كنت شاهداً على الغزل السياسى الذى وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فى مايو 2006 خلال لقائه بالصحفيين إلى الرئيس اليمنى على عبد الله صالح بقوله :« اليمنيون أشقاء السعوديين .. واليمن دولة من دول شبه الجزيرة العربية والخليج وقد حان الوقت لقبولها عضواً بمجلس التعاون الخليجى .. وسوف أسعى مع أشقائى قادة دول المجلس إلى تحقيق هذا الطلب اليمنى » . ولم يكد يمر أسبوعان على هذا الغزل حتى ثمن عبد القادر باجمال رئيس وزراء اليمن حينذاك تصريحات خادم الحرمين الشريفين ( يرحمه الله ) التى أكد فيها أهمية انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجى ، ووقعت اليمن والسعودية فى ختام اجتماعات مجلس التنسيق اليمنى السعودى الذى عقد بمدينة » المكلا« اليمنية على الخرائط النهائية لترسيم الحدود(1470كم ) تنفيذاً لمعاهدة جدة عام 2000 ، فأنهى البلدان بذلك أطول النزاعات الحدودية العربية تاريخياً وأكثرها حدة وتعقيداً، لتصبح الحدود بينهما جسوراً للتواصل والتعاون . [ ويعد هذا النزاع الحدودى وما كان يترتب عليه من اشتباكات مسلحة ووقوع ضحايا من الجانبين وتهريب الأسلحة والمخدرات وتسلل المتطرفين ومد وجزر فى علاقات البلدين من حين لآخر واحداً من أهم أسباب رفض الطلب الذى تقدم به اليمن رسمياً عام 1996 ضمن سعيه للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجى ، ناهيك عن تأييد الرئيس عبد الله صالح علناً لصدام حسين فى غزوه الكويت عام 1990 ، وما تلاه من قطع الكويت علاقاتها الدبلوماسية مع صنعاء وما أحدثه هذا التأييد وإعلانه الفج والشاذ ، من توتر شديد فى علاقات اليمن بدول المجلس الست وما تركه هذا التأييد من غصة لدى شعوب وحكومات التعاون الخليجى والعرب ، وما نتج عنه من حرمان اليمن من المساعدات السخية من دول الخليج الغنية وترحيل هذه الدول أكثر من مليونى يمنى كانوا يعملون بها مما زاد الأوضاع فى اليمن ترديا وتعقيداً. وقد أدركت قمة التعاون الخليجى فى مسقط عام 2000 ضرورة التحول فى سياستها تجاه اليمن خاصة بعد أن أعادت الكويت فتح سفارتها فى صنعاء 1999 ووقعت السعودية واليمن معاهدة جدة عام 2000 التى تم بموجبها حل مشكلة الحدود نهائياً بتوقيع الخرائط النهائية لها عام 2006 ، وقد تمثل هذا التحول فى موافقة قادة التعاون الخليجى على انضمام اليمن إلى تسع منظمات متخصصة عاملة فى إطار المجلس وأن يعقد اجتماع دورى سنوى بين وزراء خارجية التعاون الخليجى واليمن لتبادل وجهات النظر والتنسيق بين الجانبين فى المجالات المختلفة .. إلا أن هذا الانضمام كان للمنظمات المتخصصة فقط وليس للعضوية الكاملة للمجلس نفسه ، وذلك نظراً لاستمرار العوائق التى تحول دون ان تصبح اليمن الدولة العضو رقم 7 للتعاون الخليجى ومن بين هذه العوائق : تردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية وارتفاع نسبتى الفقر والبطالة واستمرار الصراعات السياسية وانتشار السلاح وتداوله المشروع بالبيع والشراء مما يشكل عبئاً ثقيلاً على التعاون الخليجى ، بالإضافة إلى اختلاف نظام الحكم فى اليمن عنه فى دول التعاون الخليجى . والسؤال الآن :هل تدفع الحرب وتطوراتها فى اليمن - بسبب الانقلاب الذى قام به الحوثيون بدعم من إيران لفرض سيطرتها وهيمنتها على اليمن ، وإطاحتهم بالرئيس الشرعى عبد ربه منصور وحكومته وما أحدثته تلك الحرب من دمار لليمن فاق مثيله نتيجة الحرب الأهلية اليمنية عام 1994 ، وتهديد سافر للأمن الخليجى والعربى - إلى قبول اليمن ليصبح الدولة العضو رقم 7 بمجلس التعاون الخليجى ؟ .. الشواهد تقول نعم .. ولو بعد حين أى بعد دحر الانقلاب الحوثى ، فقد أصبح هذا الأمر مطروحاً بقوة هذه الفترة ، حيث بدا ذلك واضحاً فى تصريحات المسئولين بدوائر صنع القرار من الجانبين الخليجى واليمنى (الشرعى ) وذلك لإنقاذ اليمن من الانهيار الكامل وإعادة تأهيله اقتصادياً وأمنياً وسياسياً ، وقبل ذلك كله وقف تمدد النفوذ الإيرانى الفارسى والمد الشيعى خاصة بعد توقيع الاتفاق النووى الإيرانى الذى من شأنه أن يطلق يد طهران ونفوذها فى المنطقة . لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين