كان موعدي مع المسرح هذا الأسبوع مع عمل للقطاع الخاص الذي انكمش بصورة ملحوظة وقل أنتاجه بعدما كنا نشاهد له أكثر من5 مسرحيات جديدة خلال فترة الصيف فقط. بالطبع هذا الانكماش راجع لعدة أسباب, أولها زيادة تكاليف الانتاج بصورة كبيرة أو لنقل قفزة كبيرة في كل شيء بداية من الإنارة إلي استهلاك الكهرباء, إلي أجور الفنانين الفلكية, إلي أجور العمال وهكذا.. إذن الانتاج بالفعل أصبح مكلفا للغاية, وبالتالي كان ثمن التذكرة لابد أن يقفز هو الآخر حتي يكون ثمة ربح للمنتج ولا يكتفي بتغطية تكاليفه فقط علي أحسن الفروض. إلي جانب هذه التكلفة هناك الشاشة الصغيرة التي تكاد تكون قد جذبت معظم الفنانين وفنائي المسرح بالذات للمسلسلات التي يجني منها الفنان أضعاف ما يجنيه من المسرح الذي يحتاج إلي جهد شاق يوميا وإلي حفظ لم يعد في استطاعة معظم الفنانين القدرة عليه فإن التليفزيون والسينما ليسا بصعوبة المسرح. ربما هناك أسباب أخري يحجم من أجلها المنتج الخاص عن الخوض في تجربة تقديم مسرح. في هذا الجو وهذه الصعوبة أجد أحد المنتجين يتحمس للإنتاج المسرحي وأراه وضعا طبيعيا بالنسبة لابن واحد من كبار من كتبوا للمسرح وللسينما وبخاصة في مجال الكوميديا وهو الراحل الكبير أبو السعود الأبياري. الآن ابنه أحمد الأبياري بعد تجديده لمسرح الريحاني يواصل مسيرة الأب منذ سنوات ليقدم تقريبا كل موسم أو كل موسمين عرضا جديدا. العرض الجديد لأحمد الابياري هو سكر هانم التي كتبها والده وقدمت علي شاشة السينما في واحدة من أمتع الكوميديات التي حفلت بها الشاشة والتي ضمت عددا كبيرا من النجوم. الآن سكر هانم تقدم كمسرحية وبالطبع يقوم الكاتب والمنتج هنا أحمد الابياري بإعدادها للمسرح حيث الفكرة الأساسية لدينا هي نفس فكرة الفيلم ولكن بمفهوم العصر الذي نعيشه حتي يتابعها المتفرج بإحساس اليوم. الفكرة باعتبار النص هي أساس العمل التي تكمن في التفرقة بين سكر هانم المليونيرة العائدة من الخارج بعد وفاة زوجها وفتافيت السكر التي يظن المحيطون أنها سكر هانم الأصلية بينما هي في الحقيقة رجل, ومن هنا تحدث المفارقات التي تنبعث منها الكوميديا وكثير منها يمكن أن نقول إنها كوميديا الموقف. فماذا عن الإخراج الذي تولاه د. أشرف زكي؟ قدم أشرف حركة جيدة تقريبا لجميع الأبطال مع الاستعانة بديكور لحسين العزبي يخدم العمل في الحدود المعقولة واستعان أيضا بموسيقي محسن إش إش, وأيضا في الحدود المعقولة مع الأغاني التي كتبها إسلام خليل. فقط كان علي المخرج الاختصار بعض الشيء خاصة من الفصل الأول. الاستعراضات لم تطغ علي فكرة المسرحية فكانت في حدود استعراضين فقط وربما ثلاثة تصميم مجدي الزقازيقي. وبالطبع الاستعراضات هنا خاصة في المسرح الخاص مطلوبة لمتعة الفرجة, وأيضا كي يلتقط المتفرجون وأيضا الفنانون أنفاسهم. فماذا عن الأبطال؟ استطاع المنتج أن يقدم لنا علي خشبة المسرح ولأول مرة النجمة لبني عبد العزيز التي كنت حقيقة في البداية أخشي عليها من هذه التجربة خاصة وهي أول مرة أشاهدها علي خشبة المسرح ولكن ما إن ظهرت وربما مع الاستقبال شديد الدفء من الجمهور لها حتي زالت مخاوفي لأجدها ممثلة مسرح ولأعرف منها فيما بعد أنها مارست التمثيل المسرحي خلال دراستها بالجامعة الأمريكية. قدمت لبني دور سكر هانم, يمكن أن أقول بشياكة وهو وصف ربما غريب إلي حد كبير بالنسبة للأداء المسرحي. معها كان من هذا الجيل الفنان القدير عمر الحريري الذي شاهدناه معها في واحد من أشهر الأفلام وهو الوسادة الخالية مع عبد الحليم حافظ. عمر بالطبع متمرس علي الأداء المسرحي وأجده كما العهد به متألقا. من جيل الوسط كان لدينا طلعت زكريا بعد ابتعاده عن الفن عموما خلال فترة مرضه ليعود وأشعر به كما لو أنه لم يترك خشبة المسرح منذ الأمس فقط. جيل الشباب كان لدينا أحمد رزق, وحول دوره تقريبا انطلقت الكوميديا في شخصية فتافيت السكر.. بمنتهي البساطة أتلقي الكوميديا والضحك منه. من هذا الجيل أيضا.. جيل الشباب كان أحمد السعدني كبير الشبه بوالده النجم الكبير صلاح السعدني وأجده وقد ملأ خشبة المسرح بحيوية وانطلاق الشباب. أما الجانب النسائي كانت تمثله روجينا التي قدمت الأداء والاستعراض مع اهتمامها بجانب متعة الفرجة من خلال أزياء رائعة تقدم بالفعل البهجة للمتفرج وربما كان آخر العنقود هو طارق الأبياري الطالب بالجامعة الأمريكية. عرض ربما يفتح شهية باقي منتجي المسرح الخاص لإنارة مسارحهم مرة أخري.