عيد الاضحي المبارك مناسبة دينية عظيمة تحتل مكانة مقدسة في نفوس الشعوب العربية والإسلامية علي مر التاريخ لدرجة أن الجميع ينتظروها بفارغ الصبر من العام للعام كي يقوموا بعمل غسيل روحي ووجداني لأنفسهم من أخطاء وأوزار العام. هذه المناسبة مازالت تحتفظ ببريقها وطقوسها الخالدة علي مر الزمان ففي العصر الفاطمي كان الخليفة يخرج في موكب مهيب لثلاث أيام متتاليات ليذبح بنفسه الأضاحي ويوزعها علي الفقراء والمساكين وكانت البيوت تتزين احتفالا بفرحة قدوم العيد. ............................................................................. أما في العصر المملوكي فقد عرف المصريون لأول مرة' العيديه' وكانوا يزفون الإمام من بيته حتي المسجد ليصلي بهم العيد وكان الأطفال الصغار يلهون ويمرحون مع خيال الظل الذي عرف فيما بعد باسم' الارجوز'. وفي العصر العثماني كان الإفراج عن بعض المساجين من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد وتدشين آلاف المراجيح في ميادين القاهرة,مظاهر الفرحة كانت تكتمل بترديد تلك العبارات الجميلة المعبرة عن البهجة التي كان يصدح بها الصغار والكبار لعل من أشهرها'بكرة العيد ونعيد وندبح بقرة الشيخ سيد'. ومع دخول عصر التكنولوجيا وانتشار المذياع والتليفزيون في كل بيت مصري لعب الفن دورا هاما في ترسيخ قيمة الإحساس ببهجة الأعياد من خلال الاغان التي كانت تذاع لعل أشهرها أغنية السيدة أم كلثوم' يا ليلة العيد انستينا',وما لايعرفة الكثيرين أن كوكب الشرق قد غنت أغنية نادرة خصيصا لعيد الاضحي تدعي'سلام الله علي الأغنام'عرضت في فيلم سلامة عام1945, كما غني الفنان حسن الموجي' عيد الاضحي يا أجمل عيد'. ومع استمرار تقدم التكنولوجيا والاختراعات ظهرت الهواتف المحمولة لتحل محل أجهزة الهاتف التقليدية التي كانت من أفضل الوسائل للاطمئنان علي الأصدقاء والأحباب في الغربة او في المناطق البعيدة داخل الوطن. المدهش والمثير للجدل والعجب في آن واحد انه مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي بدأت العلاقات الإنسانية في الانهيار والتدهور بصورة حادة وملحوظة لدرجة أن كثير من أفراد المجتمع استبدلوا هذه المواقع محل الزيارات والعلاقات الاجتماعية الأصيلة وأنهم أصبحوا يحتفلون بمظاهر الأعياد بالباقات المصورة والصور التي تحمل تعليقات وفق هوي مرسليها الأمر لم يقتصر علي هذا الحد بل وصل إلي درجة تخصيص رنات مميزة لكل شخص من الأهل والأقارب والأصحاب وفق مكانه كل منهم لدي الطرف الأخر وبهذا المعني فهناك من يستحق رسالة معايدة أو مكالمة هاتفية أو رنة وتحولت العلاقات والقيم الاجتماعية الي علاقات الكترونية خالية من مشاعر والود والمحبة. ومن أبرز مواقع التواصل الاجتماعي' فيسبوك, تويتر, إنستجرام', ويأتي علي رأسها' فيسبوك' الذي يحظي بقاعدة مستخدمين هي الأكبر في العالم والوطن العربي, وبحسب إحصائيات حديثة بلغت نسبة مستخدميه في22 دولة عربية حوالي90 مليون مستخدم, وجاء في المركز الثاني' تويتر', والذي يبلغ عدد مستخدميه50 مليون عربي, في حين بلغ عدد الذكور المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي65 بالمئة, بينما بلغ عدد الإناث35 بالمئة, وتتصدر فئة الشباب التي تتراوح أعمارهم بين15 و35 عاما مستخدمي تلك الشبكات في المنطقة, لتستحوذ علي70 بالمئة من عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي. وتتصدر مصر الدول العربية من حيث أعداد المستخدمين المصريين للفيسبوك وتويتر في العالم العربي, حيث بلغ عددهم أكثر من20 مليون مستخدم, شكلوا نسبة بلغت24 بالمئة من إجمالي أعداد مستخدمي الفيسبوك العرب, وحوالي10 مليون مستخدم لتويتر, وثالثها الجزائر والأردن والمغرب ولبنان في استخدام الفيسبوك, بينما تأتي في المركز الثاني من حيث استخدام تويتر دول الخليج( المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات وقطر والكويت). والدراسات العربية الحديثة التي أجريت في هذا المضمار أكدت إن تلك المواقع أثرت سلبا علي العلاقات الأسرية, وساعدت علي اتساع الفجوة بين أفراد الأسرة والتفكك الأسري, وأن مواقع التواصل الاجتماعي وعلي رأسها الفيسبوك أصبحت إدمانا يمثل خطورة علي الأسرة العربية والعلاقات والتقارب والدفء الذي تتميز بها تلك المجتمعات, كونها تتجه نحو' تفتيت الجمهور' وتقليص العلاقات الحقيقية لصالح العلاقات الافتراضية. كما أثرت سلبيا علي علاقات الصداقة, وتسببت في قطع العلاقات بين الأصدقاء المقربين, كما تؤدي إلي إهدار وقت كثير دون استثماره في شيء مفيد, بالإضافة إلي كونها تؤثر علي الحالة النفسية للمستخدم, وزيادة الإحساس لدية بالوحدة والاكتئاب, بالإضافة إلي عدم رغبته في الاختلاط والاكتفاء بمتابعة الحياة عبر الشاشة, ومراقبة أصدقائه بدلا من التفاعل معهم, فضلا عن التأثير علي الترابط الأسري, والشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية والاكتئاب وعدم الثقة في النفس. هذا إلي جانب خطورة تلك المواقع وما تؤديه من ذوبان ثقافي, وما ينتج عنه من رفض الناشئ لتقبل المنظومة القيميه, وأسس ومبادئ المجتمع العربي التي يفرضها الدين والثقافة, بسبب ما تسببه تلك المواقع من اهتزاز ثقة الشباب العربي في مجتمعه العربي والإسلامي بماضيه وحاضره وتراثه. والمثير للجدل حقا ان كل الدراسات العربية والأجنبية التي أجريت علي التأثيرات السلبية لتك المواقع لم تحظي بأي اهتمام من مستخدميها بل تجاهلوها تماما وساروا عكس ما قدمته لهم من نصائح وتحذيرات مما دفع بعض المستخدمين الذين تعرضوا لعمليات نهب دولي علي تلك المواقع إلي رصد عدد من الأخطار وتقديم شرح مبسط لها قبل البدء في استخدام تلك المواقع وهي أنها أداة لنشر الأخبار المغلوطة وغير الصحيحة والتي تنتشر من خلالها بشكل يوميا, ويصدقها الكثير من المستخدمين ويعيدون نشرها مرة أخري مما يتسبب في تداول الكثير من الإشاعات. انعدام الخصوصية لمستخدمي الشبكات الاجتماعية وذلك عند عرضملفاتهم الشخصية حول السكن والجامعة والوظيفة ومن الممكن أن يستغل بعض المحتالين هذه المعلومات لابتزازهم ونتيجة لعدم اهتمام الكثيرين بالإعدادات الخاصة بالخصوصية يتعرضون لبعض المشاكل مثل التجسس من قبل الحكومات, فقد قامت مصلحة الضرائب الأمريكية في عام2009 باستعمال حسابات المستخدمين علي مواقع التواصل الإجتماعي وبياناتهم في عمل ملفات الضرائب الخاصة بهم. رغم الكثير من المميزات التي تقدمها تلك المواقع إلا ان المستخدمين يضيعون أوقات كثيرة سواء في التواصل مع الأصدقاء ومراقبة تحديثات أصدقائهم والرد علي تعليقاتهم بالإضافة إلي قضاء الكثير من الوقت في الألعاب غير المفيدة مثل فارم فيلي وحروب المافيا وغيرها من الألعاب. وتهدد مشاركات الأشخاص بتحديث حالتهم علي مستقبلهم الوظيفي, حيث أظهرت الدراسات أن54% من المشاركات توضح الضعف اللغوي للمستخدمين,61% منها تظهر الألفاظ غير اللائقة لهم بالإضافة إلي المحتويات الأخري التي تعتبر خارجة ويرفضها أرباب العمل فتؤدي إلي طرد الموظفين من وظائفهم. كما تؤثر علي إنتاجية الموظفين في العمل حيث أثبتت الدراسات أن حوالي51% من الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين ال25-34 عاما يستخدمون تلك المواقع أثناء العمل مما يؤدي إلي ضعف إنتاجية الشركة وتكبدها الكثير من الخسائر. تعتبر الباب الملكي لأراء غير المختصين من خلال عرض المستخدمين لمشاكلهم الشخصية والصحية و الاجتماعية, مما يفتح المجال لحلها من خلال آراء أصدقائهم ومعارفهم غير المختصين, بالإضافة إلي أن الدراسات أثبتت أنها تلعب دورا كبيرا في تغيير الآراء السياسية مما يجعل الشباب عرضة للأفكار المتطرفة. تساهم في إلغاء الفوارق بين المجتهدين والكسالي حيث يستطيع الطلاب تخصيص جروب خاص بهم يقومون فيه بتبادل حل الفروض المدرسية والواجبات المطلوبة منهم بشكل جماعي, وبذلك تلاشت الفروق بين الطلبة وتسوي الطلاب المجتهدين وغير المجتهدين.