يكتسب موسم عيد الفطر السينمائي هذا العام، والذي انطلق اليوم، أهمية خاصة باعتباره أيضا بداية موسم الصيف، الأكبر والأهم لدى المنتجين والموزعين، أي أنه موسم مزدوج، ليس فقط بالمنطق التجاري وحسابات الإيرادات - التي من المتوقع أن تكون أكبر من مثيلتها العام الماضي، ولكن بالأساس من حيث نوعيات وموضوعات الأفلام، التي من المفترض أن تراعي جمهوري العيد والصيف معا. وتكشف قائمة الأفلام المعروضة تلبية مختلف الأذواق إلى حد كبير، فهناك الأعمال الكوميدية والاجتماعية وأفلام «الأكشن» أو الحركة، والأخيرة تحديدا تحظى عادة بإقبال جمهور العيد، وينتمي إليها أبرز فرسان الرهان هذا الموسم، وهو فيلم «شد أجزاء»، تأليف محمد سليمان عبد الملك، إخراج حسين المنباوي، بطولة محمد رمضان وياسر جلال ونسرين أمين.. وبه يعود رمضان إلى ملعبه المفضل بعد إقدامه العام الماضي على دخول عالم الكوميديا بفيلم «واحد صعيدي»، الأمر الذي عاقبه جمهوره عليه بحرمانه من الإيرادات العالية التي حققتها أعماله السابقة. إلى نوعية «الأكشن» أيضا ينتمي فيلم «ولاد رزق»، تأليف صلاح الجهيني، إخراج طارق العريان، بطولة أحمد عز وأحمد الفيشاوي وعمرو يوسف وأحمد داود وكريم قاسم، ويدور حول علاقة مجموعة من الأشقاء بعالم الجريمة. وتستولي الكوميديا على نصيب الأسد في أفلام العيد، حيث ينتمي نصف أفلام الموسم إلى تلك النوعية المفضلة دائما في الأعياد والصيف.. وفي المقدمة «حياتي مبهدلة»، تأليف سامح سر الختم، إخراج شادي علي، بطولة محمد سعد ونيكول سابا وحسن حسني، والذي يصر فيه سعد على الاستمرار في أداء شخصية «تتح»، ويتتبع هذه المرة مغامراتها في عالم الأرواح الشريرة! ومن الأفلام الكوميدية، «نوم التلات»، تأليف فادي أبو السعود، إخراج إيهاب لمعي، بطولة هاني رمزي وإيمان العاصي، والذي يدور حول إص ابة موظف بمرض نادر يجعله ينام طوال يوم الثلاثاء، مما يوقعه في مشكلات كثيرة. أما ثالث عمل كوميدي، ففيلم صغير باسم «حارة مزنوقة»، تأليف مصطفى حمدي، إخراج بيتر ميمي، بطولة أحمد فتحي وعلا غانم. وفي الدراما الاجتماعية، يقف فيلم «سكر مر» وحيدا، مسجلا عودة تأخرت كثيرا للمخرج هاني خليفة، الذي غاب عن الإخراج منذ قدم فيلمه الأول «سهر الليالي» عام 2003، ثم عاد بعمل ينتمي إلى نفس النوعية، ويقوم على بناء مشابه يعتمد على الدراما الأفقية ويستعرض العديد من الشخصيات ويغوص في العلاقات المتشابكة فيما بينها.. والفيلم الجديد من تأليف محمد عبد المعطي وبطولة أحمد الفيشاوي وآيتن عامر وشيرين عادل وهيثم أحمد زكي. من الناحية التجارية، أو الاقتصادية، يبدو الموسم محسوما لفيلم محمد رمضان، الذي أتوقع تحقيقه أعلى الإيرادات، ليس فقط لجماهيريته واشتياق عشاقه لعودته إلى النوعية التي اعتادوا أن يقدمها لهم بعد مغامرة فيلمه الكوميدي الذي أشرت إليه، ولكن أيضا لأن المنافسين ليسوا في أفضل حالاتهم، وأقصد تحديدا أحمد عز ومحمد سعد، لأن الباقين يأتون في مرتبة تالية بعد هؤلاء الفرسان الثلاثة. في رأيي، سيظل عز متأثرا بتداعيات قضية النسب الشهيرة، التي نالت أيضا من مسلسله الرمضاني «الإكسلانس» العام الماضي، فلم يحقق نسبة مشاهدة تُذكر.. صحيح أنه محاط في «ولاد رزق» بالعديد من النجوم الشباب الذين حققوا نجاحا وجماهيرية خلال الفترة الماضية، لكن الفيلم لن يحقق ما كان يمكن أن يحققه لو لم تكن قضية النسب، خاصة بعد الحكم فيها، موجودة. أما سعد، فما زال في المربع رقم واحد الذي يرفض أن يغادره، والخاص بالشخصيات غريبة الأطوار، ثقيلة اللسان، التي دأب على تقديمها منذ جسد شخصية «اللمبي» للمرة الأولى.. وها هو يصر على «تتح»، وقد يحصد به بعض الإيرادات، لكنها لن ترقى للمستوى القياسي الذي اعتاد عليه عندما كانت هذه الشخصيات طازجة، وتثير دهشة الجمهور، وليس ملله. أتوقع حلول سعد ثانيا بعد رمضان، وبعدهما عز، على أن يأتي «سكر مر» في المركز الرابع، ويليه «نوم التلات»، إلا إذا حقق هاني رمزي المفاجأة وخطف المرتبة الرابعة مستغلا شوق الجمهور إلى الكوميديا وتشبعه من الدراما الاجتماعية بعد وجبة رمضان الدسمة. ومن الناحية الجغرافية والديموجرافية، من المتوقع أن يحسم «شد أجزاء» أيضا المنافسة في سينمات وسط البلد وقاعات العرض الشعبية بشكل عام، ويليه «حياتي مبهدلة» و»ولاد رزق».. أما جمهور المولات ومجمعات صالات العرض من الشريحتين الوسطى والعليا من الطبقة المتوسطة في الأحياء الراقية، فلن يجد سوى «سكر مر»، وسيقبل عليه، لكن ذلك لن يكون كافيا لتحسين ترتيب الفيلم في جدول الإيرادات، ليس فقط لأن هذا الجمهور أقل عدديا من جمهور وسط البلد والمناطق الشعبية، ولكن أيضا لأنه يتجنب الذهاب إلى دور العرض في أيام العيد، خوفا من الزحام والتحرش وأشياء أخرى. أخيرا، أتوقع أن تحقق أفلام العيد مجتمعة رقما قياسيا من الإيرادات في ظل زيادة عددها بالمقارنة بأفلام عيد الفطر 2014، وفي ظل ضجر الجمهور من السياسة وضيقه من الضغوط الواقعة عليه.