بالقبض علي وزير الزراعة «المستقيل» أو المجبر علي الاستقالة «أيا ماكان« وآخرين علي خلفية اتهامهم بالفساد والحصول علي هدايا وعقارات مقابل اجراءات تمليك مئات الأفدنة بالمخالفة للقانون فيما عرف إعلاميا بقضية الفساد الكبري. وبالتزامن مع القبض علي البرلماني السابق حمدي الفخراني ورئيس جمعية مكافحة الفساد بتهمة طلب وتلقي رشوة مقابل تنازله عن دعوي قضائية ببطلان بيع أرض احدي الشركات، بالاضافة لأكثر من 1047 قضية فساد مالي خلال عام واحد منها 72 قضية رشوة واستغلال نفوذ ضمن تركة ضخمة تحيطنا من الفساد ما يفتح الملف القديم الجديد ويثير معه العديد من علامات الاستفهام والتساؤلات حول الفساد الحكومي والمالي والاداري ومدي جدية ووجاهة التشريعات والقوانين الحالية في التصدي لهذا النوع من الجرائم والحد منه بعد ان استفحل وتحول إلي آفة تنخر في جسد المجتمع. في البداية وبحسب المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات فإنه لا توجد مؤسسة في مصر لم يطلها الفساد الممنهج خلال السنوات الماضية بما فيهم الجهاز المركزي للمحاسبات، ورغم الجهود والاجراءات لحصار هذا الفساد وتراجعه في مصر بعد 30 يونيو من المركز 114 في قائمة الفساد العالمي إلي المركز 94 نظرا للإرادة السياسية والقوانين التي تم استحداثها والتي كانت السبب في هذا التراجع الا أنه مازال قائما ولا يمكن القضاء عليه بين يوم وليلة. وفيما قدر رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حجم الفساد في مصر خلال العام المنصرم بنحو 200 مليار جنيه، أي ما يعادل 25.5 مليار دولار كشفت آخر الاحصائيات للمركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد بأنه يهدر 800 مليار جنيه سنويا وفي مصر يكفي أن نعرف بعض الأرقام لنلم بما نعنيه فخلال 4 أشهر فقط تم ضبط 460 قضية أموال عامة كبري تنوعت بين التزوير والتزييف والرشوة واستغلال النفوذ وغسيل الأموال والكسب غير المشروع والتهريب وتوظيف الأموال والتسويق الشبكي بالاضافة إلي 40 قضية فساد في المحليات تسببت وحدها في إهدار وضياع 400 مليون جنيه علي خزينة الدولة كما تم الكشف عن عدة قضايا للاستيلاء علي اراض ومخالفات جسيمة بمؤسسات وجهات حكومية تم تقديرها بما يفوق مليار جنيه. ظروف الفساد وضعف سلطة القانون وعن أسباب تنامي الفساد في مصر يقول الدكتور حامد الهادي استاذ علم الاجتماع إن ذلك يعود لضعف القدرة المؤسسية وغياب المساءلة وسيطرة الادارة الرخوة أيضا غياب الرقابة المالية المطلوبة والمناسبة وربما سوء اختيار بعض القيادات في الوقت نفسه تركيز السلطات والصلاحيات في يد أشخاص قد يكونوا غير مؤهلين أو عادلين وضعف الجزاء القانوني وغل يد سلطة القانون بما يحقق الردع العام. وغياب الرقابة الداخلية والشخصية وضعف الوازع الديني وقيم الانتماء وغلبة الهوي والأثرة والسعي نحو تحقيق المصالح الشخصية، كما توجد فرص وظروف مهيئة للفساد كانخفاض رواتب الموظفين بالحكومة وانعدام الشفافية. من أبرز جرائم الفساد كما يؤكدالمستشار أحمد دياب نائب رئيس هيئة النيابة الادارية الرشوة وهي من جرائم الصفة الخاصة في القانون المصري لأنها تفترض في مرتكبها صفة خاصة لاتقوم الجريمة بدونها وهي كون المرتشي موظفاً عاماً مختصاً بالعمل الذي يحصل علي الرشوة للقيام به والمقصود بالرشوة بمعناها الدقيق متاجرة الموظف في أعمال وظيفته عن طريق الطلب أو الأخذ أو القبول لنفسه أو غيره عطية من أجل آداء عمل من أعمال وظيفته مقابل مصلحة خاصة تتمثل في الكسب غير المشروع علي حساب المصلحة العامة وهي جريمة عمدية عقوبتها وفقا للقانون السجن المؤبد. من جهتها أكدت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية حرمت جريمة الرشوة سواء أصدرت من موظف حكومي أم غير حكومي وسواء أكان عموميًّا أم خاصا باعتبارها تعد دربا من دروب الفساد وتستوجب من المسئولين في مواقعهم الضرب من حديد بلا تهاون علي يد أولئك المفسدين وقال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الازهر السابق إن الرشوة حرام شرعاً بكل صورها سواء مال أو هدية ظاهرة أو مقنعة ولم يبحها أحد من علماء الأزهر مطلقا لأي سبب من الأسباب حتي وإن كان الهدف من ورائها عمل صالح ومن يفعل ذلك يكون قد ارتكب ذنبا كبيرا.