فى مستشفياته المتعددة، وطرقاته الممتدة، وفوق أسرته التى تعد بالآلاف.. يرقد المرضى، وينتظر البسطاء العلاج ، ويقف آخرون أدوارهم، انه قصر الغلابة، قصر العينى الذى تحول إلى كلية طب جامعة القاهرة منذ قرون. وكما يعانى رواده من نقص الإمكانات يعانى «قصر العيني» ايضاً من ضعف الميزانية الرسمية التى تخصصها له الدولة، فبقوة تصل إلى 5420 سريرا، وعيادات خارجية تستقبل نحو مليونى مريض سنوياً لا يتلقى المستشفى سوى القليل للصرف على المستلزمات الطبية . وفيما يبدو فالوضع المادى للمستشفى «تاريخي»، فقد بدأ تحرك أساتذة الجامعة فى السبعينات لعلاج هذا القصور، حيث تم انشاء «جمعية أصدقاء قصر العيني» على يد مجموعة من كبار الأطباء وفى مقدمتهم الدكتور عبد العظيم رفعت أستاذ الجراحة الذى انشأ الجمعية عام 1978 بمشاركة 32 من أساتذة الجامعة لتتولى دورا مهما منذ ذلك الحين فى توفير متطلبات مستشفيات جامعة القاهرة . وبحسب الدكتور هشام المناوى عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء قصر العيني، فإن القليل الذى تستطيع الجمعية أن توفره سنوياً للمستشفيات يسهم بشكل كبير فى عملية تطوير وإحلال وتجديد الأجهزة الطبية وتوفير مستلزمات العلاج، وتضم جمعية أصدقاء قصر العينى فى إدارتها عميد الكلية بصفته، و مدير عام المستشفيات، وعشرة من أساتذة الكلية يتم انتخابهم كل ثلاث سنوات، كما يتشكل مجلس أمنائه من الشخصيات العامة للرقابة والمشاركة. ووفقاً لعضو مجلس إدارة الجمعية، فإن التبرعات هى المصدر الوحيد للتمويل الذى يقدمه أهل الخير ويشارك فيها استاذة من الكلية بصفة دائمة. وتعمل الجمعية بالتعاون مع الكلية فى توفير الأجهزة والمستلزمات لمختلف الأقسام بعد إرسال الأخيرة لاحتياجاتها، سواء كانت تجديد أسرة أو توفير أجهزة حديثة، وأحيانا يتبرع أهل الخير بشراء الجهاز مباشرة. ويوضح الدكتور هشام المناوى أن مقر الجمعية يقع داخل قصر العينى وتم تخصيص رقم حساب 9047 بنك مصر فرع المنيل لتلقى التبرعات. وأشار الى أن الجمعية أنفقت العام الماضى أكثر من 5 ملايين جنيه - وهو كامل المبلغ الذى جمعته -على شراء الأجهزة وكذلك تجهيز مبنى مستشفى الطوارئ والحروق الجديد المعروف بمستشفى 185 للطوارئ والحروق والمكون من 11 دورا ، حيث بدأ العمل بالفعل فى ادوار الطوارئ بينما يحتاج المستشفى الآن لنحو 13 ونصف مليون جنيه للانتهاء من تجهيز الدورين السادس والسابع الخاصين بالعناية المركزة. ولا تتوقف حاجة مستشفيات قصر العينى للتطوير وتحديث الأجهزة فنسبة الإشغال داخله تصل إلى 300% بحسب الدكتور هشام المناوى وأضاف:» لا يرفض قصر العينى اى مريض ويعالج الجميع بالمجان باستثناء القسم الاقتصادى ولذلك يتكرر مشهد المرضى مفترشى الطرقات والذى نأمل أن ينتهى بتوفير التبرعات الكافية للمستشفي». 5 مستشفيات جديدة «اما الخطة الطموح لتطوير مستشفيات قصر العينى التى تبلغ 14 مستشفى فتحتاج لنحو 450 مليون جنيه« كما يوضح الدكتور فتحى خضير عميد كلية طب قصر العينى الذى وضع هذه الخطة بالمشاركة مع 120 من أعضاء هيئة التدريس الذين أطلقوا حركة تطوعية وضعت أفكارا لتطوير قصر العينى وكان جزءاً منها مشروعه الخاص بتحويل تلك المستشفيات من النظام الأفقى إلى النظام الطولى . ويشير عميد الكلية قائلا: «افتتح مستشفى المنيل الجامعى عام 1936 وصٌمم على الطراز المعمارى السائد فى ذلك الوقت وهو نظام العنابر التى يضم كل منها 42 سريرا، ويتكون المستشفى من ثلاثة ادوار ويمتد داخل كل دور طرقة طولها كيلو متر كامل على النيل تتفرع منها تلك العنابر التى لا توفر الراحة التامة للمريض، فلا يوجد فواصل بين المرضى مما يتسبب فى نقل العدوى وغياب الخصوصية» وتضم تلك الأدوار الثلاثة 1800 سرير أى انها تمثل 10 أضعاف قوة واحد من أكبر المستشفيات الاستثمارية فى مصر ولذلك تكون أعباء الإدارة اكثر صعوبة، وحيث إن العالم الآن يتجه إلى التخصص لرفع كفاءة الإدارة فسوف يتم تقسيم تلك المساحة إلى خمسة مستشفيات تخصصية بحيث يتحول كل 200 متر إلى مستشفى على ارتفاع ثلاثة ادوار ولكل منها إدارتها المستقلة، لتضم نحو 350 سريرا ويٌجمع بها جميع الأجهزة التى يحتاجها هذا التخصص. ويتوقع الدكتور فتحى خضير الانتهاء من هذا التطوير خلال 4 سنوات فى حالة توفر التمويل والذى تمثل التبرعات جزءا مهما منه. ويضيف:» انتهينا من مرحلة وضع الرسومات والتصميمات لتطوير المنيل الجامعى وتظل والاولوية الأولى لدينا فى التطوير لمستشفى الطوارئ 185 يليه مستشفى الملك فهد والذى يحتاج إلى تجديد كامل حيث يضم وحدات غسيل الكلى وجزءا من أقسام علاج الرمد وجراحة العيون، يأتى بعد ذلك مرحلة تطوير موقع قصر العينى نفسه لتحديث البنية الاساسية، بعدها نبدأ فى بناء المستشفيات الخمسة السابق ذكرها، وأخيرا سيتم إنشاء معهد للتمريض لتوفير فرق التمريض اللازمة لمستشفيات قصر العيني» وبحسب الدكتور خضير فإن دعم المواطنين لجميع مستشفيات قصر العينى هو دعم للمواطن البسيط الذى يحصل على علاج مجانى بالكامل داخل تلك المستشفيات وعلى يد أفضل الأطباء والأساتذة فى مصر، وأضاف: «جميع حسابات التبرعات سواء فى جمعية أصدقاء قصر العينى أو الجمعيات التابعة لمستشفيات أخرى داخل قصر العينى هى حسابات خاضعة لإشراف كل الجهات الرقابية فى مصر ومع ذلك نحن ندعو من يرغب فى المساهمة والتبرع للتعرف على حاجة المستشفيات من أجهزة ومستلزمات على أن يقوم بشرائها بنفسه والتبرع بها». اما الدكتور أحمد جميل الشرقاوى أمين عام جمعية أصدقاء قصر العينى فيرى أن أى مساهمة أو تبرع للمستشفى سوف يعود على صاحبه بشكل ايجابى ويضيف : للأسف لا تتلقى الجمعية القدر الكافى من التبرعات مثل مستشفيات اخرى تستطيع أن تعلن عن نفسها بشكل جيد فى وسائل الاعلام من خلال توفير رعاة ينفقون على بند الدعاية بينما لا تستطيع الجمعية أن تنفق على هذا البند خاصة أن التبرعات التى تحصل عليها ضئيلة جداً فجميع اقسام المستشفى تحتاج إلى التطوير المستمر ورفع كفاءة الأجهزة و توفير المستلزمات. ويشير أمين عام جمعية أصدقاء قصر العينى إلى واحد من أسباب عزوف البعض عن التبرع للمستشفيات الجامعية والحكومية وهو تشكك البعض فى أوجه صرف التبرع ولذلك نحن ندعو اى شخص للمشاركة كمراقب على انفاق الجمعية التى تهتم بتجهيز وتطوير مستشفى قصر العينى الذى يحتاج إلى مستلزمات وأجهزة طبية بشكل شبه دورى خاصة انه مستشفى تعليمى فى المقام الأول.