البعض ينسى نفسه أو يتناسى هذه الأيام ويتحدث عن انتخابات الرئاسة وكأننا نوزع ميراثا، وكأن فئة بعينها لا حق لها في حكم مصر ولا رئاستها!! ولابد لتيار معين تابع للحزب الوطني المنحل أو تابع لمجلس العسكر أو تابع لهذا الفكر أو ذاك أن يحكم مصر وليس غيره؟! وتعالت الأصوات هنا وهناك، وخرج كثير من المذيعين المؤجَّرين عن الطوق، وتجاوزوا الحدود، ووصل الأمر ببعض الكتاب من ذوي الفكر الليبرالي المعادي لدين الله أن يروجوا شائعات هنا وهناك، ويعتبروا أن كون مرشح للرئاسة له أخت مقيمة في أمريكا جريمة، بل اعتبروا أن هذا عيب وخيانة, وأننا كيف نعيش في أمريكا التي تساند إسرائيل؟ والغريب أن هذا الكاتب - وغيره كثيرون- ربيب أمريكي كبير، ويعيش على الفتات الأمريكاني وعقله مؤجر أمريكيًّا، فهو ليل نهار يسبح بحمد أمريكا، ويعيب على فلان أو علان، ويتحدث في كلام فارغ ليس من حقه، ويسمح لقلمه أن ينشر الترهات هنا وهناك. لماذا هذا التشبث بمصادرة حق الآخرين في الوطن؟ ومن ثم حقهم في رئاسة هذا الوطن؟! لماذا لا نكون أكثر نزاهة وموضوعية ونترك الحكم والكلام من حق لجنة الرئاسة الموكلة بذلك؟! ولماذا لا نترك الحكم لصناديق الاقتراع كي تقول كلمتها، ما هذه الدناءة والخسة التي تجعل ذوي الأقلام المأجورة يتفيهقون بكلام لا يرضى الله تعالى؟! أم أن هؤلاء عرفوا تماما أن الشعب المصري متدين بطبعه، وقد اشمأز من رؤية أعداء الدين بشتى أصنافهم ووجوههم العكرة، ومن ثم فلن ينتخبهم أبدًا؟! فراحوا يصولون ويجولون لعلهم يشوشون على هذا الشعب المسكين. إن الملك لله، والأرض لله يورثها من يشاء فلماذا ندعي الهيمنة على مقاليد الأمور؟! إن قوم موسى لما رأوا فرعون وجنوده وجحافله قادمة إليهم قالوا إنهم مدركون وإن فرعون سيغرقهم في البحر، فكان الرد الإيماني من نبي الله موسى عليه السلام، بكل يقين، كما روى القرآن على لسانه: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ* وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلاَ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ* وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ} [الأعراف: 128-133]. وأخيرا أقول لن يكون غير مراد الله تعالى ولن يحكم مصر أحد خارج إرادته سبحانه، فلماذا التطاول والهجوم على الناس ومحاولة ازدرائهم كونهم متدينين، أفلا نتعظ بما حدث لفرعون وجنوده وما حدث للقابعين في ليمان طرة ومن كانوا بالأمس ملء السمع والبصر؟ أم ما زالت على القلوب غشاوة؟!. المزيد من مقالات جمال عبد الناصر