البصمة البيئية مؤشر لقياس تأثير مجتمع معين على كوكب الأرض، ونظمه الطبيعية، ويوضح مستوى استدامة نمط عيش سكان دولة محددة، ويحدد مدى تأثيرهم وضررهم البالغ بكوكب الأرض. من خلال مقارنة استهلاك الموارد الطبيعية مع قدرة الأرض على تجديد هذه الموارد، فضلا عن استخدام تلك البصمة فى حساب أنماط الاستهلاك الخاصة لفرد أو شركة أو مدينة أو على المستوى الوطني. هذا ما أوضحته دراسة أعدها الدكتور مجدى توفيق أستاذ البيئة المائية بكلية العلوم بجامعة عين شمس، حول «أهمية البصمة البيئية وتأثيرها على التنمية المستدامة فى مصر». وأضافت الدراسة أن بصمتنا البيئية ترتبط باستهلاكنا الصافى للموارد الطبيعية، ويتم حساب ذلك باستخدام معادلة بسيطة يتم فيها خصم التصدير من مجموع الإنتاج والاستيراد، وأنه لحساب البصمة البيئية لابد من مقارنة معدل الطلب على الموارد الطبيعية، وبين مخزون الموارد الطبيعية، وهو ما نطلق عليه «القدرة البيولوجية». أنظمة فريدة وبحسب الدراسة، يمتلك كوكبنا أنظمة بيئية فريدة من نوعها، قادرة على امتصاص مخلفاتنا ثم تحويلها إلى موارد جديدة قابلة للاستخدام، حيث تقوم الغابات بامتصاص مخلفاتنا الكربونية، وتخزينها على هيئة أخشاب صالحة لاستخدامنا من جديد. وبالتالي، فإن القدرة البيولوجية هى مقدرة نظام بيئى معين على إنتاج موارد طبيعية صالحة للاستخدام البشري، فى الوقت نفسه الذى تقوم فيه بامتصاص المخلفات الناتجة عن ذلك الاستخدام. وتختلف تلك الموازنة من دولة لأخرى باختلاف الأنظمة البيئية، والموارد الطبيعية، ومستوى المخلفات الخاصة بها. وتوضح الدراسة أنه عند حساب البصمة البيئية ينظر إلى الخصائص الطبيعية لكل دولة، وما يتبع ذلك من اختلافات فى الإنتاج بالنظر إلى طاقتها البيولوجية؛ فمثلا نجد أن دولة مثل البرازيل تمتلك طاقة بيولوجية أعلى من الإمارات، وذلك لتمتعها بغابات مطيرة، مما يمنحها تلقائياً إنتاجية أعلى من بيئة الإمارات الصحراوية. ويصل الحساب فى النهاية إلى قيمة ما يسمى «هيكتار عالمى للفرد الواحد»، وهى قيمة توضح مقدار الأراضى والبحار المنتجة لاحتياجات دولة ما من الموارد الطبيعية، والممتصة لما ينتج عن سكانها من مخلفات فى الوقت نفسه، وهو ما يطلق عليه «البصمة البيئية الخاصة بدولة ما»، فكلما زادت القيمة ارتفعت البصمة البيئية، واستدعى ذلك قلقنا من الوضع البيئى. أهمية البصمة ويساعدنا تحديد البصمة البيئية - بحسب الدراسة - على الإجابة عن العديد من الأسئلة المهمة، ومنها مقدار الموارد البيئية المتوفرة تحت تصرفنا، ومستوى استهلاكنا لهذه الموارد، وسرعة معدله. وعلى النطاق العالمى يمكننا القول إن نمط حياتنا اليومى، ومتطلباتنا فى الاستهلاك لموارد الأرض الطبيعية، أصبح مماثلاً لبطاقات الائتمان التى تستخدم فى شراء أشياء لا نمتلك قيمتها على الفور، وبمعنى آخر.. أصبح معدل استهلاكنا يفوق قدرة ما تنتجه الأرض، فى حين أننا نفتقد المعلومة على قدرة احتمال كوكب الأرض لهذا الإفراط فى الاستهلاك. هذا الأمر يتطلب منا - وفق الدراسة - ملاحظة أنه توجد اليوم مؤشرات ملموسة نتيجة بصمتنا البيئية المرتفعة، التى يكمن بعضها فى مشكلة الاحتباس الحراري، وارتفاع درجات الحرارة، وخسارة التنوع البيئي، والتصحر، وقطع أشجار الغابات، والصيد الجائر، وزيادة مشكلة مخزون الغذاء، والمياه، فإذا لم نقم بأى مبادرات تجاه ذلك، ستكون النتيجة سلبية جداً على الأشخاص، والمجتمعات، والنظم الاقتصادية، والدول. ميزات مذهلة تضيف الدراسة أنه من المميزات المذهلة الأخرى التى توفرها لنا حسابات البصمة البيئية تحديد العدد الافتراضى لعدد كواكب الأرض التى نحتاج إليها للحفاظ على استدامة مستوى استهلاكنا الحالي. ويتم الحصول على هذه النتيجة من خلال مقارنة قدرة الأرض البيولوجية على النطاق العالمي، التى تبلغ حالياً 2٫1، وهو يساوى كوكبا أرضيا واحدا مع مجموع الطاقة البيولوجية للدول المختلفة. وهنا يجب أن نعترف - وفقا للدرسة - بأننا لن نتمكن بدون هذه المعلومات من تطوير استراتيجيات من شأنها مساعدتنا على مواجهة المشكلات الموجودة أمامنا فى أزمة بصمتنا البيئية، وأنه إذا لم نقم بالمبادرة الجدية فستكون العواقب خطيرة، وسنجد أنفسنا فى عالم خالٍ من الموارد الطبيعية، إذ تشير البصمة البيئية فى مصر إلى أن عدد سكان مصر يحتاج إلى ستة أضعاف مساحة الأرض المنتجة الحالية من أجل التنمية المتواصلة لمواردنا، كما يجب أن تكون هناك استراتيجية توعية خاصة للحد من زيادة السكان، وزيادة مساحة الأرض المنتجة.