نبدأ هذه الحلقة عن ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في يأجوج ومأجوج، رسمت الأحاديث النبوية ملامح أكثر وضوحاً عن عالم "يأجوج" و"مأجوج" وكشفت عن كثير من نواحي الغموض فيهم ، فأثبتت أن لديهم نظاماً وقائداً يحتكمون لرأيه، وأن السد الذي حصرهم به ذو القرنين ما زال قائماً، وأنه يمنعهم من تحقيق مطامعهم في غزو الأرض وإفسادها، ولذا فمن حرصهم على هدمه يخرجون كل صباح لحفر هذا السد، حتى إذا اقتربوا من هدمه قاموا بتأجيل الحفر إلى اليوم التالي، فيأتون إليه وقد أعاده الله أقوى مما كان، "بإرادة الله" فيعيدوا الحفر من جديد، فإذا أذن الله بخروجهم حفروا حتى إذا قاربوا على الانتهاء قال لهم قائدهم: ارجعوا إليه غدا فستحفرونه - إن شاء الله - فيرجعون إليه ويجدوه بقي على حاله لأن زعيمهم قال : "إن شاء الله"، "فحينما قدم المشيئة" تكون بداية خروج أخطر قوم، على سائر الأرض، وحينما يأتوا في الصباح يجدوا الحفر كما هو لم يتغير منه شئ، فيكملون الحفر، ويخرجون على الناس فيشربون مياه الأنهار، ويمرون على بحيرة طبرية فيشربها أولهم، فيأتي آخرهم فيقول: لقد كان هنا ماء !! ويتحصن الناس خوفاً منهم، وعندئذ يزداد غرورهم ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها آثار الدم "فتنةً من الله وبلاءً"، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وغلبنا أهل السماء، وحينما يقول الله تعالى: " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون" فهذا دليل قاطع على أنه حينما يخرجوا من مكانهم، سيكون لديهم سرعة ومهارة وقوة أثناء الخروج، حتى أنهم لا يتركوا مكانا إلا وخرجوا منه، وقد دلت الأحاديث على أن الزمان الذي يخرجون فيه يملكون أسباب القوة ويتفوقون بها على سائر الناس، ويرجح بعض الناس أن هؤلاء القوم سيكونوا " متقدمين عسكرياً" ووصلوا إلى تقنيات تمكنهم من إبادة غيرهم والسيطرة على بلادهم، وحينما نقرأ هذا الحديث نتعجب حتى وإن كان ضعيفا، أن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن "يأجوج" و"مأجوج" فقال له: ( يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت الرجل حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه، كل قد حمل السلاح ) قلت: يا رسول الله: صفهم لنا ؟ قال: ( هم ثلاثة أصناف: فصنف منهم أمثال الأرز ، قلت: وما الأرز ؟ قال: شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء، هؤلاء الذين لا يقوم لهم خيل ولا حديد، وصنف منهم يفترش بأذنه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام، وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية ) قال الهيتمي : (رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن سعيد العطار)، وفي روايات أخرى، هم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون، ذلف الأنوف، (أنوفهم مفروشة أو مفرطحة)، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، على أشكال الترك وألوانهم . وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب، فقال صلى الله عليه وسلم (إنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج : عراض الوجوه ، صغار العيون ، شهب الشعاف ( الشعور ) ، من كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة)، وجاء أيضا أن طولهم شبر وشبرين ، وأطولهم ثلاثة أشبار، والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء ، لا طاقة لأحد بقتالهم، وفي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج ، وأنه لا يأذن لأحد بقتالهم، ويأمره بإبعاد المؤمنين من طريقهم ، فيقول لهم ( حرَّز عبادي إلى الطور)، تحدثنا عن أوصافهم بكل الروايات المختلفة، وبكل الأحاديث المسندة والضعيفة، والآيات القرآنية، وبقي لنا نهايتهم الغليظة، وكيف أنهم يفزعوا البشر برائحتهم النتنة، وآخر المعجزات في آخر الزمان في الحلقة القادمة إن شاء الله. [email protected] المزيد من مقالات حسنى كمال