ناقشنا الأسبوع الماضي ضرورة تأكيد مبدأ حرية دخول وخروج النقد الأجنبي, وأوضحنا أن المساس بهذا المبدأ بمثابة إنتحار اقتصادي وسياسي. ناقشنا الفكرة بمناسبة ما أثاره البعض من نقد للبنك المركزي الذي سمح بخروج11.5 مليار دولار استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة مصرية, وأوضحنا أن هذه الأموال خرجت بحماية من القانون المصري قبل أن تكون بحماية الدولة أو البنك المركزي. حبس الاستثمارات الأجنبية معناه تدمير لسمعة مصر المالية, وإهدار للقانون الذي يحمي الإستثمار الأجنبي ليحل محله قانون الغاب, الذي يحول دفة المستثمرين بعيدا عن مصر ولسنوات طويلة مقبلة. إذا كانت سمعة المحل التجاري لها ثمن, فما بالنا بسمعة الدول؟ وإذا كنا نقترض من الخارج سحبا من حقوق الأجيال القادمة, فإن إهدار السمعة والثقة في الاقتصاد بمثابة اعتداء سافر علي حقوق من سيأتون بعدنا, وضياع لفرصهم في التعامل العادل مع العالم, حيث سيضطرون لدفع تكلفة عالية, ويقبلون بشروط أصعب. عام1990 كان الاحتياطي من النقد الأجنبي( صفر), وقبل هذا التاريخ كانت البنوك تستجدي تجار العملة لتشتري النقد الاجنبي منهم لمصلحة الدولة لسداد أقساط الديون التي حل استحقاقها. الظروف التي ساندت برنامجنا الإصلاحي الأول مع الصندوق عقب الغزو العراقي للكويت لن تتكرر, ومن ثم فإن ما ترتب علي هذا الإصلاح من نتائج إيجابية لا يجب إهداره. حتي نهاية يناير2011 بلغ الإحتياطي من النقد الاجنبي36 مليار جنيه تكونت من الميزان الرأسمالي, أي من الإستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر, أي من الثقة. لا يمكن إنكار حالة الخوف لدي المستثمر الأجنبي عقب أزمة مالية عالمية وثورات ربيع عربي, وهو ما دعا اتحاد المصارف العربية لتنظيم المؤتمر المصرفي العربي الأسبوع الماضي بأبو ظبي تحت عنوان الأمن الإقتصادي, وفسره عدنان يوسف رئيس الاتحاد بأنه تعبير عن الخوف من المستقبل؟ نعم العرب استثمروا ترليونين من الدولارات في أوربا وأمريكا وعادوا بخسارة400 مليار دولار, وتوجهوا للأسواق الناشئة بالمنطقة فحدثت الثورات. هذا الخوف بددته كلمة طارق عامر رئيس اتحاد البنوك المصرية, ورئيس البنك الأهلي, حيث أكد أن مصر تسدد التزاماتها بانتظام منذ أكثر من22 عاما, وأن الوضع الإقتصادي ليس بالسوء الذي يروج له البعض, فالإقتصاد متماسك والدليل قدرة الدولة علي سداد70 مليار دولار عام2011 تمثل الاحتياجات الاستيرادية من السلع والخدمات, واستثمارات الأجانب في السندات والأذون, وأقساط الدين الخارجي. وأوضح أن توازن الميزان الجاري يعني أن النفقات تقابلها إيرادات, فدخلنا زاد من تحويلات المصريين العاملين بالخارج, وقناة السويس, والصادرات, وأيضا دخل من السياحة. ولازال للحديث بقية بمشيئة الله. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري