة عام لكى تتخلص التربة من نفاياتها. بل ذهبت فرنسا الى ابعد من ذلك بإقامة مدافن صديقة للبيئة يمنع فيها استخدام المواد التى يصعب على التربة امتصاصها-على سبيل المثال لا الحصر-الرخام. كما يقوم الاعلام على قدم وساق بالتعاون مع الدولة بتوعية المواطنين بكيفية التقليل من الانبعاثات الضارة بالمناخ،وتأتى فى مقدمتها عملية اعادة تدوير المخلفات - من القمامة والملابس وغيرها-ومن اجل ذلك خصصت بلديات فرنسا فى كل احيائها صناديق للقمامة ملونة يحمل كل لون تخصصا لما يحتويه بغية الاعتياد لتسهيل عملية فصل القمامة من الزجاج والبلاستيك والورق بعيدا عن المأكولات وبالتالى تسهيل اعادة تدويرها مما يقلل من انبعاث الغازات الضارة. كما تخصص فرنسا صناديق خاصة بكل الأحياء لوضع الملابس القديمة لتقوم ايضا بإعادة تصنيعها فى صور مختلفة-كاطارات للسيارات مثلا-،ولا نغفل ان فرنسا منعت المحلات التجارية منذ فترة بعيدة من منح أكياس بلاستيك مجانية للمستهلك واستبدلتها بحقائب اخرى بمقابل مادى زهيد لتجبر المستهلك على إعادتها للمحال لتغيرها مجانية،وذلك للحيلولة دون إلقاءها فى القمامة وبالفعل نجحت فرنسا فى التخلص من ظاهرة الأكياس البلاستيك التى كنّا نلمح بعضها فى الشوارع او على بعض الشواطئ. والجدير بالذكر انه على الرغم من كل هذه المجهودات التى تقوم بها فرنسا الى انها لم ترق بعد الى المستوى المطلوب للتخلص من القمامة بطريقة صديقة للبيئة. ولما وجد المتخصصون ان هذة العملية تحتاج المزيد من بذل الجهود دعا البعض الى التقليل من عملية تغليف السلع وهو ما يتطلب العودة الى الأساليب القديمة بمعنى ان نذهب الى المحال التجارية ومعنا أوعية لشراء احتياجاتنا وبالتالى نقلل حجم المخلفات (القمامة). وفى النهاية نشير الى ان الرئيس فرنسوا اولاند اختتم المرحلة الأولى من المؤتمر يوم السبت الماضى وقام بلقاء النائب السابق للرئيس الأمريكى آل جور الحائز على جائزة نوبل للسلام فى 2007 وكذلك التقى الهيئة الحكومية للتغير المناخى التى أطلق علماؤها التحذير بشأن المناخ.ولم يغفل اولاند الإعراب عن تفاؤله بنجاح المؤتمر خلال كلمة القاها بلوبورجيه ..ولم يتبق الا ساعات ليكشف المؤتمر الدولى للمناخ عن الاتفاقيات النهائية. من ناحيتها وعدت فرنسا برصد ميزانية قيمتها مليارى يورو لتطوير الطاقات المتجددة فى عدة دول أفريقية بحسب ما أعلنه الرئيس الفرنسى فرانسوا اولاند خلال القمة المصغرة التى شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى الثلاثاء قبيل مغادرته باريس...وهى القمة التى جمعت 12 رئيس دولة أفريقية على هامش مؤتمر لوبورجيه وكان النقاش حول موضوع "التحدى المناخى والحلول الأفريقية"، وأوضح اولاند ان الميزانية المطروحة من اجل تطوير الطاقات المتجددة فى أفريقيا بحلول 2020. ولمواكبة الحدث الضخم الذى تشهده باريس باستضافة قمة المناخ اتسمت غالبية المواقع السياحية والحكومية فى باريس بالإضاءة الخضراء.. وزينت شوارعها وخاصة الشانزليزيه بأضواء مصاحبة للبيئة وفى ميدان الشانزليزيه وضعت طاحونة هواء ضمن ديكور استقبال أعياد الكريسماس كناية عن استخدام الطاقة النظيفة وصديقة للبيئة. كمااكتسى برج ايفل برسائل لمناصرى البيئة تحثهم على التبرع لمشروعات التشجير فى غابات الأمازون حيث حولت الاضاءة ثلاثية الأبعاد وجهة البرج الى غابة افتراضية من تصميم للفنانة التونسية نزيهة ميستاوى والهدف منها التحول الكامل الى مصادر الطاقة المتجددة وحماية غابات العالم وهو ماأطلقت عليه "قلب واحد شجرة واحدة". وقد اطلقت هذه الإضاءة عشية انطلاق المؤتمر واستمرت حتى يوم الجمعة الماضى .