يعتبر مشروع تأهيل المعلمين من المشروعات المهمة والتى يعمل المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى على تفعيلها، وسعيا للاستفادة من الخبرات الدولية فى هذا المجال تعاون المجلس مع جيم وين المدير التنفيذى لمشروع تدريب المعلمين. ويعد جيم أحد خبراء التعليم البريطانيين ومستشارا للعديد من المشروعات التعليمية بأكثر من 50 دولة، مثل الولاياتالمتحدة والبرازيل وبروناى والكثير من الدول الإفريقية حيث إن له خبرات كبيرة فى برامج رفع كفاءة وتطوير عمل المدرس،بالاضافة الى خبرات طويلة مع العديد من الشركات الدولية فى مجال البرمجيات، واشترك فى وضع دراسة لمنظمة اليونسكو هى بمثابة إطار مرجعى لتأهيل المعلمين عالميا للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى العملية التعليمية. فى الحوار التالى يتحدث جيم عن المراحل الأولية لمشروع تأهيل المعلمين، والذى بدأ بصورة تجريبية منذ عدة أسابيع بعد شهور من الإعداد والدراسة، تمهيدا لإطلاق المشروع رسميا أوائل العام المقبل لتدريب 10آلاف مدرس كمرحلة أولي. حدثنا عن بدايات مشروع تأهيل المعلمين الذى يتم تحت إشراف المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى ؟ على مدى الاشهر الماضية عقدت أنا وزملاء لى من نيوزيلاند واستراليا ودول أخرى جلسات عمل مشتركة مع د.طارق شوقى أمين عام المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية، وطلب منى ومن عدد من خبراء التعليم الدوليين أن نبحث سبل تعزيز مفهوم مجتمع مصرى يسعى دوما للتعلم واكتساب الخبرات. ولأن المدرسين هم من العوامل الأساسية للمستقبل الاقتصادى لأى دولة، فلقد بحثنا الآليات المثلى لتدريب وتأهيل المدرس، وأطلقنا على مشروع تأهيل المعلمين اسم: «المدرسون أولا» وهذا الاسم بالغ الأهمية وذو دلالة ونأمل أن يعيه المجتمع ويضع نصب عينيه أهمية إصلاح، وتطوير المدرس كخطوة مهمة ومحورية للإصلاح والتنمية الاقتصادية للدولة، وعلى ذلك فإن مشروعنا يسعى لإيجاد أفضل المسارات التى تساعد المدرس المصرى على تطوير ذاته، ولتحقيق ذلك قمنا بتصميم وتنفيذ مشروع تجريبى فى الوقت الراهن لتدريب ورفع كفاءة 75 مدرسا مصريا حتى نهاية العام ونعمل معهم الآن على وضع آلية التدريب وتجربتها عمليا. واضاف: للتوضيح نحن لا نتطرق للمحتوى العلمى الذى يدرسه المعلم ولكننا نركز على مهاراته فى إدارة الفصل والتعامل مع الطالب وقدراته على التأثير فى نفوس الطلبة وإحداث التغيير ودفعهم للتعلم. لماذا يحظى المشروع بهذا القدر الكبير من الاهتمام الدولى ؟ تأهيل وتدريب المعلمين هو من الموضوعات الكبرى التى يتم الحديث عنها كثيرا فى جميع دول العالم، وبالرغم من ذلك فإن حجم ما يتم عالميا من برامج تأهيل وتدريب قليل جدا، فطبقا للإحصائيات فإن 1-2% من سكان العالم يعملون كمدرسين، وكل دول العالم تناقش كثيرا سبل رفع كفاءة المدرسين بما يتوافق مع المتطلبات العلمية من تحسين جودة التعليم وبرغم ذلك فقليل ما يتم تنفيذه بالفعل على مستوى دول العالم، علما بأن كل الخبراء والحاصلين على جوائز «نوبل» فى الاقتصاد دائما ما يؤكدون أن مستقبل أى دولة مرتبط بجودة مخرجات التعليم وأحد أهم مقومات العملية التعليمية المدرس، كما أن أهم مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية يعتمد بشكل كبير على تأهيل المجتمع ليكون لديه شغف للتعلم باستمرار، فمقومات أى طبيب أو مهندس ناجح على سبيل المثال تعتمد على مدى قدرته على التعلم من الآخرين واكتساب مهارات جديدة بشكل دوري. بالعودة إلى المشروع كيف تم انتقاء المعلمين الذين يتم تدريبهم حاليا؟ تواصلنا مع أكثر من جهة لترشيح وانتقاء المجموعة الأولى من المدرسين مثل وزارة التربية والتعليم ومراكز التعليم المستمر والجامعات والمدارس الخاصة وكذلك بالتعاون مع أعضاء التخصصى للتعليم والبحث العلمي، فهذه المجموعة الصغيرة من المدرسين تساعدنا فى تكوين برنامج التدريب ولا يجمع هذه المجموعة المتنوعة على اختلاف أعمارهم وخبراتهم إلا شغف التعلم وتبادل الخبرات. واشار الى أن ما يتم هو أننا نلتقى هؤلاء المدرسين مرة أسبوعيا بمقر المجالس التخصصية للتدريب على المهارات المختلفة ثم يعودون لتطبيق ما اكتسبوه بفصولهم ويقيمون بأنفسهم التجربة ثم يعودون فى اللقاء التالى لمناقشة جوانب النجاح والفشل من تطبيق المهارات بالفصل. واوضح ان هذه التجربة، التى نقوم بها مع المدرسين تسير إلى الآن بصورة جيدة، حيث نأمل أن يكونوا سفراء للتطوير ونقل الخبرات لزملائهم بالمدارس ومع إطلاق مشروع «المدرسون أولا» بداية من شهر يناير المقبل سيتعاونون معنا فى مجالات عدة حيث سنسعى خلال العام المقبل لتدريب 10 آلاف مدرس، وبالتبعية هذا العدد الأكبر سيتعاون معنا لنقل خبراتهم لاقرانهم وهكذا. ما الذى يمكن أن يدفع المدرسين للالتحاق بمثل هذه التدريبات؟ نسعى لأن يكون المدرسون أفضل وأكثر احترافية وقدرة على تطبيق أحدث الطرق التربوية فى التعليم والقيادة، كما أننا نريد للمجموعة الأولى من المعلمين الذين سندربهم خلال العام أن يكونوا سفراء التطوير فى النظام التعليمى المصري. وللتأكيد فإن مكافأة المشاركين لن تكون بالمال فنحن حريصون على أن تكون مشاركتهم نابعة من رغبتهم فى اكتساب المهارات لتنمية قدراتهم كمدرسين، كما أننا نعمل معهم على تشكيل برنامج التدريب ونتشارك فى المحتوى ولا نملى أى شيء بدعوى أننا متخصصون دوليون بالعكس نحن نعمل مع المدرسين المصريين لابتكار المسار الأفضل لمصر لتطوير وتنمية مهارات المدرسين. كيف ستتم عملية التدريب؟ بشكل عام ستتم العملية التدريبية خلال 13 أسبوعا حيث سنلتقى بالمدرس مرة أسبوعيا ثم نترك له فرصة تطبيق ما تعلمه فى الفصل خلال الأسبوع، كما سيكون فريق كبير من المساعدين والمدربين المصريين سواء لطلب المشورة وتبادل الخبرات إلكترونيا أو لمساعدة المدرس فى الفصل. ولعل ما تجب الإشارة إليه هو أن تدريب 10 آلاف مدرس هو أمر ضئيل جدا مقارنة بتعداد المدرسين فى مصر والذى يقدر ب1.7مليون مدرس ولذلك فإن المجلس التخصصى وضع تصورا بأن يتم التدريب للمدارس الأكثر استعدادا لاستقبال هذا المفهوم الجديد للتطوير وتأهيل المعلم وهو ما يعنى أن المدارس ستتبارى وتسعى لرفع كفاءتها للفوز بهذه المنح التدريبية التى ستمنح مجانا لمدرسيها. هذا التوجه من المأمول أن يسهم بشكل أسرع فى رفع كفاءة المعلم وفى إيجاد بيئة جاذبة للتعلم والتطوير وسط المدرسين والحقل التعليمي. هل لكم أولويات فى رفع كفاء المدرسين بمرحلة تعليمية محددة؟ لا… نحن نعمل مع جميع المدرسين، فالهدف هو تطوير آليات التواصل بين المدرس والطالب وتحسين مهارات إدارة المدرس للطلبة وتحفيزهم على التعلم والتطوير، فعلى سبيل المثال احتفاء المدرس بتعليق إنتاج الطالب المميز على حائط الفصل هو نوع من التقدير والإشادة بإنتاج الطالب، هذا السلوك التربوى يحدث فى جميع المراحل التعليمية ويعد من الوسائل البسيطة التى تساعد على تأكيد لغة التواصل بين المدرس والطالب. كيف يمكن إيجاد لغة تواصل إيجابية بين الطالب والمدرس فى ظل سوء حالة الفصول والمبانى التعليمية والتكدس ؟ كل هذه العوامل لا تعيق قيام المدرس بعمله، وفى إدارة الفصل وتأكيدا على ما قلت فلقد قمت بتدريب مدرسين فى العديد من الدول الإفريقية وكانت الإمكانات وحالة الفصول أسوأ بكثير مما رأيته فى مصر وأعداد الطلبة أضعاف الأعداد فى الفصول ورغم كل ذلك نجح المدرسون فى إدارة الطلبة والتأثير الإيجابى عليهم.