بعد أسبوعين فقط من استيلائهم علي السلطة بحجة عجز الرئيس توماني توريه عن حماية وحدة مالي من خطر المتمردين الطوارق وتنظيم القاعدة, فرع المغرب الإسلامي أدرك قادة الانقلاب بقيادة الملازم أمادو سانوجو أنهم ارتكبوا خطأ فادحا في حق شعبهم فوافقوا علي التنحي وتسليم السلطة لرئيس البرلمان وإجراء انتخابات رئاسية خلال40 يوما مقابل عدم احالتهم إلي المحاكمة وإلغاء العقوبات التي فرضتها عليهم دول الجوار والاتحاد الافريقي والقوي الكبري.فبدلا من أن يقضوا علي تمرد الطوارق وعناصر القاعدة كمبرر رئيسي لانقلابهم لم يتمكنوا حتي من الصمود في مواقعهم العسكرية في شمال البلاد واستولي الطوارق بسرعة علي المدن الكبري ومقر القيادة الشمالي للجيش في جاو وأعلنوا قيام دولتهم المستقلة علي اقليم أزواد الذي يشكل أكثر من نصف مساحة مالي. تنحي العسكر لن ينهي مشكلة استقلال الطوارق أو تمدد تنظيم القاعدة علي الفور ولا حتي في وقت قريب, وانما قد يوقف التدهور السريع للأوضاع في مالي ويعيد الاتزان لقوات الجيش ويفتح الطريق للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا( إيكواس) وفرنسا والولايات المتحدة لتقديم المساعدات العسكرية لإحباط تقسيم البلاد سواء بإمدادات السلاح ونقل القوات والعتاد والمعلومات الاستخباراتية والمستشارين العسكريين أو حتي بالتدخل المباشر لقوات من دول ايكواس لانهاء انفصال الطوارق حتي لا يمثلوا سابقة يحذو حذوها متمردون في دول غرب إفريقية أخري. ففي السنغال يحاول المتمردون الانفصال بإقليم كازامنس عنها وتشهد نيجيريا تمردا في دلتا النيجر بالجنوب وتواجه جماعة بوكو حرام المتطرفة التي تسعي لإقامة إمارة إسلامية بالشمال, فضلا عن الطوارق في جيران مالي مثل النيجر وموريتانيا والجزائر. ولابد أن جدلا سيثار حول قانونية العفو الشامل الذي حصل عليه قادة الانقلاب مقابل التنحي بعد أن أطاحوا برئيس منتخب شرعيا قبل انتهاء فترة حكمه الأخيرة بأقل من شهر وعرضوا وحدة أراضي البلاد للخطر بفشلهم في تحقيق ما جاءوا من أجله وهو اخماد تمرد الطوارق والتصدي لتمدد تنظيم القاعدة. وربما تعرقل هذه القضية تنفيذ الاتفاق وعودة الحياة المدنية للبلاد بينما الطوارق وعناصر القاعدة يثبتون أقدامهم. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى