هل يجوز ترك المبيت فى مزدلفة بسبب الزحام الشديد؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: إن ترك المبيت فى مزدلفة للحاج جائز شرعاً، وهو المعتمد فى الفتوى فى هذه الأزمان التى كثرت فيها أعداد الحجيج كثرة هائلة. وذلك استنادا على أقوال العلماء بسنية المبيت بمزدلفة، وهو قول الإمام الشافعي، وأحمد، بينما يكتفى المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاج رحله ويجمع المغرب والعشاء. وحتى على رأى الجمهور القائلين بوجوب المبيت فإنهم يسقطونه عند وجود العذر، ومن الأعذار حفظ النفس من الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذى عليه الحجُّ فى زماننا والذى تحصل فيه الإصاباتُ والوفيات - سواء أكان حاصلاً للحاج فى مكانه أم متوقَّعَ الحصول فى المكان الذى سيذهب إليه - مرخِّصًا شرعيًّا فى ترك المبيت فى مزدلفة عند الموجبين له. وإذا كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد رخص للرعاة فى عدم المبيت بمزدلفة من أجل رعى أنعامهم، ورخص لعمه العباس رضى الله عنه من أجل سقايته، فلا شك أن الزحام الشديد المؤدى إلى الإصابات والوفيات الناجم عن كثرة الحجاج عامًا بعد عام مع محدودية أماكن المناسك أَوْلَى فى الأعذار من ذلك، لأن أعمال السُّقاة والرُّعاة متعلقة بأمورهم الحاجية، أما الزحام فقد يتعارض مع المقاصد الضرورية، لأنه يؤدى فى كثير من الأحيان إلى الإصابات، بل الوفيات، كما هو مشاهَدٌ ومعلوم. هل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات على مراحل، لتتم النفرة فى سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟ أجمع العلماء على أن ما بعد الزوال وقتٌ صحيحٌ للوقوف بعرفة، وأن وقت الوقوف ينتهى بطلوع فجر يوم النحر، وأن مَن جمع فى وقوفه بعرفة بين الليل والنهار من بعد الزوال، فوقوفه تام ولا شيء عليه. واختلفوا فى مسألتين: الأولي: حكم الوقوف بعرفة والدفع منها قبل الزوال، هل يجزئ عن الوقوف بعد الزوال؟ فالجمهور على أن ذلك لا يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فعليه أن يرجع فيقف بعرفة بعد الزوال، أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر، وإلا فقد فاته الحج. والحنابلة فى المذهب عندهم يرون أن ذلك يجزئ، وأن مَن فعل ذلك فحجه صحيح. والمسألة الثانية: هل يجزئ الوقوف بعرفة مع الدفع منها قبل غروب الشمس؟ فالحنفية ومَن وافقهم يوجبون الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس، والأصح عند الشافعية ومَن وافقهم أن ذلك مستحب وليس واجبًا، فيجوز عندهم للحاج الذى وقف قبل الزوال أن يُفيض مِن عرفة قبل المغرب. وعلى ذلك فيمكن للجهات المسئولة أن تنظم النَّفرة والإفاضة من عرفات بما يتلاءم مع أعداد الحجيج ويمنع تكدُّسهم. ويجوز لهم أن يجعلوا النفرة من عرفات على مرتين أو أكثر، حسبما تقتضيه المصلحة العامة للحجيج. هل يجوز للمعتمر والحاج بعد انتهاء المناسك أن يحلقا لأنفسهما أو لغيرهما من المعتمرين والحجيج؟. لا يوجد ما يمنع من قيام المعتمر بعد انتهاء سعيه والحاج بعد دفعه من مزدلفة إلى مني-أن يقوم كل منهما بالحلق أو التقصير لأنفسهما أو لغيرهما ممن هو مثلهما، لعدم وجود نص يمنع من ذلك. هل السترة التى يلبسها المُحرِم فى حجه وعمرته -والتى تكون قطعة من قماش يتم عمل كِنار لها ويتم إدخال مطاط لها -أستك- فى هذا الكنار وتلبس أسفل الإزار- مشروعة؛ حيث إننا نقوم بتصنيعها وتوريدها للمحال التجارية، ورأيكم سيكون فيصلا فى الاستمرار فى هذا النشاط من عدمه؟ الممنوع على المُحرِم هو لبس المخِيط المُحيط؛ لما روى ابنُ عُمَرَ -رضى الله عنهما- أنَّ رَجُلا قال: يا رسول اللهِ، ما يَلبَسُ المُحرِمُ مِن الثِّيابِ، فقال النبيُّ: »لا يَلبَسُ المُحرِمُ القَمِيصَ ولا السَّراوِيلَ ولا البُرنُسَ ولا الخُفَّينِ، إلَّا أن لا يَجِدَ النَّعلَينِ فَليَلبَس ما هو أَسفَلُ مِن الكَعبَينِ». فأخذ العلماء من ذلك وغيره من الأحاديث أن الرجل إذا أحرم يمتنع عليه لُبسُ المخِيط المحيط، والمقصود بذلك: أن يكون الملبوس مُحِيطًا مُفَصَّلا على العُضو، كالمذكور فى الحديث: من السراويل والقميص والخفين والبرنس، وما لم يكن كذلك فلا بأس بلُبس المحرِم له، كالساعة والنظارة والرداء والإزار مما يُلَفُّ على الجسم ولا يُفَصِّل العُضو. وعليه فنفيد بأن «السترة» المسئول عنها بهذا الوصف الوارد فى السؤال جائز لُبسُها مِن قِبَل المُحرِم: حاجًّا كان أو معتمرًا، ويجوز التعامل فيها صناعيا وتجاريا.