غدًا.. وزير التعليم يزور قنا لتفقد عدد من المدارس مع بداية العام الدراسي    صور.. مدير تعليم إدارة المستقبل يوزع الهدايا والحلوى على الطلاب    مفتي الجمهورية من موسكو: علينا تصحيح الصورة المغلوطة عن التراث الإسلامي بالحوار    ارتفاع أسعار الدواجن البيضاء 3 جنيهات وانخفاض البلدي    حملة مكبرة لضبط عربات الحنطور المخالفة في الأقصر (صور)    سعر الجنيه الإسترليني في البنوك اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    الدكتورة رانيا المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم جهود التنمية الاقتصادية وتمكين القطاع الخاص    مستثمرو مرسى علم يطالبون بمشاركة مصرية قوية فى بورصة لندن السياحية نوفمبر المقبل    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مدرسة تؤوي نازحين في حي الزيتون بغزة    بعد تفجيرات لبنان وتصريحات تغيير الشرق الأوسط، هل هناك تهديد باندلاع حرب كبرى؟    تحولت إلى دمية يسهل استخدامها، معلومات مثيرة عن حسناء البيجر    تاريخ مواجهات العين أمام أندية نيوزيلندا قبل لقاء أوكلاند سيتي    أبرز ملامح خطة تأمين مراسم تسليم درع الدوري للأهلي    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    اليوم .. منتخب مصر يواجه أمريكا في نهائي بطولة العالم للكراسي المتحركة لليد    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    سقوط 3 عناصر إجرامية بترسانة أسلحة بالقليوبية    محافظ بورسعيد يشارك طلاب مدرسة اليونانية الحديثة الطابور الصباحي    بسبب النزلات المعوية في أسوان، نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات المحافظة    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    انطلاقة قوية لمواليد برج الأسد في بداية الشهر الشمسي الجديد    أول حلقات مسلسل تيتا زوزو .. اعرف القنوات الناقلة ومواعيد العرض    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    مجلس الأمن الدولي يحذر من التصعيد في لبنان    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء شخص على سيدة في القاهرة    صور| شلل مروري بسبب كسر ماسورة مياه أسفل كوبري إمبابة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    بعد ارتفاع الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 21 سبتمبر 2024 في المصانع    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    محافظ المنوفية يعلن طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    "تحيا مصر وعاش الأزهر".. 12 صورة ترصد أول أيام الدراسة في معاهد أسيوط (صور)    دراسة فرنسية: 35 مليون شخص مصابون ب"الألزهايمر" حول العالم    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    لجان للمرور ومتابعة سير العمل بمستشفيات مطروح    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 21 سبتمبر    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    مأمورية خاصة .. ترحيل صلاح التيجاني من سرايا النيابة الي قسم إمبابة    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التفرد» ليس طريقا مفروشا بالزهور
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 07 - 2015

هل الحياة تستحق أن ُتعاش ؟ليس الجواب سهلا كما قد يبدو للبعض . يتوقف الأمر ، على منْ يعيشها .

لا نتصور أن يكون هدف الحياة ، أن نأكل ونشرب وننتج السلع ونتنزه ونتعامل مع الأجهزة ونتزوج ونتناسل .
هناك هدف أعظم وأسمي، تطمح اليه الحياة...... أن يبحث كل منا عن ذاته «المتفردة»، وأن يكافح من أجل إطلاق مواهبها وقدراتها الخلاقة .
نعم لكل إنسان ذاته المتفردة، التى لا تشبهها أخري. تماما مثل بصمة الإصبع غير قابلة للتكرار. كل إنسان يولد متفردا . ولكن ليس كل إنسان يموت متفردا ، ترى ما الذى يحدث لنا بين الولادة والموت ؟
ترى ما الذى يقتل فينا فطرة التفرد ؟
إنه «الخوف من الاختلاف».
نخاف أن نفكر ونحس ونغضب ونحلم ونتكلم ونتحرك ونبدع، خارج الخطوط والمدارات المألوفة المرضى عنها .
منذ الصغر فى الأسرة يزرع الأهل، سلطة الأب أو سلطة الأم أو الاثنين معا بدايات هذا الخوف. وتتعاون كل ثقافة المجتمع الأكبر، فى تدعيم ما أرسته سلطة الأسرة، فى خلق البشر، متشابهى التفكير والإحساس والأحلام .
إن حماية الذات المتفردة الكامنة فينا، والمتحفزة للتحقق، مرهون بإعلاء قيمة «التمرد» فى حياتنا.. التمرد على محاولات التنميط والقولبة .
أهى مصادفة ، أن حرفا واحدا ، يفصل ما بين كلمة «تمرد»، وكلمة «تفرد» ؟؟؟
يكمن جوهر التمرد ، فى انحياز الإنسان ، لإرضاء الذات، لا ارضاء «الآخر». هذا ليس معناه ، التفنن فى خلق صراعات دائمة مع الآخر. وليس معناه حب الصدام فى حد ذاته.. ولكن القضية، أن يكون الإنسان يقظا . حينما يتعارض فيه «الآخر»، مع إطلاق صوت ذاته الداخلي، تكون الأولوية بدون تردد للذات .
«التفرد» أمانة أودعتها الحياة فى نفوس البشر. وبالتالى فإن التنازل عن حقنا فى «التمرد»، والحرص الدائم على إرضاء الآخر لا إرضاء الذات، هو خيانة عظمى للحياة.
لكن الحفاظ على أمانة «التفرد»، ليس طريقا مفروشا بالزهور. إنه طريق ملغم بالأخطار. لا شئ يثير حفيظة الناس وغضبهم ، إلا «ذات» مصرة على اختلافها، واثقة من تفردها . ومن الإصرار والثقة ، تتولد الشجاعة الضرورية للسباحة ضد التيار ، والقدرة على تحمل العواقب. وتتولد أيضا «لذة» الحياة ، و «متعة الوجود» .
إن الاضطرابات النفسية ، والميول العدوانية العنيفة تجاه الآخر ، أو تجاه النفس وأفكار التطرف ، والتشدد ، وسلوكيات التعصب، كلها تجد جذورها فى عجز الإنسان عن تحقيق ذاته المتفردة . والاستعاضة عنها ، بنسخة مشوهة من ملايين البشر .
المثال الصارخ النموذجى ، هو الشخصية الارهابية ، التى فقدت كل
أمل فى «التحقق» . وهى تعوض عن ذلك، بسفك الدماء، والانتماء، الى فكر، مريض، يحترف القتل، والترويع.
الشيء الغريب ، أن البشر يوجهون الكثير من الوقت والجهد والاهتمام لتنمية أشياء خارجة عنهم ، مثل النجاح والفلوس والشهرة وكسب الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية . كل ذلك فى إطار من استحسان الآخرين ، ورضاهم ومدحهم . ولكنهم يبخلون بالوقت والجهد والاهتمام ، للاستماع إلى صوتهم الداخلى ، وإنماء الذات المتفردة داخل كل منهم.
إن الانشغال بالعالم الخارجى ، وإهمال العالم الداخلى ، يضع أسس اغتراب الإنسان عن ذاته الحقيقية . وطالما اغترب الإنسان عن ذاته ، فإنه يظل غير سعيد ، مهما وصل إلى نجاح مادى أو مركز مرموق أو شهرة أو فلوس . ومهما أحاط نفسه بالعديد من الصداقات والعلاقات .
لقد اعتبر الفيلسوف الدانماركى « سورين كيركجورد « ، 1813 -1855 أبو الفلسفة الوجودية ، وأكثر الفلاسفة تأكيدا على أهمية الذات، أن الحقيقة هى الذاتية . حيث إن العالم الخارجى «الموضوعي»، لا يقدم لنا إلا الشك. تأتى الحقيقة من ذاتية العلاقة ، وليس موضوعيتها ، التى يشترك فيها كل الناس. معنى ذلك أن «الموضوعية»، التى تكاد تُعبد، ليست الا ، غياب تفرد الإنسان .
ولأن الحياة قد أودعت فى قلب كل إنسان ، بصمة متفردة ، فإن كل ذات تحمل داخلها سرا من أسرار الكون . وربما تحمل الكون كله ، فى شكل بشرى مصغر .
وبالتالى فإن كفاح الإنسان لإعلاء ذاته المتفردة ، هو بالضرورة إعلاء لكلمة الحياة ، وانتصار لقوانين الكون الأزلية ، المرادفة ، للعدل ، والخير ، والحب ، والجمال .
إن الحياة تتقدم وتزدهر ، بفضل هؤلاء النساء والرجال ، الذين أرهفوا السمع إلى صوتهم الداخلى ، رغما عن صخب التشابه، ولم يتنازلوا عن تفردهم الذاتى مقابل أية إغراءات خارجية . حقا ، ماذا يفيدنا لو ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا ؟!
لن يبنى مصر ... لن ينقذ مصر .. لن يحمى مصر ..
الا تلك الشخصيات من الرجال، والنساء، التى عثرت على خط التماس، بين «تفردها»، وبين نهضة مصر. بين تحققها الشخصى وبين مصلحة مصر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.