من تعتقد انه وراء حادث الاعتداء الآثم على الشهيد هشام بركات النائب العام؟ الاغتيال هو أخس وسيلة لمواجهة الخصم.. وهو نوع من الغدر والخيانة.. ولم يحقق أي اغتيال سياسي أي هدف.. بل دائما كان وبالا على فاعليه وشؤما عليهم.. فإذا كان هذا الاغتيال للقضاة فيكون الغدر أشنع والخيانة أفظع. أما إذا كان هذا الاغتيال باسم الدين والإسلام فذلك يمثل أكبر إساءة للدين والإسلام ويعد تلطيخا لثوب الدعوة والدعاة.. وكل الناس تتعاطف دائما مع الضعيف وهو هنا الشخص الذي تم اغتياله وتصب جام غضبها على الذين قاموا باغتياله حتى وإن كانت لهم ملاحظات سابقة على من تم اغتياله فإنهم ينسون هذه الملاحظات.. ويكونون معه بقلوبهم ومشاعرهم. وهذه العملية الإرهابية تحمل بصمة جماعة أجناد مصر.. فهي التي قامت بتفجير موكب اللواء محمد إبراهيم من قبل.. وهي التي فجرت مديريتي أمن القاهرة والدقهلية.. وهي التي اغتالت المقدم محمد مبروك.. وهي تريد الثأر لقادتها السبعة الذين قبض عليهم عقب اكتشاف وكرهم المهم في «عرب شركس» وتم إعدامهم منذ شهرين.. وتريد الثأر أيضا لزعيمها نبيل المغربي الذي مات في السجن نتيجة مرضه بالسرطان الذي كان مصابا به منذ فترة طويلة.. وردا على مقتل زعيمهم همام محمد عطية في إبريل الماضي.. وأجناد مصر هي جماعة تكفيرية تكفر الحكام والجيش والشرطة وللأسف لم يهتم بدراستها إلا القليل من الباحثين. اغتال الإخوان قديما القاضي الخازندار وكان لذلك أسوأ الأثر على جماعة الإخوان .. واليوم ما هي الآثار التي ستقع على الإسلام السياسي بمصر من جراء اغتيال النائب العام ؟! اغتيال القضاة أو استخدام العنف ضد القضاء كأشخاص أو مؤسسات يؤدي دائما إلى أسوأ العواقب على حركات الإسلام السياسي ويضرها ضررا بليغا. وأنا أعتبر أن بداية الانهيارات الكبرى لجماعة الإخوان في الأربعينات.. جاء بعد اغتيال المستشار الخازندار حيث أعقبه قرار حل الجماعة بيد النقراشي باشا الذي اغتيل ردا على قراره فاغتيل البنا رأس الدعوة ردا على اغتيال رأس الدولة.. وبدأت بعدها الانهيارات الكبرى في الأربعينات لجماعة الإخوان. وإذا رأت حركات الإسلام السياسي أن بعض الأحكام قاسية أو غير منصفة من وجهة نظرها فإن القضاء يصوب نفسه بنفسه ويصحح مساره بنفسه عن طريق الاستئناف والنقض وغيره.. فمحكمة المنيا أحالت 1500 للمفتي.. ولكن النقض بعد ذلك حكم بإعدام 26 فقط من 1500.. ولكن الذي علق في ذهن العالم كله هو رقم 1500. ما هي الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها جماعات الإسلام السياسي بعد ثورة 25 يناير؟ أخطر ما أصاب الحركة الإسلامية المصرية هو تخليها طواعية عن موقع الدعوة والهداية وتحولها إلي حركة سياسية محضة تدور حول السلطة وتدندن حولها وتضحي من أجلها وتبذل الآلاف من شبابها من أجل كراسيها. وكذلك الخلط المعيب بين الشرعية والشريعة.. مع أن الفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض، والخلط بين العقائدي الثابت والسياسي المرن المتغير.. وبين المقدس والبشري.. والخلط المعيب بين الأحزاب السياسية والجماعات الدعوية، والخلط بين الإسلام المعصوم والحركة الإسلامية غير المعصومة.. وبين الإسلام المعصوم والإسلامي الغير معصوم.. وبين الإسلام المعصوم والفكر والفقه الإسلامي الغير معصوم. وما هو الخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه كل القوي السياسية المصرية وأدي إلي ما نحن فيه؟ جميع القوي السياسية ومنها الإسلامية أنزلت الصراع السياسي إلي الشارع ولم تستطع أن تعيده مرة أخري إلي النخبة السياسية العاقلة والحكيمة والتي ترضي بالحلول الوسط, لقد حضر الجميع العفاريت لكنهم لم يستطيعوا صرفها, لأن تحضيرها ومخاطبة العواطف سهلة, أما مخاطبة العقول والرضي بالحلول الوسط فغير مقبولة علي الإطلاق بين الجموع الهادرة, وقد يدمر مستقبل من يطلق الحكمة والحلول العملية من هذه الجموع الهائجة التي تخون أو تفسق أو تكفر من يختار أقل المفسدتين بدرء أعلاهما وأعلي المصلحتين بتفويت أدناهما.. أو تفويت مصلحة جمعا للشمل أو درءا لمفسدة أكبر لو طلب منك توجيه رسالة لجماعة الإخوان الإرهابية ماذا تقول لهم؟! أناشد أهل العقل والحكمة في الإخوان وأقول لهم: أنتم تتظاهرون منذ أكثر من عامين .. والتكفيريون يفجرون ويغتالون .. وقنوات كثيرة تابعة لكم تشتم في الحكومة والدولة المصرية كذلك.. وكل ذلك لم يرجع مرسي والإخوان إلي الحكم.. وكل يوم تزداد خسائر الطرفين والوطن دون جدوى.. فهلا فكرتم في منظومة جديدة تنقذكم وتنقذ الوطن من الصراعات السياسية التي ستدمر الجميع. وأقول لهم: لا ت3عتصموا في زمن أحببتموه ولا تريدون مفارقته.. لا تعتصموا في يوم 30 يونيو 2013 فقد مضى الزمان.. وجرت في النهر السياسي المصري والإقليمي مياه كثيرة غيرت كل شيء فيه.. فمن اعتصم في الزمان أضاع ماضيه وحاضره ومستقبله. ماذا تقول لأنصار بيت المقدس وداعش؟ أسأتم إلي بيت المقدس ولفريضة الجهاد.. ووضعتم السيف في غير موضعه.. في المكان الخطأ والزمان الخطأ وبالطريقة الخطأ. أسأتم إلي جميع الحركات الإسلامية ولوثتم ثوب الدعوة الإسلامية الأبيض بالدم الحرام .. ونفرتم الناس من الإسلام.. وبذرتم بذور التكفير والكراهية في مصر المحبة التي احتضنت رسالات إبراهيم وموسى وعيسى ومريم عليهم السلام .. أرجوكم أن تتركوا سوأتي « التكفير والتفجير» . ما هي عوائق المصالحة الوطنية لدى الإخوان ؟ تشتت القرار الإخواني ما بين مجموعة السجن وهي ليست كلها في سجن واحد والمجموعة التي في خارج مصر وهي موزعة بين عدة بلاد. وعدم وجود قائد قوي يبيع جاهه من أجل حقن الدماء والمصالحة الوطنية وإنقاذ مصر والإخوان من الصراع السياسي المدمر، وميل الشباب الإخواني للتشدد والعنف الآن والأهم من كل ذلك التدخلات الإقليمية في القرار الإخواني الذي أصبح مرهونا ببلاد أخرى. وعلى الجانب الآخر نجد الحكومة لا تستطيع تقبل فكرة المصالحة بسبب كثرة التفجيرات والاغتيالات التي تمارسها الجماعات الإرهابية. وأيضا بسبب ادراك الحكومة عدم قدرة الإخوان الآن على السيطرة على الجماعات الإرهابية مثل أنصار بيت المقدس أو أجناد مصر، وشك الحكومة في قدرة قيادة الإخوان في السيطرة على الشباب في تحالفها أو وقف العنف في مصر . ما هو الخطر الأكبر على الأمة العربية والإسلامية؟ الخطر الأكبر من وجهة نظري هو الصراع السني الشيعي .. وهذا صراع مفتعل تغذيه المصالح السياسية.. وأنا أنصح الدول التي فيها أغلبية سنية أن ترعى حقوق الأقلية الشيعية وتعدل معها ولا تظلمها .. وكذلك الدول التي بها أغلبية وحكومة شيعية ألا تظلم السنة وأن تعطيهم حقوقهم وتعدل معهم. فمن العار أن السنة والشيعة يعدلون مع الأقليات المسيحية واليهودية في بلادهم.. ولا يعدلون مع المسلمين من أهل القبلة.. وإذا انتهى الصراع السني الشيعي الحالي .. فسوف تحل معظم مشاكل الأمة العربية. وأخطر جريمة وبدعة ومحنة تحدث الآن هو تفجير داعش لمساجد الشيعة وتفجير الميليشيات الشيعية لمساجد السنة .. ومن أمثلة ذلك تفجير داعش لمساجد الشيعة في السعودية والكويت لخلق صراع طائفي بغيض يؤدي في النهاية إلى تفتيت هذه الدول .. وكذلك تفجير ميليشيا عصائب أهل الحق الشيعية لمسجد عمرو بن العاص في مدينة ديالي.. وغيرها من مساجد السنة، وقد انتقلت هذه البدعة أو المحنة أو الجريمة إلى باكستان .. وميليشيا كل مذهب تفجر مساجد المذهب الآخر. وكيف ترى مستقبل الأمة الإسلامية؟ الأمة الإسلامية الآن تعيش مأساة كبرى بسبب دعوة التكفير والتفجير .. ودعوة الجحود والتحلل من الشريعة.. ودعوة الجمود .. ودعوة التشيع .. ودعوة الصدام . ودعوة التكفير والتفجير هي أسوأ الدعوات جميعا وعادة ما تنتهجها داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس وبوكو حرام وأخواتهم .. وكذلك الجماعات الشيعية المتطرفة في العراق مثل الحشد الشعبي وعصائب الحق وميليشيا المهدي وميليشيا بدر التي تقتل وتذبح بالاسم والمذهب.. أما دعوة الجحود والتحلل من الشريعة، فقد انتشرت في السنوات الأخيرة بعضها يدعو إلى خلع الحجاب و»كل ما تحت الحجاب».. أو شرب وتقنين الحشيش.. أو إباحة الزنا والشذوذ والتبرج والاختلاط الذي تحرمه الشريعة.. وبعضها يدعو إلى الأخذ بالقرآن وحده وترك كل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. أما دعوة الجمود فهي تفصل النصوص عن سياقاتها وحكمتها ومقاصدها العليا.. ولا تتأمل أنواعا رائعة من الفقه مثل فقه الأولويات.. وفقه المقاصد.. وفقه المصالح والمفاسد.. وفقه الضرورات وفقه النوازل وفقه المآلات والنتائج. وهناك أيضا دعوة الصدام مع الدولة والمجتمع، وعادة ما يتدرج الصدام من فكري وسياسي ونفسي بارد إلى ساخن ومسلح. وكذلك دعوة التشيع والتي تكاد تملأ العالم الإسلامي وتدعمها دول إقليمية تنفق عليها بالمليارات لأهداف سياسية.. فهي لا يهمها التشيع في حد ذاته بل تتخذه كوسيلة لأغراضها السياسية. ومع كل هذه الدعوات تنتشر سوءة التكفير .. وخاصة تكفير الحكام .. والأمة في حاجة للتفكير وليس للتكفير.. فالله لم يأمرنا بتكفير أحد.. ولكنه أمرنا بالتفكير « أفلا تتفكرون « .. وإذا نجا المسلم أو أي جماعة من سوءة التكفير فسوف تنجو من كل السوءات الكبرى.