كانت هوايتي المفضلة في الستينيات من القرن الماضي, هي المرور عبر حديقة الحيوان للوصول من منزلي في ميدان الجيزة الي كليتي بجامعة القاهرة, وفي تلك الرحلة كنت أري صباحا جميلا مع الحيوانات ذات الرائحة النظيفة, والشوارع مغسولة بالماء, والمزروعات والأشجار مروية وتعلوها خضرة تعلن عن ذلك, واليوم وجدتني قبل شم النسيم بثلاثة أيام صباحا أمر بجوار سور حديقة الحيوان بالجيزة, وشجعني علي الدخول فيها أمران مهمان, أولهما لكي أهرب من الشارع وضجيجه وعذابه وشكوكه, وثانيهما وجود كاميرتي معي وهي التي ستساعدني علي تسجيل وتصوير ما أحبه جيدا في عالم الحيوان وعالم النبات, وحقا وجدت ثوب الحديقة قد بدأ في العودة الي ما كان عليه في الستينيات, علامات إرشادية حديثة, خرائط جميلة واضحة المعالم مثبتة في أماكن واضحة مناسبة وبعيدة عن العبث, أكشاك بيع المشروبات والمياه والعصائر والبطاطس والبسكويت وغيرها تبدو بشكل أنيق جميل بما عليها من لافتات ظريفة مغرية للاتجاه إليها, كثير من الأماكن بدأت تعود إليها الخضرة بعد أن كان قد أصابها الجفاف, والأشجار العملاقة النادرة بدأ الاهتمام بها من خلال عمليات التقليم, أما الحيوانات فوجدتها في حالة سعادة واضحة, لست أدري هل هذا بسبب شعورها بالثورة والحرية, أم بسبب الاهتمام بها ورعايتها من جانب المسئولين علي الحديقة؟ ناهيك عن أعمال الطلاء والترميم لكثير من المباني ومنها بهو المتحف المميز القديم, لاحظت حركة لجميع رجال أمن الحديقة وملاحظيها وفنييها برئاسة مجموعة من الطبيبات البيطريات عرفت أنهن مديرات الحديقة, وعرفت أنها مراسم استعدادات الحديقة لزوارها يوم شم النسيم, وقد أحسست أن هذا العمل ينقصه كثير من الدعم المالي لهذا المكان العالمي العتيق, والأمر يحتاج الي مزيد من الدراسة والتعاون لكي تظل الحديقة علامة مضيئة. د.مجدي مطاوع أستاذ كيمياء البلمرات بمعهد بحوث البترول