عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد برجى التجارة بنيويورك، ومبنى الكونجرس، وسقطت طائرة قبل وصولها للبيت الأبيض.. كان هذا اختراقا فادحا وفجا لنظم التأمين، ليست فى المطارات فقط، ولكن فى الأجواء الأمريكية على اتساعها.. وعندما ضرب مترو أنفاق لندن عام 2007، كان هذا اختراقا فادحا، لنظم التأمين فى أهم مرفق مواصلات بالعاصمة البريطانية. وعندما هاجم إرهابيون مقر صحيفة شارلى إبدو بباريس، عام 2014، وارتكبوا مذبحة حقيقية، كانت الكارثة فادحة، ذلك أن الشرطة الفرنسية اعترفت بأن منفذى الهجمات معروفان لدى جهات الأمن، وأنهما مصنفان ويفترض أنهما كانا تحت المراقبة. فى الحوادث السابقة وغيرها، لم تسارع الدول بسحب رعاياها، خوفا من تراجع إجراءات الأمن، بل العكس تماما حدث فى كل الوقائع السابقة، وهو تضامن العالم كله مع الضحايا والدول التى شهدت أراضيها وأجواؤها هذه الهجمات الإرهابية.. بل إنه فى فرنسا على سبيل المثال، ذهب قادة دول وزعماء ورموز ومواطنون من دول عدة ، للمشاركة فى مظاهرة كبرى ضد الإرهاب، وتضامنا مع فرنسا ومعانى الحرية والسلام. والآن.. والعالم كله يرفع شعار الحرب على الإرهاب.. فإنه للأسف بعد حادثة الطائرة الروسية، التى سقطت فوق سيناء، وجدناه يتصرف بشكل يدعم الإرهاب ويقويه ويحقق أهدافه، ذلك أن قرارات سحب السياح والرعايا من مصر بهذه الطريقة والكيفية، توجه ضربة مؤلمة للسياحة المصرية، وتثير شكوكا واسعة فى مدى قدرة إجراءات الأمن المصرية.. ما قد يلقى بظلال على فرص الاستثمار أيضا.. وهذا بالضبط ما يسعى إليه الإرهاب والإرهابيون، وهو إجراء كما نرى يكمل «رسالة الإرهاب» التى يدعى العالم الحر، أنه يحاربه ويكافحه. وهنا وبعيدا عن نظرية المؤامرة فإن الحادثة التى لم ينته التحقيق فيها حتى كتابة هذه السطور، أو تعلن نتائجه الرسمية، تأتى فى وقت نجحت فيه مصر فى توجيه ضربات قوية للإرهاب والإرهابيين، وتقترب فيه من نقطة انطلاق فى مسيرة إعادة بناء الدولة.. ويبقى هنا السؤال مشروعا: لماذا كانت كل هذه القرارات بسحب السياح والرعايا وإيقاف الرحلات.. المؤكد أنه من حق كل دولة أن تحافظ على رعاياها وتضمن سلامتهم، لكن المؤكد أيضا أنه كانت هناك طرق أخرى لتحقيق هذا الغرض، خاصة أن مصر أعلنت استعدادها التام للتعاون فى هذا المجال.. لكن «العالم الحر» تضامن مع الإرهاب بدلا من محاربته، وحقق للإرهابيين من خلال قراراته، ما عجزوا عن تحقيقه عبر سنوات من محاولات القتل والتدمير. لن نغرق فى أوهام المؤامرة.. ولن نكون ضحايا.. فنحن دائما أمة بناء وحضارة وتحد وصمود.. وهو أكثر ما تحتاجه مصرالآن فى «حربها» الواسعة ضد الإرهاب. لمزيد من مقالات رأى الاهرام