أثارت تصريحات هشام رامز محافظ البنك المركزى ل الاهرام ،حول التحريك الطفيف لسعر الصرف ، والزيادة فى فاتورة الواردات ، حيث بلغ العجز فى الميزان التجارى 29.5 مليار دولار خلال الاشهر التسعة الاولى من العام المالى المنتعهى فى يونيو الماضى ، بزيادة 4.5 مليار دولار على نفس الفترة من العام السابق عليه ، اثارت ردود افعال واسعة ، على كافة المستويات، على مستوى رؤساء البنوك الذين اكدوا صحة وسلامة تحريك سعر الصرف ، لمقابلة انخفاض معظم العملات الاخرى امام الدولار ، وفى مقدمتها اليورو الذى انخفض بشكل كبير امام الجنيه بسبب ازمة اليونان ، الى جانب عملات البرازيل وتركيا وغيرها من الدولى التى انخفضت عملاتها بمستوى ملموس مرة واحدة ، ودعا رؤساء البنوك ، الى ضرورة اتخاذ تدابير استثنائية لترشيد الاستيراد ،خاصة للسلع غير الضرورية ، وهو الامر الذى تتخذه كافة الدول حتى تتجاوز الظروف الاستثنائية التى تمر بها اقتصاداتها ومصادر النقد الاجنبى لديها . فى المقابل فقد كشفت تصريحات محافظ البنك المركزى ، الزيادة الكبيرة فى استيراد السيارات التى سجلت 1.7 مليار دولار فى 6 اشهر وهو مايزيد على اجمالى الاستيراد خلال العام السابق عليه ، التى بلغت 1.5 مليار دولار ،وهو الامر الذى اثار حفيظة مستوردو ووكلاء السيارات بالسوق ، وهو امر طبيعى فى اطار حماية المصالح والارباح الكبيرة ، حيث شهدت اسعار السيارات – بما فيها الاوروبية - ارتفاعا ملحوظا رغم ضعف وتراجع اليورو امام الجنيه خلال الاشهر الاخيرة بعد انخفاضه امام الدولار ..
وكشف مصدر مصرفى رفيع المستوى ل الاهرام ، عن دخول ايرادات السياحة للجهاز المصرفى خاصة بعد زيادة ايراداتها لتسجل نحو 5.5 مليار دولار خلال الاشهر الستة الاولى من العام المالى المنتهى فى يونيو الماضى ، لافتا الى أن حصائل المصدرين لم تدخل الجهاز المصرفى حتى الآن ، حيث يتم التحايل لاحتجازها فى الخارج .ومن ناحية أخرى قال اقتصاديون ان خفض المركزى للجنيه لمواجهة الضغوط على العملة الصعبة ، مع عدم تعافى مصادر النقد الاجنبى من السياحة والاستثمار الأجنبى للان ، ودعا الاقتصاديون إلى اهمية اتخاذ تدابير وسياسات اقتصادية مكملة لإجراءات المركزى ، لمواجهة الضغوط التضخمية ، ومواجهة إستغلال بعض التجار لرفع الاسعار ، مع رفع كفاءة شبكة الضمان الاجتماعى للفئات الهشة . تدابير مرت بها كثير من الدول على مستوى المصرفيون وصف اسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الاسبق ورئيس بنك مصر – ايران للتنمية ،تحريك سعر الصرف من جانب البنك المركزى امر طبيعى ، فى ظل الضغوط على العملة الصعبة ، وعدم تعافى مصدر النقد الاجنبى خاصة من السياحة والاستثمار الاجنبى ، لافتا الى معظم الدول مرت بهذه الظروف ، واتخذت تدابير استثنائية لترشيد الاستيراد ، ودعا الى اتخاذ اجراءات تكميلية على مستوى السياسة المالية عن طريق فرض رسم على الورادات من السلع غير الضرورية للحد من الاستيراد ، لحين عبور هذه المرحلة ، وانتعاش موارد النقد الاجنبى .
انخفاض طفيف لايؤثر على الاسعار من جانبه اعتبر محمد الاتربى رئيس بنك مصر ، قرارات خفض قيمة الجنيه امام الدولار طفيفة للغاية ولا تتجاوز 2.7 % فقط ، فى حين شهدت العملات الاخرى انخفاض كبير امام الدولار فى الفترة الاخيرة ، ومنها اليورو الذى شهد تراجعا ملحوظا ، وهو ما يعنى ان ضعف اليورو امام الجنيه ما زال قائما بعد تحريك سعر الصرف ، من جانب المركزى. واستبعد الاتربى ان يؤثر ذلك على الاسعار بالسوق المصرية ، نظرا لضعف اليورو ، حيث ان اوروبا هى الشريك التجارى الرئيسى مع مصر وتستحوذ على نحو 42 % من اجمالى تجارتنا الخارجية ،من ناحية ، ومن ناحية اخرى فان معظم العملات انخفضت امام الدولار مؤخرا ، وعلى الجانب الآخر فان تحريك سعر الصرف سيخدم الصادرات ويسهم فى تنشيط حركة السياحة ، مما يسهم فى زيادة موارد النقد الاجنبى ودفع الاقتصاد .
500 مليون واردات اجهزة المحمول فى 6 أشهر ويؤكد منير الزاهد رئيس بنك القاهرة على ان قرار البنك المركزى بتحريك سعر الصرف يمثل استمرارا للنظام الذى بدأ تطبيقه منذ 5 اشهر وحقق نجاحا كبيرا ،وهى اجراءات تتماشى مع الاعراف المصرفية الدولية ، والحوكمة ، حيث نجحت هذه الاجراءات فى التنازل وبيع 90 % من تحويلات المصريين بالبنوك ، لافتا الى ان الجنيه يرتبط بسلة عملات ، ومنها اليورو ، الذى لايزال الجنيه قوى امامه ، حيث كان سعره نحو 9 جنيهات عام 2011 ، والان وبعد تحريك سعر الصرف ، يبلغ 8.58 جنيها بسبب انعكاس الاوضاع الاقتصادية بمنطقة اليورو وازمة اليونان وتأثيرها على سعر اليورو امام الدولار، الى جانب تراجع كثير من العملات امام الدولار الامريكى ، وهو الامر الذى يضعه البنك المركزى عند تحريك سعر الصرف ، بما يحقق التوازن والمصالح الاقتصادية للبلاد . ويثنى الزاهد على توقيت تحريك سعر الصرف ، لافتا الى انه كان مناسبا لتخفيف الضغط على الدولار، فى ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد بشكل كبير ،حيث سجل العجز التجارى مع الصين 10 مليارات دولار ، والمهم ان كثير من هذه الورادات غير ضرورية خاصة من السلع غير الضرورية، ويتساءل هل يمكن فى اقتصاد تواجه مصادر النقد الاجنبى فيها متاعب عدم التعافى ان تصل فاتورة استيراد اجهزة الموبايل خلال 6 اشهر 500 مليون دولار ، ناهيك عن استيراد السيارات باكثر من ضعف ما تم استيراده العام المالى الماضى ، وينبه الى اهمية الاخذ فى الحسبان سداد الالتزامات الخارجية خلال الاشهر المقبلة ومنها رد ودائع بنحو 2.5 مليار دولار . ويؤكد رئيس بنك القاهرة على ان رغم الصعوبات التى واجهها الاقتصاد بعد القيام بثورتين ، الا ان اجمالى انخفاض الجنيه امام الدولار يصل حتى الان 26 % ، ولايزال يحتفظ بقيمة ادخارية تصل الى ضعف الزيادة فى القيمة الرأسمالية للدولار ، حيث حقق المدخرين بالجنيه 46 % خلال السنوات الاربع ونصف السنة الماضية، وهو ما يقترب من ضعف الزيادة فى الدولار . متى يحول المصدرين حصائلهم بالبنوك ؟ ويتفق حسن عبد المجيد رئيس بنك "SAIB " وامين اتحاد بنوك مصر ، على اهمية قرار المركزى بتحريك سعر الصرف ، لافتا الى انه طفيف جدا مقارنة بانخفاض ملموس فى كثير من عملات الدول التى تعتبر اقتصاداتها قوية ،ولم تمر بالظروف التى واجهها مصر ، مثل الريال البرازيلى الذى انخفض 14 % امام الدولار ، ويضيف : علينا ان نحلل هيكل الواردات بعد الزيادة الكبيرة فى فاتورة الاستيراد خلال الاشهر الستة الاولى من العام المالى المنتهى ، التى وصلت 5 مليارات دولار لترفع الفجوة فى الميزان التجارى بشكل كبير ، ويضيف :لولا الاجراءات التى اتخذها البنك المركزى فى فبراير الماضى لكانت الزيادة فاقت التوقعات ، لافتا الى اننا نستورد كثير من السلع غير الضرورية بدءا من اللب الى ياميش رمضان ، مؤكدا ضرورة ان تكون هناك اجراءات على مستوى السياسة المالية والتجارية تكمل الاجراءات التى يتخذها البنك المركزى لترشيد ووقف سياسة السداح مداح فى الاستيراد . ويطالب عبد المجيد بضرورة تكاتف جميع الاطراف لعبور الفترة الحالية لحين انتعاش موارد النقد الاجنبى ، خاصة بعد افتتاح قناة السويس الجديدة ، وبدء تنفيذ مشروع محور تنمية القناة ، ويدعو المصدرين الى اهمية تحويل موارد النقد الاجنبى والتنازل عنها بالبنوك ، لافتا الى ان معظمهم يحتجزون حصائل التصدير بالخارج ، ويضيف لقد اوقفت التعامل مع احد المصدرين من عملاء البنك لاصراره على تدبير البنك العملة الصعبة لفتح الاعتمادات لاستيراد مستلزمات مصنعه ، ورفضه تحويل حصيلة صادراته الى البنك او استخدام جزء منها فى فتح الاعتماد الخاص به .
تنمية الصادرات وتنشيط السياحة ويتفق محمد عشماوى رئيس المصرف المتحد ، مع حسن عبد المجيد ،فى ان خفض الجنيه ،سيسهم فى تشجيع فرص السياحة والتصدير ، داعيا الى ضرورة تنازل المصدرين واصحاب شركات السياحة عن نصف حصيلتهم على الاقل للجهاز المصرفى خاصة مع الدعم والمساندة للبنك المركزى لقطاع السياحة ، وكذلك المساندة والدعم الذى تقدمه الدولة للمصدرين .
تشجيع تحويلات المصريين وفى هذا الاطار يرى هانى سيف النصر رئيس بنك الاستثمار العربى ، ان سعر الصرف يخضع للعرض والطلب ، وانه طبيعى ان يتحرك السعر صعودا وهبوطا حسب ذلك ، كما ان تحريك سعر الصرف له ايجابياته ، وفى مقدمتها تشجيع الصادرات ، وتنشيط السياحة ،كما يجب النظر لخفض الجنيه فى ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة وحرب العملات ، وانخفاض اليورو امام الدولار ، وكذلك تداعيات ازمة اليونان ،لافتا الى ان خفض الجنيه سيشجع المصدريين بالخارج على تحويل اموالهم ورواتبهم عن طريق الجهاز المصرفى ومواجهة التحايل على اجراءات البنك المركزى التى اتخذها فى فبراير الماضى واسفرت عن تنازل المصريين بالخارج عن 90 % من تحويلاتهم بالبنوك ، حيث بدأت عمليات جمع رواتب المصريين بالخارج من قبل بعض المضاربين ، خاصة فى دول الخليج والاردن ، مع توصيل مقابلها بالجنيه لاسرهم وذويهم فى مصر .
إجراءات حكومية مساندة على صعيد خبراء الاقتصاد اعتبرت الدكتورة هبة نصار استاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، قرار المركزى بخفض الجنيه امر طبيعى يمكن تفهمه فى ظل الضغوط على الدولار ، والفجوة بين العرض والطلب ، وحلول اجل بعض الودائع الدولارية لدى البنك المركزى خلال الاشهر المقبلة ،الى جانب مستحقات شركات البترول وفق الجدول الزمنى الذى أعلنته الحكومة مع هذه الشركات . واضافت : من الضرورى ان تتخذ الحكومة على مستوى وزارة المالية والتجارة ، سياسات اقتصادية تكميلية لاجراءات البنك المركزى ، من اجل تخفيف الضغط على العملة الصعبة لحين انتعاش السياحة والاستثمار الاجنبى ، وكذلك لمواجهة الضغوط التضخمية التى يمكن ان تصاحب تحريك سعر الصرف ، سواء على مستوى ضبط الاسواق وخاصة استغلال واحتكار بعض التجار ،الى جانب تعزيز شبكة الضمان الاجتماعى لمساندة الفئات الفقيرة.