منذ أن كلفه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالإشراف على لجنة إصلاح التعليم الأزهرى ما قبل الجامعى يواصل الدكتور عباس شومان الليل بالنهار مع باقى أعضاء اللجنة حتى انتهى من إعادة صياغة المناهج بالكامل التى يتم تطبيقها مع بداية العام الدراسى المقبل، وبجانب ذلك يقوم بجولات مكوكية فى عمق الصعيد ومختلف المحافظات والقرى والنجوع بصفته رئيساً للجنة المصالحات الثأرية التى نجحت فى إتمام الصلح بين قبيلتى «الدابودية» و»الهلايل» بأسوان، وصلح وقرية «برديس» بسوهاج وتعمل الآن على إنهاء العديد من الخصومات منها خصومة بين مسحيين، وأخرى بين مصريين وسودانيين. لذلك كان هذا الحوار مع وكيل الأزهر للوقف على آخر مستجدات اللجان التى يشرف عليها، وأيضا تفاصيل مشروع الإفتاء الإلكترونى الضخم الذى يجهز له الأزهر. بداية حدثنا عن لجنة إصلاح التعليم الأزهرى التى تشكلت منذ فترة برئاستك، ماذا أنجزت، ومتى نرى ثمرة ما أنجزته على أرض الواقع؟ لجنة إصلاح التعليم بدأت عملها فى اليوم التالى لتعيينى وكيلا للأزهر فى 4 سبتمبر 2013، حيث كانت أول عمل كلفنى به شيخ الأزهر، وقد انتهت اللجنة بعد عمل مستمر وشاق من إعادة صياغة المناهج فى التعليم ما قبل الجامعى بالكامل، وهى الآن تنتظر بداية العام الجامعى الجديد لتكون بين أيدى الطلاب، وهى مناهج عصرية خالية من الاستطرادات التى ليس لها تطبيق فى الواقع العملي، وبها معالجات للقضايا المستجدة على الساحة، وهى فى ذات الوقت مرتبطة بتراثنا الإسلامي. ما هى أبرز ملامح هذا التطوير ؟ أبرز ملامح المناهج الجديدة هى تبسيط العبارات التراثية بعبارات معاصرة سهلة، وحذف الاستطرادات التى توجد فى الكتب المقررة ولا تدرس بالفعل لأنها لم تعد مرتبطة بالعصر،وضم فروع العلم الواحد فى مادة واحدة فى المرحلة الإعدادية حيث جمعت المواد الإسلامية فى ثلاث مواد هي: أصول الدين، واللغة العربية، والفقه، مع حذف المتون والإبقاء على الشرح المعاصر، أما فى المرحلة الثانوية فقد أبقى على المتون مع شرحها شرحا معاصرا،كما تم حذف النصوص التى يمكن أن تئول من قبل المتشددين تأويلا خاطئا لا تحتمله واستبدلت بنصوص صريحة لا تقبل ذلك، وتراثنا غنى بالبدائل التى تحقق هذا الغرض،كما تم ربط المناهج بالعصر ومشكلاته ليكون الطالب مرتبطا بمجتمعه ومحصنا ضد الفكر المتطرف الذى تتبناه بعض الجماعات،كما تم إضافة مقرر جديد فى المرحلتين الإعدادية والثانوية ينمى ثقافة المواطنة ويرد على شبه جماعات العنف والتطرف، شارك فى صياغته كبار علماء الأزهر وفى مقدمتهم شيخ الأزهر صاحب الفكرة، وسيكون هذا المقرر متطلبا جامعيا فى جامعة الأزهر كما عرض شيخ الأزهر على المجلس الأعلى للجامعات ومعالى وزير التعليم العالى تعميمه فى عموم الجامعات المصرية. لاحظنا تطورا واهتماما كبيرا فى امتحانات الثانوية الأزهرية وجولات كثيرة قمتم بها لتفقد سير الامتحانات، والعديد من القرارات العقابية ومع ذلك استمر تسريب الامتحانات ،فمن يقف خلف ذلك ،وهل لديكم خطة لمنعه مستقبلا؟ بداية لم تشهد امتحانات الثانوية الأزهرية هذا العام أى تسريب بحمد الله ،لأن التسريب هو ما يحدث قبل بداية اللجنة، وحين حدث العام الماضى قمنا على الفور بإلغاء الامتحان فى ثلاث مواد،أما هذا العام فقد تمكنا بإجراءات وتقنيات جديدة من علاج هذه المشكلة بشكل جذرى وأصبح من المتعذر الآن تكرار التسريب قبل بداية اللجنة وهو ما يعد إنجازا نسعد به.أما ما حدث فهو تصوير لورقة الأسئلة من خلال موبايل يتمكن الطالب أو الطالبة من إخفائه وتمريرها أثناء الامتحان وغالبا كان يحدث بعد نصف ساعة من الوقت على الأقل،وهو لم يؤثر على الامتحان مطلقا،لأن الطلاب الذين فعلوا هذا كان يتم تحديد موقعهم وضبطهم بعد دقائق من ظهور الأسئلة على مواقع الغش،وبقية الطلاب لا يحملون موبايلات تمكنهم من التواصل مع مواقع الغش،وأعتقد أن هذا العمل تقف خلفه جماعات إرهابية تقصد إثارة البلبلة وتشويه صورة الامتحانات غير المسبوقة فى مصر بشهادة المنصفين،وأتوقع أننا انتصرنا عليهم انتصارا ساحقا،وقد تسببوا فى ضياع سنة كاملة على الأقل على الطلاب الذين قبلوا التعاون معهم،ويجرى الآن العمل على شراء أجهزة الكشف على المحمول لعلاج هذه الظاهرة غير المؤثرة كما عولجت مشكلة التسريب قبل بداية اللجنة،ولن تقتصر جهود ضبط الامتحانات عن الثانوية حيث تم تكليف قطاع المعاهد بالتعامل مع كل الامتحانات بداية من الأول الابتدائى بنفس الطريقة ليتعود الأبناء على الاعتماد على النفس ونسيان ثقافة الغش بشكل نهائي. كيف يمكن التواصل مع لجنة الفتوى بالأزهر؟ تم منذ بداية شهر رمضان تطوير لجنة الفتوى بالجامع الأزهر لتعتمد بصفة أساسية على أعضاء هيئة التدريس بالأقسام الشرعية بالجامعة بالإضافة إلى المتميزين من الوعاظ بالأزهر الشريف، كما تم إنشاء فروع بالمحافظات، وهذه اللجان حاليا تعتمد أسلوب الإفتاء المباشر حيث إنه الأسلوب الأمثل لمناقشة صاحب السؤال حتى تاتى الفتوى مطابقة لواقع السؤال، ويجرى تنفيذ مشروع ضخم للإفتاء الإلكترونى باستخدام طرق الاتصال ووسائل التواصل الحديثة والرسائل النصية سيعمل على مدى الساعة ويعد له 300 مفتى ومفتية حيث بدأنا إدخال العنصر النسائى فى مجال الفتوى والوعظ لأول مرة فى مصر. نلاحظ نشاطا مكثفا بالجامع الأزهر فى رمضان ويجرى العديد من الفعاليات فى أروقته،وكذا المسابقات .فهل هى مستمرة أو خاصة برمضان؟ ما يجرى فى الجامع الأزهر من أنشطة فى أروقته ومسابقات مستمر لن ينتهى بانتهاء رمضان، فالجامع الأزهر كان إلى قبل عدة أشهر يتبع الأوقاف، وفور نقل تبعيته بالكامل إلى مشيخة الأزهر تم تعيين مشرف عام على أنشطة الجامع الأزهر هو الأستاذ الدكتور محمد مهنى، ومشرفين على دروس الأروقة فى مختلف العلوم التى يلقيها علماء الأزهر، كما تم تطوير لجنة الفتوى وتوسيع مقرها لتستوعب الزيادة العديدة للمفتين للتيسير على السائلين، كما تم التركيز على المسابقات فى حفظ وتجويد القرآن الكريم، والإنشاد الدينى والمديح النبوي، وحفظ المتون والأحاديث..وغير ذلك، وهناك العديد من الأنشطة التى ستضاف إلى ما هو قائم بالفعل بعد الانتهاء من أعمال الترميم الضخمة التى بدأت بالجامع الأزهر. اهتم الأزهر منذ فترة بالمصالحات الثأرية وبخاصة فى الصعيد فكيف تسير أعمال لجنة المصالحات التى تترأسها؟ بالفعل فبعد النجاح الكبير الذى تحقق فى أسوان بين قبيلتى الدابودية والهلايل، كلفنى الإمام الأكبر بتشكيل لجنة عليا للمصالحات تعمل مع لجان فرعية بالمحافظات، وبالتنسيق مع السادة المحافظين ومدراء الأمن، وتم انجاز العديد من المصالحات فى حوادث ثأرية كبرى كان من أكبرها بعد صلح أسوان صلح قرية برديس بسوهاج عن ثلاثة عشر قتيلا، بالإضافة إلى مصالحات عديدة عن قتيل واحد ومجمل ما تم التصالح عليه يقارب الخمسين قتيلا معظمهم فى الصعيد، ونعمل الآن على إنهاء العديد من الخصومات منها خصومة بين مسحيين مسحيين، وأخرى بين مصريين وسودانيين، واحضر نائبا عن شيخ الأزهر جلسة الصلح النهائية التى يحضرها المحافظ والقيادات الأمنية والتنفيذية ،وهذه المصالحات لا علاقة لها بالمسلك القضائي،وإنما هى لإعادة السلام والأمن بين الخصوم لتوقف شلالات الدم وحالات التربص بين الخصوم. كيف تفسر زيادة العمليات الإرهابية رغم جهود الأزهر الكبيرة فى إصلاح الخطاب الدينى ؟ من الخلط والخطأ الكبير ربط الجرائم الإرهابية بالخطاب الديني،لأن الجماعات الإرهابية لا تنطلق من منطلقات دينية أصلا بل هى جماعات سياسية تستخدم الدين للتغطية على حقيقتها ولاستمالة الشباب وضمه إلى صفوفها،اما هى فاعتقادى الشخصى على الأقل انها جماعات شتى لها توجهات ومشكلات معينة مع مجتمعاتها وحكوماتها تم استخدامها من دول كبرى وأجهزة استخبارات لتنفيذ عمليات إرهابية بقصد نشر الفوضى وإضعاف الحكومات فى بلادها وبخاصة منطقتنا العربية وقلبها النابض مصر ،فنظرتى إليها وقد ذكرت ذلك أكثر من مرة وأنا مسئول عنه أنها أذرع استعمارية جديدة تستعين بجماعات محلية مستغلة خلافاتها السياسية ومشكلاتها الاجتماعية، ومن الغباء والبلاهة اعتبار داعش مثلا جماعة دينية رغم علمنا بمن يقف خلفها ومن صنعها هى ونسختها السابقة القاعدة ،فمنذ متى تمكنت جماعة دينية من هذا التخطيط والتدبير المحكم الذى مكنها من تنفيذ عمليات متزامنة فى عدة دول فى يوم واحد،ومنذ متى تمكنت جماعة دينية من صك عملة،واستخدام أحدث التقنيات فى تنفيذ جرائمها وتصويرها؟ لقد اتفقت دول الشر التى تدعى وجود خلافات بينها شرقا وغربا من الاتفاق فيما بينها على النيل من بلادنا ولكنها ستفشل بإذن الله بفضل يقظة قواتنا المسلحة التى تتحمل العبء الأكبر هى ووزارة الداخلية،ومع ذلك يبقى الاهتمام بإصلاح الخطاب الدينى فى غاية الأهمية ليس لهداية هؤلاء فهم لا يسمعون للأزهر ولا لغيره ويناصبوننا العداء للوقوف فى طريقهم،ولكن لتحصين الشباب من شرورهم وفضح حقيقة هؤلاء الإرهابيين. يجرى الأزهر حوارات مع مثقفين من أجل إصدار وثيقة لتحديد الخطاب الدينى فهل انتهيتم من ذلك، ولماذا لا تدعون أسماء جديدة للمشاركة فى الحوار؟ الخطاب الدينى لا يصوب ولا يجدد بوثائق وإنما بأمور كثيرة يسير فيها الأزهر فى خطوط متوازية، كان من أولها تجديد وتطوير المناهج الأزهرية ومناهج التربية والتعليم التى قمنا بمراجعتها أيضا،وبالقوافل التوعوية التى تجوب كل مصر، والآن تتوافد قوافل السلام على دول العالم بالتنسيق بين الأزهر ومجلس حكماء المسلمين الذى يترأسه شيخ الأزهر،وبالمؤتمرات التى يعقدها الأزهر من آن إلى آخر،وبالإصدارات التى يصدرها مجمع البحوث ومشيخة الأزهر بعدة لغات للتعريف بالإسلام وتصويب المفاهيم التى دلستها الجماعات الإرهابية ،كالخلافة والجهاد، والحاكمية، والولاء والبراء، والتكفير.. وغير ذلك من مصلطلحات محرفة تغوى بها الشباب، والوثيقة هى بمثابة إعلان مبادئ ينطلق منها تصويب الخطاب الدينى لمن أراد أن يسلك فيه مع الأزهر،لأنه ليس مهمة الأزهر وحده،فالأوقاف هى من يتولى الإشراف على تنفيذ الخطاب الدينى فى المساجد وجميع الخطباء والأئمة يتبعونها فهى شريك فى تصويب الخطاب الديني،ومسئولة عن مراقبة التنفيذ فى مساجدها، والإعلام يتحدث فى الشأن الدينى بكثافة ،والشباب والرياضة يمكنها من خلال مركزها وهو ما نقوم به بالفعل بالتعاون مها من نشر الخطاب الصحيح بين الشباب، ووزارة الثقافة، والتربية والتعليم ،ووزارة التعليم العالي،ومؤسسات أخرى يمكنها أن تلعب دورا كبيرا فى تصويب الخطاب الديني،ولذا فإن حوارات الأزهر انقسمت إلى قسمين ،حوار بدأ مع المؤسسات المعنية وهى وزراء الأوقاف ،والثقافة،والتعليم ،والتعليم العالي، والشباب والرياضة، ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون،والمجلس الأعلى للجامعات،حيث التقى شيخ الأزهر شخصيا بكل هؤلاء أكثر من مرة بالنسبة لبعضهم، وما يحدث الآن هو حوار مع المثقفين والمفكرين والكتاب كأفراد معنيين بالخطاب الديني،وليس لدينا مانع من مشاركة من يرغب ممن يحمل رؤية محددة يمكن أن تثرى الحوار،ولسنا فى عجلة من أمر خروج الوثيقة فالمراد خروجها على وجه يقنع الجميع ويتبناه الجميع كخطة عمل،وكما قلت التجديد يجرى بالفعل ولا ينتظرها.