لم تمر سوى أيام قليلة من هجمات باريس الإرهابية، حتى أعلنت السلطات الفرنسية أمس عن نجاحها فى قتل المخطط الرئيسى للاعتداءات، البلجيكى من أصل عربي، عبدالحميد أباعود، وذلك خلال عمليات المداهمة الأمنية التى نفذتها الشرطة الفرنسية بمعاونة من قوات الجيش فى ضاحية سان دونى الباريسية، التى تعرف باسم «حى المهاجرين». السرعة الفائقة التى تمكنت فيها السلطات الفرنسية من الوصول إلى مخطط الاعتداءات تعود بصورة أساسية إلى سلسلة من القوانين والإجراءات الاستثنائية التى اتخذتها فرنسا على جميع المستويات، بصورة توضح مدى تحلى جميع قيادات فرنسا ومسئوليها وسياسييها وإعلامها بالمسئولية تجاه الوطن. الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند لم يتردد منذ اليوم الأول فى إعلان حالة الطوارئ، ولم يعترض عليه أحد، وبعده مباشرة، طلب رئيس وزرائه مانويل فالس مد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر إضافية تنتهى أوائل العام المقبل، وأيضا لم يعترض أحد، وقوات الشرطة حصلت على صلاحيات واسعة تمكنها من التحرك بحرية واعتقال المشتبه بهم، وصدرت أوامر لأفراد الشرطة بإطلاق النار فورا على أى مشتبه به يحمل سلاحا، دون أن تخرج أصوات من هنا وهناك تعترض على إجراءات قمعية أو دولة بوليسية، وتدافع عن حقوق المتهمين، حتى وإن كانوا إرهابيين. مناطق وشوارع كاملة أغلقت، مستشفيات توقفت عن العمل، مدارس ومؤسسات لم تفتح أبوابها، مباريات رياضية تأجلت، وكل أشكال التظاهر والمسيرات تم حظرها، وكل ذلك حماية لأمن الوطن، وإعلاء لمصلحة فرنسا العليا. قادة المعارضة والرؤساء السابقون، كلهم كانوا على قلب رجل واحد، يدا بيد مع الرئيس أولاند، فى مواجهة الإرهاب، متجاوزين أى خلافات أو آراء ضيقة، مع احترام وجود رئيس يقرر وينفذ، حتى الدول الكبرى والمنظمات الدولية توقفت عن الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان، ولم تضع قيودا على الدولة الفرنسية تمنعها من أداء واجبها فى حماية مواطنيها وأراضيها. والدرس المستفاد هو: لا محاربة للإرهاب فى ظل قوانين وسياسات وقرارات عادية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام