الشاطر سليمان عرف بالوطواط لعشقه العمل ليلا والغامض والحديدي ورجل الصعاب هي ألقاب أطلقت لبطل قصة الأيام المقبلة وربما تقرر في المراحل التعليمية المختلفة للعبرة وعظة التاريخ، حيث خيم الحزن علي منتظري أمل الغد وفرح خفافيش الظلام بمجرد ظهور عمر سليمان في اللحظات الأخيرة بعد فترة اختفاء مدروسة بعناية ، وتصوروا رئيس جهاز المخابرات السابق ونائب المخلوع لمدة 18 يوما أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية الثانية لمصر بعد الثورة متعللا أن السبب الرئيسي لخوضه الانتخابات الرئاسية هو تحقيق مطالب الثورة !!! سليمان ذو 76 عاما "رجل مبارك الأول" لمدة 30 عاما لا أحد في مصر كان يعلم أسمه قبل عام 2002 رغم تعيينه عام 1993 رئيسا للمخابرات العامة المصرية ، ودخل الحلقة الأقرب للمخلوع لدوره البارز في إنقاذ حياته عندما أصر بأن يستقل سيارة مصفحة خلال زيارته أديس أبابا وتعرضه لمحاولة اغتيال في 22 يونيو 1995 أثناء قمة للدول الإفريقية ، واشتهر بتوليه الملف الفلسطيني الإسرائيلي ، والتوسط بين فتح وحماس ، والوساطة في صفقة الإفراج عن العسكري الإسرائيلي الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليط والهدنة بين الحركة وإسرائيل ، وإحكام الحصار على قطاع غزة من أجل إسقاط حماس ودوره فيه، بالإضافة إلي مهمات دبلوماسية في دول حوض النيل والسودان وليبيا ، وباءت جميعها بالفشل بسبب تعنته وتنفيذه أوامر المخلوع استجابة لأمريكا وإسرائيل ، بدليل حدوث إنفراجة وحلولا مع دول حوض النيل والصلح بين حماس وفتح ، وتبادل شاليط بآلاف الأسري الفلسطينيين بعد الثورة علي يد الوزير نبيل العربي في شهر واحد ، بالإضافة إلي دوره في الملف الأمني مع أمريكا وتورطه في تعذيب عناصر من الجماعات الإسلامية المتشددة سواء مصريين أو أجانب لمصلحة وكالة الاستخبارات الأميركية تحت مسمي "الحرب على الإرهاب" و اختراعه لأساليب جديدة في التعذيب جعلته "نجما " في الإجبار علي الاعترافات . سليمان بدأ يحظى بشعبية منذ ظهوره في وسائل الإعلام منذ سبتمبر 2010 رغم أن المؤشرات كانت تؤكد إعداد المسرح لجلوس جمال علي سدة الحكم فخرجت حملات تدعوه للترشيح لرئاسة الجمهورية ، ولكنه خرج عن صمته للمرة الأولى قائلاً إن الهدف من تلك الحملات الوقيعة بينه وبين المخلوع ، معلناً عن ولائه التام للرئيس السابق، وظل يقوم بدور الرجل الغامض طوال عمله مديرا لجهاز المخابرات ، ولم ينطق بكلمة واحدة إلا بعد أن تولّى منصب نائب الرئيس في 29 يناير وعندما نطق خسر كل شيء وصار ورقة محروقة ، و رغم أنه كان أحد أعضاء الدائرة الضيقة لصنع القرار في مصر إبان ثورة 25 يناير، إلا أن النيابة لم توجّه إليه تهمة الاشتراك في قتل المتظاهرين التي يحاكم بموجبها المخلوع ونجليه علاء وجمال وبعض رموز نظامه بدءاً من وزير داخليته العادلي وست من قيادات وزارته، مروراً برئيسي مجلسي الشعب والشورى وانتهاء بقيادات الحزب الوطني المنحل ، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب استبعاده من المحاكمة الجنائية، والاكتفاء باعتباره شاهداً وليس متهماً . وما كان يجرؤ سليمان على الاقتراب من خوض الانتخابات الرئاسية لو لم تتم صناعة هذا الطقس المفزع وخلق فزاعات كما كان يحدث ماضيا ، سواء باستخدام التيارات الإسلامية " عديمة الحنكة" والتي خسرت بإطلاق المخاوف والاستحواذ علي كل شئ ، وثانيا تطبيق نظرية الأرض المحروقة طوال الفترة الانتقالية أو الانتقامية من توافق المصالح بين "العسكري"و"الأخوان" كلا حسبما يريد من لا يعترف أنها ثورة وإنما انتفاضة حققت الهدف في القضاء علي ملف التوريث وكفي ، وآخرين تواقين للهيمنة والاستحواذ علي مقاليد الدولة ، وفلول النظام البائد المنتظرين للانتقاض علي الثورة وعودة الساعة للوراء ، فتم تجهيز الفيلم كأحد أفلام مخرج الروائع حسن الإمام بعنوان انهيار الدولة أمنيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعية بزيادة الجرائم المستحدثة علي بلدنا مثل السطو علي البنوك والخطف والقتل الجماعي بتخطيط شيطاني بجوار استفحال المشاكل اليومية من أنابيب البوتاجاز للبنزين والسولار وارتفاع الأسعار للسلع الغير مبرر، ومخاوف من مجاعة بعد تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي مع لحظات رعب بالاستحواذ للتيار الإسلام السياسي علي الدستور وشبح الانتخابات الرئاسية وعودة تزواج السلطة بالمال بترشيح خيرت الشاطر، وهنا يطالب فلول البائد وبقاياه وهتيفة العسكري وفراعينه الفضائية العكاشية وبكري البرلماني مع المباركة الأمريكية والإسرائيلية مع بعض التوابل منهم سواء بالتصريح بالموافقة الأمريكية علي المساعدات لمصر مع "جاتوة" أن تصرف مرة واحدة وهو ما لم يحدث قديما ، وتهديد إسرائيلي بحشود علي حدودنا من سيناء لزيادة التخويف وطلب المخلص والقوي بطل فيلم الموسم عمر سليمان ، ويعم الفرح لترشحه جميع رموز النظام السابق المحبوسين فى سجون طره، تخوفا من اعتلاء أحد الإسلاميين الحكم فى مصر، مما يصعب معرفة مصائرهم ،وبدوا بالفعل فى مساندته من خلال أنصارهم وإتباعهم الذين كانوا يعتمدون عليهم فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى السنوات السابقة ، والحزن لشرفاء الوطن وربما الإصابة بالجنون أيعقل أن يكون بين مرشحي رئاسة مصر بعد الثورة رجل المخلوع الأول ونائبه ورئيس وزراءه ، فهل الشعب المصري الذي تنفس الحرية بعد ثورته وراح في سبيلها زهرة شبابه ، وأن يتذكر فرحته الغامرة بمجرد قراءة بيان المخلوع بلسان سليما نه بتخليه عن السلطة ، ويقف قويا مستيقظا مدافعا عن ثورته أم يطلب الأمان من كوابيس الماضي وطاويط الليل ؟!!! المزيد من مقالات محمد مصطفى