بروتوكول تعاون بين الرعاية الصحية وبيت الزكاة والصدقات لعلاج غير القادرين    سعر جرام الذهب اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    استقرار أسعار الدواجن اليوم الجمعة 25-10-2024 في محافظة الفيوم    تفاصيل حوار وزير المالية مع ممثلي كبرى المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية بواشنطن    إيران تجهز سيناريوهات الرد على الهجوم الإسرائيلي المحتمل    الأرصاد: أجواء خريفية ونشاط رياح بأغلب الأنحاء يلطف حالة الطقس    علب الكانز السبب، اعترافات صادمة لجامع قمامة متهم بقتل زميله في المقطم    القاهرة الإخبارية: 28 شهيدا حتى الآن حصيلة اعتداءات الاحتلال على خان يونس    رئيس جامعة القاهرة: مستمرون في تحقيق أهداف المبادرة الرئاسية "بداية"    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد إبراهيم الدسوقي| فيديو    وزير الإعلام اللبناني: قصف دار ضيافة الصحفيين بالجنوب جريمة حرب    أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يرغب في مواصلة العملية العسكرية بغزة    محلل أمريكي: كيف يمكن تجنب الصراع بين الناتو وروسيا؟    نجم الروك بروس سبرينجستين: ترامب يسعى ليكون طاغية أمريكي    جدول مباريات اليوم.. افتتاح الجولة في الدوري الإنجليزي والإسباني.. وظهور العين قبل لقاء الأهلي    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    تشكيل أهلي جدة المتوقع لمواجهة الأخدود.. توني يقود الهجوم    لا يليق.. إبراهيم سعيد يعلق علي مستوي زياد كمال في الزمالك    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى رحيل مطران مارسيليا بفرنسا    محافظ أسيوط يكرم الفائزين بالمسابقات العلمية الدولية ويطلب تنظيم مسابقة لأوائل الطلاب    طريقك سالك.. سيولة مرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    التصريح بدفن جثة جامع قمامة قتله زميله في المقطم    أمطار رعدية وسيول.. الأرصاد السعودية تطلق تحذيرا عاجلا من طقس اليوم    إنفوجراف| أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة 25 أكتوبر    تشييع جنازة والدة أحمد عصام من جامع الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة الجمعة    «الإسكان»: بدء تسليم قطع أراضي الإسكان المتوسط بمدينة المنيا الجديدة في هذا الموعد    إدارة نوادي وفنادق القوات المسلحة تفتتح نادى النيل بعد انتهاء أعمال تطويره    دبروا احتياجاتكم.. قطع المياه 8 ساعات عن مناطق في الجيزة مساء اليوم    سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024 في مصر    قوات الدفاع الشعبي والعسكري بالغربية تنظم عدداً من الأنشطة والفعاليات    مواعيد تشغيل مترو الأنفاق في التوقيت الشتوي    النشرة الصباحية من «المصري اليوم»: موعد تطبيق التوقيت الشتوي.. أماكن بيع كراسات شقق الإسكان وفيديو خناقة شيكابالا    بعثة الأهلي تصل إلى القاهرة بعد التتويج بالسوبر المصري    ترتيب الدوري الفرنسي قبل مباريات الجولة التاسعة    مريم الخشت تعلق على أول ظهور لها مع زوجها بمهرجان الجونة بعد زفافهما    مسلسل 6 شهور ضمن قائمة الأكثر مشاهدة على watch it.. بطولة نور النبوي    أحمد سلطان ل الفجر الفني: "أصدقائي من الوسط الفني وقفوا جنبي بقلبهم وأنا محظوظ بيهم ووالدتي أول من دعمني"    "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".. موضوع خطبة الجمعة بمساجد الأوقاف اليوم    ترامب: هاريس تصفني بالفاشي بسبب خسارتها السباق الانتخابي    أيهما أفضل أداء تحية المسجد والإمام يخطب أم الجلوس والاستماع؟.. لجنة الفتوى توضح    الأردن يدعو المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات رادعة تلجم العدوانية الإسرائيلية    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    اليوم، إطلاق 5 قوافل طبية قافلة طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    فريق طبي بالمستشفى الجامعي بطنطا ينجح في استئصال ورم سرطاني بالمريء    مستشار وزير الصحة ينصح الآباء: الختان جريمة ولا علاقة له بالدين والشرف    رسالة صلاح عبدالله للاعبي الزمالك بعد خسارة كأس السوبر المصري.. ماذا قال؟    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    عروض أفلام وحوار محمود حميدة، تعرف على فعاليات اليوم في مهرجان الجونة السينمائي    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    خالد قبيصى مديرا لمديرية التربية والتعليم بالفيوم    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترام.. تاريخ على القضبان..محطة الرمل حائرة بين القانون والتراث و«الفيشار»
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 10 - 2015

استيقظ سكان الإسكندرية على خبر بدا للكثيرين صادماً وغير مُبرر ، وهو قيام الأجهزة التنفيذية والشرطة بالمحافظة بإزالة أكشاك باعة الجرائد والفيشار بميدان محطة الرمل بالمدينة ، وهو المكان الذى يقيمون به أكشاكهم منذ ما يزيد على سبعين عاماً حسب قولهم.
وأضاف البعض أن هذا العمل يندرج ضمن ما سموه «خطة محو الهوية الثقافية والتراثية الممنهج للمدينة» والذى يقوم بمسخ وإزالة كل المعالم التراثية والمبانى القديمة وعلى رأسها ميدان محطة الرمل الشهير بمبناه الذى يشبه المظلة الأسمنتية التى تعلوها ساعة والذى يحاكى المظلة الخشبية القديمة التى تم إنشاؤها عام 1904 لتكون قلب محطة ترام الرمل …بينما يؤكد المسئولون أن الأمر لا يعدو كونه مشروعاً لإعادة الرونق الحضارى لقلب المدينة التى أصابتها الشيخوخة ويسعى المحافظ والمسئولون لبث الحياة فيها عن طريق منحها «قبلة الحياة», بالإضافة لإصلاح أوضاع مغلوطة امتدت لعشرات السنين وتسببت فى تشويه قلب المدينة الجميلة .
والحكاية كما يرويها أحد باعة الجرائد بالميدان وهو محمد فوزى عبد الله وشهرته سونة أن النزاع بدأ بينهم وبين هيئة النقل العام بالإسكندرية منذ شهر إبريل الماضى حين فوجئوا بأن رئيس مجلس إدارة الهيئة أصدر قراراً بالإزالة لكل بائعى الجرائد والكتب بالميدان وعددهم سبعة (خمسة منهم بالقرب من السنترال واثنان تحت المظلة) وثارت أزمة كبيرة امتدت لعدة أشهر رفضنا خلالها مغادرة أماكن أكل عيشنا ، حيث اننى أعمل فى هذا المكان منذ 45 سنة وأبى منذ الخمسينيات ، كما أن لدينا ترخيصا من حى وسط بالكشك منذ عام 1997 وندفع الإيجارات كاملة وبشكل منتظم وحتى هذه اللحظة وهو مبلغ 100 جنيه كل شهر، ولكننا فوجئنا إن الهيئة تريد زيادة الإيجارات وعندما اعترضنا لأن هذا العمل ليس مربحاً ويكفينا بالكاد.. كان الرد غيروا النشاط .. بيعوا كبدة وبالطبع لا يمكن بأى حال من الأحوال - والكلام ما زال على لسان سونة أن نغير نشاطنا من الثقافة والكتب الى أى شيء آخر, خاصة أننا أصبحنا احد العلامات السياحية الهامة لمدينة الإسكندرية فكان الرد أن هذه الأكشاك سوف تدخل مزايدة فيمكنكم الاشتراك بها، وبالطبع هذا الكلام يرفضه باعة الجرائد الذين أصروا على أنه لاقبل لهم بالمزايدات وأسعارها العالية ، وهذا الأسبوع فوجئنا بحملة ضخمة قامت بإزالة الأكشاك بطريقة عنيفة مما تسبب فى تحطيمها وتمزيق الكتب والقائها فى عرض الطريق .
وأضاف : لم يستجب المسئولون لتوسلاتنا رغم أن عقود الإيجارات التى لدينا ليس بها بند يسمح بفسخ التعاقد على الرغم من أن هانى المسيرى محافظ الإسكندرية قد التقى بنا وطمأننا وطالبنا بالالتزام بمواقعنا وعدم تعدى المكان المخصص لنا حتى لا نتعرض للإزالة.. وأضاف سونة: نحن لسنا ضد تطوير الميدان ولكننا ضد أن يتم الإطاحة بنا .. نحن فقط نريد أن نعود الى أماكننا فى إطار منظومة حضارية ولا مانع أبداً من وجود شكل موحد للأكشاك يلتزم به الجميع .
وأضاف أحد البائعين : إننا نسدد الإيجارات بشكل منتظم ولدينا إيصالات الدفع ، ورغم ذلك أصر رئيس هيئة النقل العام على الإزالة بحجة تطوير الميدان واتهمنا بعدم سداد الإيجارات ، وقد قمنا بتحريك دعاوى قضائية فى محكمة القضاء الإدارى لوقف هذه المهزلة باعتبار أننا مرخص لنا منذ عام 1975 ومازالت التراخيص سارية وقد اصطبغت التراخيص بصبغة العقود الإدارية لاستمرارها لمدة أربعين عاماً وبالتالى عند قيام الهيئة بإلغائها لابد أن يكون ذلك لأسباب قوية وليس لمجرد تحقيق ربح أكبر .
ميدان الفيشار
الإسكندرية مشهورة برائحة البحر وميدان محطة الرمل وقرطاس الفيشار اللذيذ، من فى المدينة وزوارها لم يتذوق فيشار محطة الرمل ، تلك كانت فسحة الفقراء هكذا علق أحد المواطنين الذى أحزنه منظر محل الفيشار الشهير محطماً ومغلقاً ، قائلا: «تلك كانت مُتعتنا فى صبانا أن آتى فى العيد مع أصحابى ونلهو ونلعب فى الميدان ونلتهم حبات الفيشار بمرح.. حتى الأحلام والذكريات أصبحت ملكاً لمن يدفع أكثر!» هكذا صاح رجل آخر فى طريقه لركوب الترام الذى كان يقف على رصيف المحطة وسط الكتب الملقاة على الأرض، وآثار التدمير الناتجة عن الإزالة.
ويقول أحمد سليم الذى يعمل فى محل الفيشار إن حملة الإزالة قامت هذا الأسبوع بتحطيم المحل الذى يفتح أكثر من 40 بيتاً وقامت بإلقاء الثلاجات والأجهزة فى الشارع مما تسبب فى إتلاف بعضها وقامت بطرد العاملين ، وتمت إقامة حائط لسد المدخل مما تسبب فى حالة استياء عامة بين المواطنين السكندريين الذين يعتبرون هذا «الفيشار» جزءا من تاريخ المدينة ورائحة ذكرياتهم ، والسبب حتى الآن غير مفهوم على الرغم من أن المحل لديه ترخيص بالعمل منذ عام 1956وإن كانت الشائعات تدور حول قيام أحد محلات الكبدة بتقديم عرض سخى لتأجير المحلات ، كما يدور الهمس أيضاً حول طلب إحدى الشركات الحصول على هذا المكان الحيوى لإقامة أحد مشروعاتها فيه ، ولكن الأكيد كما يقول أحمد سليم «أننا ندفع الإيجارات للمحلات الثلاثة بانتظام وتبلغ حوالى 4 آلاف جنيه فى الشهر ، ولدينا ما يثبت ذلك ولن نسكت أبداً على حقوقنا وسنظل نكافح لاسترداد المكان الذى عشنا به أحلى سنوات عمرنا».
وهكذا تركت الميدان وهو يعيش فى حالة حزن شديد بسبب ما يشعر به البائعون من غضب وخوف وقلق على المستقبل المجهول الذى ينتظرهم على الرغم مما قالته إحدى السيدات لقد شوه بعض الباعة الميدان وحولوه الى سويقة ولم نكن نستطيع التمتع به كما كنا فى الماضى فقد امتلأ بالباعة الذين يفترشونه ليبيعوا كل شيء من الإبرة للصاروخ من ملابس وأحذية وأدوات منزلية وحلل واكسسوارات ونظارات ولم يعد الأمر مقصوراً على الكتب، فقد تغير وجه الميدان الحضارى ولم يعد أنيقاً كما كان فى الماضى بل أصبح مأوى للبلطجية والمتسكعين ولم يعد مكاناً لائقاً للأسر.. حان وقت تنظيف وجه الإسكندرية وإعادة الرونق إليها .. هكذا أنهت السيدة حديثها معى .
دولة القانون
ولكن للحقيقة وجه آخر كما يقول اللواء خالد عليوة رئيس هيئة النقل العام بالإسكندرية الذى أكد أن قرارات الإخلاء صادرة منذ عام 2014 أى قبل توليه منصبه ، وأن قرارات الإزالة تنطبق على اثنين فقط من باعة الجرائد هما صالح على سيد الذى كان يستأجر مدرج (ستاند) متر x نصف متر عام 1998 ولمدة عام واحد والثانى هو محمد فوزى الذى كان يستأجر مدرجا (ستاند) متر x ثلاثة أمتار عام 1997 ولمدة عام واحد فقط ، أى أن المفاجأة أن اثنين فقط من الباعة هما من يملكان عقودا ولمدة سنة واحدة فقط وليس سبعين عاما كما يقولون, كما أنها منتهية الصلاحية ولم تُجدد لهم ولكنهم رفضوا مغادرة أماكنهم بل قاموا بالتعدى على حرم محطة الترام، وأقاموا أكشاكا تسيء الى شكل المحطة الجميل وافترشوا الأرض فصدر لهم قرارات بالإخلاء ، أما عن الإيصالات التى بحوزة الباعة فهى «ليست إيجارات بالمعنى القانوني» ولكنها «مقابل حق انتفاع «، والمعروف أن القانون ينص على عدم إشغال أى مكان حكومى أكثر من 3 سنوات الا بعد القيام بمزايدة يدخل فيها الجميع وتتم بشفافية وهو ما لم يحدث فى هذه الحالة ولا أعلم من هو المسئول عن ترك هؤلاء الباعة طوال هذه السنوات بهذا الشكل بدون تقنين وضعهم بشكل قانونى وبالتالى فلا يوجد لهم أى سند قانونى ، وقد تم إخطارهم أكثر من مرة بتسليم الأماكن إلا أنهم امتنعوا بالإضافة الى أنهم كانوا يسرقون التيار الكهربائي.
وأضاف عليوة أنه بعد صدور قرارات الإخلاء طالب الباعة الجائلون باستمرارهم وأنه لا مانع لديهم من أى زيادة مقابل الترخيص، نافياً ما يردده الباعة بأن الهيئة طالبتهم بتغيير النشاط، وأكد انه سيتم إعادة طرح الاكشاك بعد إعادة تخطيط الميدان وإعادة الرونق الحضارى له من قبل مكاتب هندسية متخصصة وذلك استكمالاً للمنظومة التى بدأت لتطوير الميدان بنقل نقطة الشرطة التى تمت إقامتها بشكل عشوائى أساء للميدان، كما سيتم إعادة النافورة ولوحة الخرائط المضيئة القديمة, كما يتم حالياً إزالة الإعلانات المخالفة وإصلاح السلالم الكهربائية وإعادة المجمع الاستهلاكي.
أما عن محل الفيشار فقد كان مملوكاً لرجل يدعى يوسف جورج بشاى أنطون وحصل على عقد للمحل منذ عام 1956 حتى عام 1959 ولم يتم التجديد بعدها فقد مات الرجل وليس له ورثة وبقى المحل فى حوزة العاملين به حتى الآن الذين يديرونه بنظام حق الانتفاع ويدفعون مبلغ 2000 جنيه شهرياً بما لا يتناسب مع حجم وموقع المكان ويضيع الكثير من المبالغ على خزينة الدولة ، وبالتالى فالموجودون فى المحل ليس لهم صفة ولا يوجد من الورثة من نتفاوض معه ، كما أن العاملين بالمحل لم يكتفوا بذلك بل قاموا بتقسيمه الى ثلاثة محلات ووضعوا بها أنابيب بوتاجاز كبيرة مما يعرض حياة زوار المحطة للخطر إذا إنفجرت إحدى هذه الأنابيب .. وقد اكتشفنا ذلك عند القيام بالإخلاء فأصدرت الهيئة بيانا أكدت فيه «أنه فى إطار حرص الهيئة على احترام القانون وهيبة الدولة فقد قامت بالاشتراك مع عناصر من القوات المسلحة وحى وسط وشرطة المرافق بتنفيذ قرارات الإخلاء لمحل مقسم داخلياً لثلاثة أجزاء ومدرجين واثنين لوضع الجرائد وذلك لقيام الهيئة بعملية تطوير الميدان ولعدم التزام المنتفعين بالمساحات المخصصة لهم مما يعوق حركة الركاب والجمهور ويؤثر على المظهر الجمالى للمحطة وعدم اتباع تعليمات الأمن الصناعى بالنسبة لمحل الفيشار نظراً لوجود 6 اسطوانات بوتاجاز كبيرة الحجم مما يعرض الجمهور والمحطة للخطر بالإضافة لسرقة التيار الكهربائى ولانتهاء المدة القانونية المحددة لهم فى التراخيص مما يعطى الهيئة الحق فى الإخلاء وبعدها سيتم طرح مزايدة علنية لهذه المحلات بعد الانتهاء من أعمال تطوير الميدان».
ويضيف عليوة أن من حق هؤلاء الباعة الدخول فى المزايدة القادمة وبالتالى لديهم الفرصة للحصول على أكشاك جميلة فى إطار منظومة راقية لكى يحصل كل فرد على حقه ولتحصل الدولة على حقها .
محطة الترام والمحافظ
أما هانى المسيرى محافظ الإسكندرية فقد أبدى تحفظه على الطريقة التى تمت بها إزالة الأكشاك دون الرجوع اليه والتى أثارت سخط المجتمع السكندرى وقال إنه يحاول جاهداً تجميل وجه المدينة التى أصابتها الشيخوخة من خلال مشروعات قد يراها البعض رفاهية ليست فى وقتها ولكنها فى نظر البعض الآخر محاولة لإنعاش جمال المدينة بفرض فكرة الجمال ونشر ثقافة التمتع بما هو متاح، وقال ان ما يتم حالياً هو دراسة الوضع داخل الميدان الذى كان يعتبر من أجمل وأرقى ميادين المدينة بهدف تطويره وإعادة الوجه الحضارى اليه من خلال إعادته الى الشكل البسيط القديم الذى كان يبدو عليه فى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات وسيتم دراسة وضع هؤلاء الباعة ومن له حق ومعه أوراق قانونية سوف يحصل بالتأكيد على حقه بعد الانتهاء من التطوير وعمل أشكال موحدة للأكشاك على غرار ما يحدث فى كل ميادين العالم ، وقد تم إسناد وضع تصور هندسى للميدان لأحد أشهر المكاتب الهندسية مع الاتفاق على إعادته الى شكله القديم البسيط وسيتم البدء فى التنفيذ فور الموافقة على التصميمات من قبل المختصين والمسئولين عن تراث المدينة ، ولكننا بدأنا بالفعل فخصصنا مكانا لإقامة قسم الشرطة بدلاً من المبنى المشوه الذى تم إقامته فى وسط الميدان وتم عمل مداخل ومخارج له كما سيتم إعادة تشغيل النافورة القديمة والخريطة المضيئة وإصلاح أوضاع المحلات ، وقد اكتشفنا وجود مخبز تحت محل الفيشار وكانت مفاجأة غير سارة ولكننا سوف نتخلص من كل هذا الميراث القديم وسوف يتم تخصيص أماكن بالميدان لإقامة أكشاك للجرائد والمجلات والآيس كريم والفيشار ، كما يمكن استغلال الميدان بعد ذلك فى إقامة حفلات للموسيقى العسكرية ومعارض فنية .. أما بالنسبة للباعة فسوف يكون لهم الأولوية فى دخول المزايدة باعتبار أنهم عاشوا لفترة طويلة فى الميدان ولن تكون الإيجارات مبالغا فيها وبما يتناسب مع إمكاناتهم مع المحافظة على الشكل الجمالى للميدان وهذا التطوير سوف يتم بالمشاركة مع المجتمع المدنى وجمعية رجال الأعمال ووزارة التموين من خلال شركة المجمعات الاستهلاكية وقد بدأنا بالفعل فى تطوير منطقة محطة الرمل من خلال إزالة اللافتات الإعلانية التى كانت تشوه العمارات الرائعة التى تحيط بالمحطة وسيتم غسل المبانى التاريخية بالمياه وإعادتها الى لونها الأصلى ليبدو جمال معمارها ..
وقد أبدي حلمى النمنم, وزير الثقافة, اهتمامه بمشكلة باعة الجرائد فأجرى اتصالا هاتفيا بهانى المسيرى لمناقشة أسباب إزالة أكشاك بيع الكتب فأخبره المسيرى أنه بمجرد الإنتهاء من تطوير الميدان ستكون الأولوية لأصحاب الأكشاك فى العودة مرة أخرى للميدان ضمن منظومة محترمة ، وأكد النمنم أنه سيقوم بزيارة الإسكندرية قريبًا وسيزور محطة الرمل والأكشاك التى أزيلت، مشيرًا إلى أن الإسكندرية تتمتع بزخم فكرى وحضارى كبير، وأنها منارة للثقافة على مر العصور يجب الحفاظ عليها .
ثلاثة أجيال
وعن تاريخ محطة الرمل يقول المهندس محمد عوض الخبير فى تراث الاسكندرية ومبانيها التاريخية ان مبنى المحطة أقيم عام 1904 عندما تمت كهربة سكة حديد الرمل وكان مبنى خشبيا بسيطا ومؤقتا للتذاكر ويضم بعض الدكاكين بداخله وكانت المحطة القديمة (محطة قطار الرمل) فى موقع سينما ستراند وتياترو الهمبرا ثم تم إقامة مبنى للمحطة فى العشرينيات ثم تلا ذلك تجديد لمعظم ميادين الإسكندرية عام 1958 ومنها ميدان محطة الرمل الذى وضع تصميمه المهندس أحمد النجار تحت إدارة فؤاد بك عبد المجيد رئيس قلم الهندسة بالبلدية على الطراز الحديث وأقيم فى هذا التصميم أول سلم كهربائى فى الإسكندرية وجمعية تعاونية ومكتب بريد ودورة مياه عمومية وكان التصميم بسيطاً وجميلاً ويعلوه ساعة ثم تعاقبت عليه التشوهات وتعديات الباعة الجائلين حتى وصل الى حالته الآن .. ولكنى غير راض عما حدث من إزالة للباعة وتشويه لمحل الفيشار فهذا الميدان من المناطق التى لايجب المساس بها, حيث إنها تتبع لجنة الحفاظ على التراث وتطويره والقيام بأى تعديل فيه لابد أن يتم بموافقة لجنة الحفاظ على التراث وبالطبع لابد أن يشمل التطوير مناطق خدمات فأى محطة أو ميدان فى العالم لابد أن يكون فيه أكشاك راقية لبيع المأكولات والحلوى والجرائد والفيشار والآيس كريم والسجائر.
ويضيف أن ضاحية الرمل لم تكن سوى صحراء رملية يأوى إليها بعض الأعراب وكان وراء تلك الكثبان قرية صغيرة تسمى الرملة يسكنها قليل من الناس, إذ كانت الحكومة تعتبر تلك المنطقة من المناطق العسكرية التى لا يجوز الانتشار فيها إلا بإذن خاص من السلطات وتدريجياً زحف العمران اليها خاصة بعد الامتياز الذى تم منحه للسير إدوارد سان جون فيرمان فى 1860م، ليتم تأسيس شركة خاصة للترام ليتم بعدها مد أول قضبان حديدية بجهة (مسلة كليوباترا) ميدان محطة الرمل حاليا، ليتم افتتاحه فى 1863م لينقل المواطنون بقطار واحد من الإسكندرية (محطة الرمل حالياً) إلى محطة بولكلى الحالية.
وفى النهاية يظل ميدان محطة الرمل فسحة البسطاء ومتنفسهم الوحيد الرخيص وتظل متعتهم البسيطة التهام حبات الفيشار ، وهم يتنفسون هواء البحر المجانى ويملأون صدورهم باليود طاقة الفقراء ليستكملوا حياتهم بسعادة .. فهل تنتهى هذه المشكلة بحل يرضى جميع الأطياف: .. البائعين ومن يملكون الحق والدولة وهيئة النقل والبسطاء من السكندريين بشكل يعيد للمدينة جمالها الذى حرمت منه لسنوات طوال? .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.