يعتبر التعليم قاطرة التنمية في مصر والمدخل الرئيسي لتحقيق التنمية الشاملة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقد برزت في السنوات الماضية بعض التحديات التي تواجه العملية التعليمية والتي تستلزم مواجهتها بتبني بعض الاساليب الجديدة والتي اثبتت بعض التجارب الدولية نجاحها في اليابان والصين وامريكا. وتتضمن هذه الاساليب تطبيق اللامركزية في التعليم لتمكين المدارس والادارات التعليمية من ادارة مواردها الذاتية بشكل أفضل لتحقيق الكفاءة والفاعلية للعملية التعليمية. وعلي ضوء ذلك اتجهت الحكومة الي تطبيق اللامركزية في قطاع التعليم وذلك منذ عام2008 في ثلاث محافظات هي الفيوم والاسماعيلية والأقصر. والآن وبعد أن مر ما يقرب من عامين علي هذه التجربة وأوشكت علي الانتهاء في عام2011 فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل حققت هذه التجربة الأهداف والغايات التي تسعي اليها ام أن هناك بعض القيود والمحددات التي تحول دون الوصول الي هذه الأهداف. وفي حقيقة الأمر فقد اشار رئيس الجمهورية الي ضرورة العمل علي تطبيق اللامركزية في العملية التعليمية وتأكيد التوسع فيها من خلال توزيع المسئولية والتدرج بها في المستويات المختلفة وتفويض السلطة. وتعني اللامركزية في قطاع التعليم نقل الصلاحيات من مستويات اتخاذ القرارات المركزية الي مستويات تقديم الخدمة الأمر الذي يتطلب اعطاء مزيد من صلاحيات اتخاذ القرار علي مستويات الادارات التعليمية والمدارس والتي يبلغ عددها41 ألف مدرسة تضم16 مليون طالب. واستهدفت الحكومة من هذه التجربة تحقيق الارتقاء بجودة العملية التعليمية وتحسين نوعية التعليم. كما استهدفت تحسين مصادر التعليم من خلال المديريات بواسطة زيادة المختبرات التعليمية في المدارس والمكتبات ومراكز الحاسبات وتنمية الأنشطة التربوية. وبالاضافة الي ذلك تطوير النظام الاداري والتربوي من خلال رفع مستوي المهارات الفنية وتطوير نظام المراقبة الادارية والمالية والعمل علي تنمية القوي البشرية بتأهيل المعلمين ورفع الكفاءات الفنية. بيد أنه في اطار الممارسة العملية لهذه التجربة برزت بعض التحديات التي تتمثل في نقص الكوادر الادارية والمالية في المديريات التعليمية وعدم الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة بالمؤسسات التعليمية. كما برزت بعض التحديات الأخري والتي تضمن ضعف مشاركة المجتمع المدني في تطبيق اللامركزية وبصفة خاصة الجمعيات الأهلية وانطلاقا من ذلك تبرز اهمية العمل علي تأهيل القيادات البشرية التي يمكن أن تقود هذه العملية وتحفيز المجتمع المدني علي المشاركة والعمل علي دعم المشاركة المجتمعية من خلال المجالس المحلية ومجلس أمناء المدارس ومجالس الآباء. خلاصة ما تقدم أن اللامركزية في قطاع التعليم قد أسهمت في دعم قدرات المدارس في هذه المحافظات للقيام بالواجبات والحصول علي المستلزمات بشكل مباشر وأكثر كفاءة. وان تطبيق اللامركزية سوف يسهم في زيادة دور المشاركة المجتمعية والعملية التعليمية وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المحلية الأمر الذي سوف يعمل علي اتساع نطاقها بالتطبيق علي المحافظات الأخري.