والدتي العزيزة حريصة جدا على مشاهدة برنامج "الستات ما بيعرفوش يكدبوا" والتي تذاع حلقاتها بشكل يومي على قناة فضائية، لدرجة أننا إذا كنا خارج البيت في أي مكان، تسأل أمي إذا من الممكن أن يأتوا لها بهذه القناة لمشاهدة البرنامج.. وحدث ذلك مع حلقة الأحد الماضي، حين اصطحبت والدتي وذهبنا لمصففة الشعر التي دائما ما نتردد عليهاأسبوعيا .. وفورا سألت صاحبة المحل "فاتن" أن تفتح لها التلفاز لتشاهد البرنامج، وفعلا تم المراد وشاهدنا جميعا هذه الحلقة من البرنامج . أنا عكس والدتي، فتجذبني أكثر البرامج التي تحتوي على معلومات موثقة، كالأفلام الوثائقية وكذا البرامج الإخبارية ونشرات الأخبار نظرا لطبيعة عملي، لكن الوضع مع برنامج ( الستات ما بيعرفوش يكدبوا ) مختلف كثير، حيث أنه يتميز بخفة ظله إذا ما قورن بباقي البرامج الفضائية في عالم التوك شو، وأكثر قربا من قلوب الناس.. وبفضل أمي أتابع من آن لأخر البرنامج، فما يعجبني فيه أنه يدخل في بعض فقراته إلى عمق العلاقات الإنسانية وخاصة الحياة الزوجية بما فيها من مشاكل كثيرة أنية يحاول طاقم البرنامج إيجاد حلول لها! أما في حلقة الأحد الماضي، التي شاهدناها جميعا، فكان النقاش حاد وساخن إلى حد ما، حيث كانت من بين الضيوف الكاتبة فاطمة ناعوت، فبعد أن أعلنت أنها تنوي الترشح للانتخابات البرلمانية، فسأل طاقم البرنامج الإعلامية مفيدة شيحة والإعلامية منى عبد الغني، ناعوت عن كيفية مساعدتها للشعب البسيط، بينما لها من الأفكار ما يبدو متطرفا وبعيدا عن المواطن إلى حد كبير وعما إذا كانت مستعدة للمواجهة.. وحدثت مشادة كلامية بينها وبين الإعلامية مفيدة شيحة، حين طلبت الأخيرة من ناعوت ألا تخلط أمور السياسة أو الأفكار التي تأتي بها مع أمور الدين.. والذي ألهب النقاش عندما قالت ناعوت أن من حق كل مواطن أن يختار دينه.. فهنا قاطعتها شيحة وقالت: "الحمد لله أنني ولدت مسلمة وأحمد ربنا على هذه النعمة".. فدار نقاش ساخن، لأن الأولى اعترضت على فكرة أن يسلب المواطن من هذا الحق وقالت ناعوت: "الدستور يكفل هذا الحق لكل مواطن مصري فمن حقه أن يكون مسلم أو مسيحي أو يهودي أو بهاءي أو زرادشتي وليس كما يولد على دين أبويه".. وهنا قاطعتها شيحة: "أنا مبسوطة أنني ولدت مسلمة ولم يكن لدي أي شعور بالضيق أو أن الدين مفروض علي".. وهنا احتدت ناعوت وعلا صوتها وقالت لشيحة: "إنتي يا مفيدة مش في حساباتي أصلا ولا تهميني.. لكن الشعب يهمني"! وبالرغم من هذه المشادة البسيطة والتي توضح أنه مازال أمامنا الكثير لتقبل أفكار بعضنا، إلا أنني آثرت أن أعرض الأمر ودون تحيز أو تحامل على أحدهن، فمن حقي وحق كل مواطن أن نقول رأينا فيما نستمع إليه! بداية، أتمنى على كل من يظهر على الجمهور (سواء إعلامي أو مفكر) أن يبتعد عن أمور الدين، وخاصة حينما يتعلق الأمر بمخاطبة المواطن، بمعنى أن يتركوا الحديث في أمور الدين للفقهاء والمتخصصين، وينأى كل شخص برأيه عن خلط أمور الدين بالسياسة حتى لا نفسد أمورا جميلة نتميز بها وسط العالم، وربما لتجربة عاشها هذا الضيف في الخارج أو ما شابه، جعلته يظن أننا أقل من هؤلاء.. أعترف أن لدينا نقص في أمور ما وأهمها العلم والتعليم.. لكن النسيج الديني، هو أهم ما يميزنا أمام العالم . ثانيا، على كل من يطلع للحديث في الفضائيات، حتى إذا كنت أنا منهم، أن يقول أو تقول: "هذه وجهة نظري ولا أفرضها على أحد" . ثالثا: الأستاذة ناعوت سبق وكان لها تصريحات أثارت جدلا واسعا حول سنة ذبح الخراف أو العجول، مما أثار حفيظة الكثيرين، وتعرضت حينها لمسائلة قانونية . فيبدو أن الكاتبة لها توجه ما بتغيير بعض الأنماط التي تربي عليها هذا الشعب أو عرفها.. ولا ضير من التغيير، فالتغيير مطلوب، لكن عندما يكون في محله أو له مبررا، وليس لمجرد "تأليب" المواطنين، أو لإحداث بلبلة لدى المواطن البسيط محدود الفكر . وأخيرا من قلبي: إذا كنا حقا نريد التغيير، فالأمر لا يحتاج لخناقة في برنامج أو "بروباجاندا" إعلامية، إنما هناك الكثير من الأمور المتعلقة بسلوكياتنا كشعب أجدر بالحديث فيها والأجدر بنا كإعلاميين ومفكرين وأصحاب حناجر أن نقوم بعمل وقفات إعلامية من أجل تغيير وجه مصر الحضاري سواء بالكلمة أو بالعمل لنُسهم في صناعة وطننا الغالي .. وإلا عليه العوض ومنه العوض في المفكرين وأصحاب الهمم العالية من الإعلاميين! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن