ظل تحويل القناطر الخيرية لمنطقة سياحية حلما راود المسئولين منذ عهد الرئيس عبد الناصر حتى الآن ، ولازلنا ننتظر تحقيقه ذلك الحلم المفقود.. رصدناه من تصريحات المسئولين منذ أوائل الستينات، والذين بشروا بالعمل «الوشيك» في إنشاء منطقة سياحية في القناطر الخيرية خلال مدة وجيزة. كما جاءت فى تصريحات الدكتور محمد متولي محافظ المنوفية في 16 أكتوبر 1960 حيث كانت القناطر تابعة لإدارة المنوفية حينها .......................................................................... وبعده قبل أكثر من خمسين سنة صرح عبدا حفيظ أبو غنيمة محافظ القليوبية للأهرام فى 10 يناير 1961 أن القناطر مدينة سياحية خلال ثلاث سنوات ، ثم أكد رئيس مجلس مدينة القناطر فى 11اغسطس عام 1961 أن المدينة ستصبح بعد عامين مدينة سياحية كاملة ،وبعدها بربع قرن صرح عمر عبد الأخر محافظ القليوبية في ابريل عام 1986 بأنه سيتم استغلال القناطر في تشجيع السياحة على مدار السنة ، وفى عام 87 في 20 نوفمبر صرح المهندس عصام راضى وزير الإشغال والموارد المائية عن مشروع لتطوير منطقة القناطر بتكلفة إجمالية 8مليون جنيه لتكون متنزها لجماهير القاهرة ، وفى تصريح أخر نشره الأهرام بتارخ20 مايو 1990 أنه تقرر تنفيذ مشروع للتخطيط السياحي والحضاري لمنطقة القناطر الخيرية على مساحة 1000 فدان يشمل إنشاء مسرح وبحيرات صناعية وفندق سياحي وشاليهات وكبائن ، وللأسف كل تلك التصريحات التي ذهبت في مهب الريح ولم ينفذ منها شيء على ارض الواقع هي نموذج لا يقتصر على حال تلك المدينة لكنها حال معظم المواقع على مدار كل هذه السنوات، فالعجيب في الأمر هو تكرار نفس التصريحات على السنة المسئولين رغم تغير الأشخاص و الحكومات بل والرؤساء، فهل نحن في مصر نفتقد الآليات وأساليب الإدارة التي تمكننا من التخطيط الشامل برؤى مستقبلية بصورة تمكننا من الانجاز والتقدم وإلى متى يستمر تكرار تصريحات التطوير المعبرة عن العجز وسوء التخطيط؟ التاريخ يقول أن منطقة القناطر الخيرية والتي ظلت لفترات قريبة المتنفس الوحيد، ورئة الهواء النقي لسكان المحافظات الأربع المحيطة بها «القليوبيةوالمنوفيةوالقاهرة والجيزة «، وكانوا يعتبرونها «جنة الله في مصر « بما حباها الله بموقع فريد حيث يحتضنها فرعى النيل ،وتنعم حدائقها بأشجار نادرة من شتى بقاع الأرض ،وكانت تعد من أجمل مدن الشرق الأوسط السياحية ، وأطلق عليها في الستينات «مدينة الحدائق «، وأعظم مدن الحدائق في العالم ، وهذه المدينة الساحرة احتفلت مؤخرا د فى 30 أغسطس بذكرى إنشاؤها في نفس التاريخ عام 1863 أي ما يزيد عن 150 عاما ،غير أن هذه المدينة الجميلة لم تستغل بالصورة المثلى التي ينبغي لمكانتها وقيمتها وموقعها رغم ما تملكه من مقومات، بل و كانت المكان المفضل والذي ترتاح له القلوب ،سواء لأفراد الشعب المصري البسطاء في أفراحهم وأعيادهم وعطلاتهم ،أو الملوك أو الرؤساء ، فقد حرص مؤسس القناطر محمد على باشا بناء قصر له بها، اتخذه الملك فاروق استراحة له، أما الرئيس جمال عبد الناصر فقد أنشأ له استراحة بالقناطر أيضا وكان يعقد فيها اجتماعاته وفيها تم التخطيط لتأميم قناة السويس ،وكذلك توجد استراحة شهيرة للرئيس المصري محمد أنور السادات، و كان يقيم فيها معظم الوقت، وأقام بها مطار لهبوط الطائرات العمودية وترسوا أمامها ذهبية كانت مخصصة للتنزه في النيل و استقبل في هذه الاستراحة معظم ضيوفه من رؤساء دول العالم والملوك والأمراء . فهذه المنطقة تزخر بمعالم نهضة محمد علي الزراعية، وبها من الآليات والإمكانيات التي تؤهلها أن تدر دخلا هائلا إذا ما تم استخدامها بالصورة المثلى، خاصا وهى تمتلك كل مقومات نجاح العملية السياحية بها كالشلالات و الحدائق ذو الأشجار العريقة ،وغناءها بالمزارات والمتاحف التراثية والأثرية ومبانيها ذو المعمار المتميز، ومنها محلج القطن الذي أنشأه محمد علي باشا بمدينة القناطر إلى عام 1847، في إطار مشروع نهضته الكبرى المرتكزة على الزراعة، وخاصة زراعة القطن، فيعد المحلج من أهم المعالم الأثرية بالمدينة،“والذي صمم على طراز معماري فريد و يقع على بعد 500 متر فقط من ميدان المدينة، على مساحة تبلغ 28000م2، «تطوير القناطر» «وعن مدى إمكانية تطوير منطقة لقناطر الخيرية فى الوقت الراهن فعلا وليس قولا في الهواء أكد المحافط المهندس محمد عبد الظاهر أن هناك جهداً كبير يدور لإعداد الدراسات اللازمة لمواجهة كافة العقبات التي تواجه تنفيذ المشروع ،والتي كان يستلزم الانتهاء من تعديل قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية لاتخاذ إجراءات الطرح طبقا له، و يجري حاليا التنسيق مع وزارة الاستثمار لطرح المشروع على المستثمرين الجادين في مؤتمر عالمي بمشاركة عدد من الوزراء و المستثمرين حيث تبلغ جملة الاستثمارات المتاحة نحو مليار جنيه، ونأمل في تحويل القناطر إلي مدينة ذات طابع خاص مع تشكيل مجلس أعلى للمدينة برئاسة السيد رئيس الوزراء و عضوية الوزراء المختصين كالتخطيط والآثار و الثقافة والاستثمار والسياحة و الزراعة و الري ، وذلك في إطار خطة متكاملة تتضمن الاستفادة من كافة المقومات الموجودة بها لجعلها متحفا مفتوحا بما تحتويه من متاحف ومباني تراثية وكباري أثرية و حدائق متميزة منتشرة بين فرعي رشيد ودمياط ، ولا شك أن استثمار موقع مصر و آثارها و تراثها الحضاري و الثقافي و الفني هو البوابة الملكية لوضع مصر على الخريطة السياحية العالمية لتتبوأ المكانة التي تستحقها كأهم مقصد سياحي في العالم، لذلك تهتم المحافظة حاليا بالعمل على أن تكون القناطر الخيرية هي عاصمة السياحة و الثقافة و الفن و الجمال و حيث أن بتطوير مدينة القناطر الخيرية السياحية سوف يتواكب مع تطوير المدينة السكنية بمستشفياتها و مدارسها و شوارعها و ميادينها حتى يعم النفع علي المدينة بالكامل. «القناطر مجيدة» «والذي نعجب له أن الفراعنة ثم الرومان وتلاهم نابليون قبل محافظ القليوبية جميعهم أدركوا أهمية النيل والمناطق المحيطة به ، فقد قال نابليون «النيل بمصر رسول خير والصحراء رسول شر ، والاثنان حاضران على الدوام « ودرس نابليون فكرة إقامة السدود والقنوات وظلت تراوده حتى منفاه بجزيرة سانت هيلانة ، وكتب الكثير عن قنوات الري والسدود التي يقترح إقامتها على النيل « لتنشر الحضارة في إفريقيا» أما محمد على وهو الحاكم الذي عرف بالديكتاتور العبقري مع أنه كان أمي يجهل القراءة والكتابة حتى سن الأربعين ، والتاريخ برهن فعليا أنه مؤسس مصر الحديثة وأعلى شأنها بين الدول وادخل بها إصلاحات في جميع النواحي ،أولها فى مجال الرى فحفره كثيرا من الترع الرئيسية والفرعية وحسن ميناء الإسكندرية وفتح السودان ونشر الأمن في البلاد وتشيد القناطر الخيرية ، مما ساعده على التوسع في زراعة القطن في أراضى الدلتا «أدت لانخفاض منسوب نهر النيل لفترة تسعة شهور مما سبب ذلك صعوبة في عملية الري . وبعد هذا الإهتمام الذى حظيت به القناطر فى مختلف العصور من الحكام والمسؤلين الأجانب والمصريين .. هل تنجح الزيارة الأخيرة التى قام بها المهندس ابراهيم محلب للمنطقة وتفقد خلالها الوضع على الطبيعة واستمع لشكاوى المواطنين ومعوقات تحويل المنطقة إلى مزار سياحى عالمى يليق بموقع القناط الخيرية الفريد وتاريخها المجيد ؟