قبل قمة الاتحاد الاوروبى -افريقيا التى تبدأ فى مالطا اليوم الأربعاء اكدت المانيا انها تعول على هذه القمة للاتفاق مع الشركاء الافارقة سواء فى شمال افريقيا او دول جنوب الصحراء على إجراءات لمكافحة تهريب البشر والاتجار فيهم والحد من تيار الهجرة غير الشرعية المتدفق من افريقيا نحو الشمال. وأعلنت الحكومة الألمانية بشكل واضح أنها تعتزم التعاون مع الدول الافريقية المصدرة للاجئين أو دول «الترانزيت» فى مراقبة حدودها وتقديم الدعم الكافى لها مقابل التزام هذه الدول باستعادة اللاجئين غير الشرعيين . كما ترغب المانيا فى ربط المساعدات التنموية مستقبلا بالتعاون الذى تبديه هذه الدول فى “ الحد من تيار اللاجئين غير الشرعيين الى أوروبا”غير أن ذلك يواجه بانتقادات داخلية من المعارضة ولا يزال موضع خلاف داخل الحكومة الألمانية نفسها. وأعلنت المستشارة أنجيلا ميركل فى رسالتها الأسبوعية المصورة قبل أيام قليلة من القمة التى تستضيفها «فاليتا» عاصمة مالطا انها تعتزم زيادة المساعدات التنموية للدول الافريقية مقابل احراز تقدم فى هذه الدول على صعيد جديد يضاف للمعايير المحددة سلفا مثل الحكم الرشيد والالتزام بحقوق الإنسان ، ألا وهو التعاون فى مكافحة الهجرة غير الشرعية لبلادها وأوروبا. المستشارة الألمانية قالت إن الأزمة الحالية للاجئين كشفت لأوروبا عن الأهمية القصوى للتعاون مع الدول الأفريقية موضحة أنه على الرغم من أن اللاجئين السوريين هم محط الانظار حاليا فإن الهجرة غير الشرعية من أفريقيا لا تزال مرتفعة للغاية بسبب انهيار هياكل الدولة فى ليبيا التى تستخدم كمحطة للعبور وهو ما يقلق أوروبا كثيرا. وأعلنت ميركل صراحة استعدادها لتقديم تنازلات وفتح ابواب للهجرة الشرعية أمام الشباب الافريقى للقدوم الى أوروبا والعمل فى المجالات التى تعانى نقصا فى الأيدى العاملة موضحة ان الدول الافريقية تتوقع استعدادا أوروبيا للتعاون فى هذا المجال مقابل موافقتها على استعادة اللاجئين غير الشرعيين المرحلين من أوروبا . ما تقصده المستشارة من تعاون مع الدول الافريقية فى مجال وقف المهاجرين غير الشرعيين وما تعتزم المانيا والدول الاوروبية الاتفاق حوله مع الشركاء الأفارقة فى قمة مالطا، أوضحته الحكومة الالمانية مؤخرا فى ردها على المعارضة داخل البرلمان: وتقصد به التعاون المكثف مع مصر وتونس والسودان ومالى والنيجر فى المجال الامنى والشرطى لتأمين حدود هذه الدول ومراقبتها بشكل دقيق للتصدى لعمليات التهريب غير الشرعية التى تنطلق من اراضيها. ولتحقيق ذلك سيتم دعم سلطات هذه الدول بالتدريب والمعدات وبتقديم الخبرات الأوروبية والاستشارات. وهو ما يشمل إرسال خبراء اوروبيين لهذه الدول للتنسيق مع السلطات وتبادل المعلومات بشأن عصابات التهريب وطرق التهريب. ويتضمن هذا التعاون كما يشير رد الحكومة الألمانية إلى إبرام اتفاقيات مع دول مصر والجزائر وغانا وغينيا والمغرب ونيجيريا لإعادة اللاجئين غير الشرعيين لهذه الدول بعد ترحيلهم من الاتحاد الاوروبي. كما يشمل هذا التعاون إقامة مراكز ترانزيت فى هذه الدول يتم فيها استقبال اللاجئين وتقديم النصائح لهم لإثنائهم عن الأقدام على مغامرة الهجرة لأوروبا وسيبدأ أول هذه المراكز نشاطه فى النيجر فى العام القادم. وفى المقابل- كماذكرت ميركل بشكل عام- تقدم المانيا والاتحاد الاوروبى حوافز مالية عملا بمبدأ جديد فى السياسة التنموية الالمانية وهو “ المزيد مقابل المزيد”، أى كلما تعاونت الدولة الأفريقية فى تنفيذ اجراءات تحد من تدفق المهاجرين من اراضيها كلما حصلت على مساعدات اكثر سواء كانت تلك المساعدات على المستوى الثنائى او من الصندوق الائتمانى الأوروبى الذى تم الاتفاق على انشائه لهذا الغرض خلال القمة الأوروبية الأخيرة منتصف أكتوبر الماضى بتمويل مليار وثمانمائة مليون يورو. غير أن الحكومة الألمانية ستشارك فى قمة مالطا مع الشركاء الأفارقة والخلافات لا تزال قائمة فى صفوفها حول سياسة استخدام مساعدات التنمية كوسيلة للضغط أو كحافز لإغراء دول شمال افريقيا ومنطقة الساحل وشرق افريقيا للمساهمة فى إقامة حائط صد مبكر فوق أراضيها للمهاجرين غير الشرعيين القادمين منها ومن الجنوب. فكل من وزير الداخلية دى ميزيير وزعيم الاغلبية البرلمانية فولكر كاودر يؤيدان ربط المساعدات التنموية للدول الافريقية بمدى قبولها باستعادة اللاجئين ومدى تعاونها فى ذلك. اما وزير التنمية جيرد موللر وينتمى ايضا للاتحاد المسيحى المحافظ فيطالب بتوجيه مساعدات التنمية لتطوير المدارس وتأهيل وتدريب الشباب فى الدول المصدرة للاجئين بغض النظر عن إبرام هذه الاتفاقيات معها من عدمه ويرى فى ذلك مسئولية اوروبية والهدف الحقيقى للمساعدات التنموية حتى لا تزداد اعداد اللاجئين. كما ان الخبراء يشككون فى استعداد المانيا فعلا فى فتح باب الهجرة شرعيا لاستقبال ايدى عاملة من دول الجوار بشكل موسع فى ظل تدفق اللاجئين السوريين عليها ويتوقع أن يسدوا النقص فى سوق العمل فى المانيا فى المستقبل القريب. اما المعارضة اليسارية فى البرلمان فتنتقد قمة مالطا قبل ان تنعقد وتتهم حكومة ميركل بالتركيز على ملف واحد فقط رئيسى فى هذه القمة وهو كيفية منع المهاجرين الافارقة من الوصول للاتحاد الاوروبى بطرق امنية وبوليسية وذلك بدلا من مناقشة قضايا التنمية ودعم دول الجوار الاوروبى فى شمال افريقيا وجنوب الصحراء اقتصاديا ومساعدتها على الاعتماد على الذات وتوفير فرص العمل لشبابها فى مشروعات منتجة كوسيلة اساسية للقضاء على احد اهم اسباب الهجرة غير الشرعية وهى بطالة الشباب فى هذه الدول.