كانت الشكاوى من أداء الوزارة فى امتحانات الثانوية العامة هذا العام، دافعا لإجراء حوار شامل مع الرجل الذى حمل على كتفيه مسئولية أخطر الشهادات فى حياة أجيال المستقبل، ولطرح تساؤلات حول آمال وآلام الآباء والطلاب فى الأداء وصعوبات بعض المواد، وليوضح فكر الوزارة وأهدافها ..فكان حوارنا مع السيد محمد سعد رئيس عام امتحانات الثانوية العامة. بداية هناك اتهامات للوزارة بأنها قبل ومع أيام الامتحانات تطلق فى كل بياناتها يوميا لغة التهديد والوعيد لحالات الغش.. ما السبب؟ نحن لا نكون ضد أبنائنا أبدا، ولكننا حريصون على إرساء العدل بين الطلاب بحيث نقضى على ظاهرة الغش التى سيطرت من قبل على اللجان وخرجت لنا أجيالا جامعية ضعيفة، وهذا من صالح المتفوقين لأنهم مستقبل الوطن ، ومع ذلك لم تتعد الاحتياطات حدود تعطيل أداء الطالب أو حقه الطبيعى فى لجنة هادئة، وظروف طبيعية تضمن سيرا أفضل للامتحان. وضعتم كل الاهتمام للعصا الإلكترونية باللجان حتى أصبحت مشكلة للطالب قبل حل الامتحان بعد تعطيله فى الدخول، حتى بعد بدء الامتحانات بنصف الساعة.. لماذا لم تعتمدوا على حلول أسهل لكم وللطالب؟ أولا: لم تكن العصا مشكلة لنا أو الطالب، لأن هناك تعليمات واضحة بضرورة دخول جميع الطلاب للجان قبل الموعد المحدد، وما حدث من تأخير حالات فردية لم تتكرر بعد اليوم الأول، وعوضنا الطلاب المضارين بوقت يساوى التأخير، وحاولنا فى الوقت نفسه تطبيق نظام التشويش على الموبايلات لكن وزارة الاتصالات اعترضت بأن هذا مخالف للقانون، ومع ذلك وضعنا أربعة أفراد أمن بكل لجنة، لتسهيل المهمة وبسرعة عدة ثوان لكل طالب، ومع ذلك ثبت أن هناك حيلا اعتمد عليها البعض بفصل بطارية الجهاز أو وضعه فى نظام الطيران فلا يلتقطه جهاز العصا. هل يمكننا أن نقول: إن هناك ظاهرة برغم ذلك كله فى تسريب الامتحانات يوميا، وما تعكسه من فرص أعلى للغش ؟ يجب أن يدرك الناس الفرق بين التسريب والغش فالتسريب مرتبط بفترة ما قبل فتح المظاريف السرية وهذا لم يحدث، وما حدث من محاولات الغش جاءت بعد أن تكون ورقة الأسئلة متاحة لنحو مائة ألف معلم ومائتى ألف طالب بالمادة الواحدة، ومع ذلك فهى عملية نفسية بحتة، فلا يستطيع الطالب الوصول لمواقع الغش المعروفة فى أثناء الامتحان، فالمقصود منها إحباط معنويات الطلاب المتفوقين، وعمل شوشرة لأن امتحانات الثانوية لها اهتمام خاص ، وهى صورة واختبار للقوة والنظام بالبلد. حتى لو اختلفنا فى التعبير بين الغش والتسريب ما هو رد الفعل لديكم فى هذه المشكلة؟ هناك إجراءات كثيرة منها تكثيف جهود فريق مكافحة الغش الإلكترونى والذى يقوده ضابط مباحث متخصص، وأمكنه ضبط 11 فردا من أدمن المواقع المعروفة للغش، وتحديد نحو مائة حالة غش بين الطلاب بعد رصد بيانات المدارس على ورقة الأسئلة المنشورة، وكنا فى نفس الوقت أخذنا تعهدات كتابية من الطالب وولى الأمر بعدم دخول اللجان بالموبايل، وحددنا عقوبات بإلغاء المادة فى حال حمل الجهاز ، أو الامتحان كله إذا ثبت أنه استخدمه فى الغشم، إلا أن هذا لا ينفى أن هذا هو العام الرابع الذى تظهر فيه حالات الغش الإلكترونى. وصف البعض وضع الامتحانات بمستويات معيارية متباينة منها السهل جدا والصعب جدا، بما يتناقض مع المعدلات المطلوبة فى تقييم حقيقى للطالب.. مارأيكم؟ تستطيع أن تقول إن العكس هو الصحيح، لأننا لأول مرة نضع معايير إضافية تضمن تقييم كل المستويات، وجمعنا واضعى الأسئلة ومستشار المادة واثنين من الموجهين إضافة لأستاذ جامعى لتحليل مادة الامتحان مع مسئول المركز القومى للامتحانات، والذى يقرر مدى مطابقة الورقة الامتحانية للمواصفات الموضوعة مسبقا وقبل الطبع، وهذه أول مرة فى تاريخ الامتحانات لضمان دقة وعدالة حقيقية وتوازن فى مستويات الممتحنين، ثم ترسل الورقة الامتحانية للمطبعة السرية. مع ارتفاع أعداد اللجان إلى نحو 1500 لجنة.. أليس هذا يعطى الفرصة تحت أى ظرف لتسرب الامتحانات؟ هذا غير ممكن لأن هناك احتياطات كاملة وتحديد مسئوليات، لأن لدينا 75 مركز توزيع للأسئلة، تتسلم المظاريف المغلقة داخل مظاريف أخرى مغلقة جيدا يستحيل فتحها أو الاطلاع على الامتحان فى فترة الانتقال لنقوم بتوزيعها على مستوى المراكز فى صباح يوم الامتحان فى خطوط سير سواء بالطيران للمناطق النائية، أو بالقطار والمواصلات العادية ، لتكون المظاريف فى النهاية بداخل اللجنة فى الساعة الثامنة وحتى الثامنة والنصف ،وتشكل لجنة بالمدرسة لفتح المظاريف بمحضر لتحديد المسئولية، وكل هذه المراحل تتابعها الوزارة وتحت مسئوليتها تماما. يشكو بعض الملاحظين المنتدبين فى اللجان النائية من سوء مواقع الإقامة التى حددتها الوزارة؟ لم يحدث على الإطلاق ، ولم تتوافر لدينا أى معلومات بذلك، وشكلت لجنة مرت على كل المحافظات، تأكدت من توافر كل الخدمات الأساسية المريحة لإقامة الملاحظ حتى وسائل الترفيه العادية، ونستجيب لأى ملاحظات مماثلة فور علمنا بها، ولم نتلق أى شكاوى بهذا الخصوص، مع متابعتنا اليومية للاستراحات ومن خلال مديرى الإدارات. هناك ملاحظة بأن مسئولى الامتحانات بالوزارة لا يستطيعون دخول المدارس الدولية أو الخاصة الكبرى لسببين أنها تدفع للموجهين مبالغ مالية، وتوفر وجبات غذائية فاخرة وخدمات للملاحظين ، والنتيجة أن هذه المدارس تضمن أن أولادها ينجحون بنسبة 100% نتيجة حفلات الغش المفتوح.. ما رأيكم؟ ليس لدينا أى معلومات حول هذا الموضوع، ولكن نتابع تلك المدارس جيدا فالامتحان لطلابها يكون فى مدارس حكومية، كما أننا نضعها تحت المراقبة، لرصد أى مخالفة بدليل أننا ألغينا تراخيص أربع مدارس منها بها مخالفات، ومع ذلك سأتابع بنفسى الخطط الوهمية للموجهين على تلك المدارس إن وجدت، وبالنسبة للرسوم على تلك المدارس ألغيت من قبل بحكم قضائى، ومع ذلك سنوجه بمتابعة الموجهين وخططهم لضبط المخالفين منهم وتحويلهم للتحقيق أو لعمل آخر، ولاكتشاف المخالفات. هناك مشكلة أزلية بالتصحيح بأن الموجه وبعض المدرسين نسوا المادة، لذلك يعتمدون كليا على نموذج الإجابة وليس على روح الإجابة للطالب الفاهم ويظلمونه ما رأيكم؟ الموجه دوره الملاحظة فقط بعد التصحيح، ولا يصحح الأسئلة مباشرة، أما الإجابات المتعددة والاحتمالية فتأتى من خلال حضور المشرفين فى كل القطاعات على مستوى الجمهورية، ويناقشوا كل شىء عن الأسئلة واحتمالات الإجابات ورصدها بما يضمن حق الطالب ولوضع الدرجة عليها، وينقل كل منهم النموذج الشامل والمقترح للإجابات للقطاع الذى يتبعه، ليتوحد التصحيح والدرجة بين القطاعات بلا ظلم لأحد ، ولم نعد نعتمد على الفيديو كونفرنس بل بإحضار الجميع للوزارة وجها لوجه ، وأنه حتى بعد التصحيح ومراجعة الموجهين، استحدثنا عضوا جديدا للجودة بدرجة معلم أول ( إيده فى المادة) ويراجع بدقة 10% لكل ظرف لضمان مستوى دقيق لحق الطالب. هناك مدرسون يضعون الدرجات النهائية فى موادهم دون وجه حق، لتكون دعاية لهم فى الدروس الخصوصية مثل مواد الإيطالى والألمانى والإسبانى لضرب اللغة الثانية الفرنسية فى الصميم ،وكذلك المواد الفلسفية.. والمصححون والمراجعون هم أصحاب المادة.. مارأيكم ؟ لا نستطيع أن نقول ذلك لسبب بسيط هو أن منهج اللغة الفرنسية يضاعف المناهج الأخرى، لذلك قد يتجه الطلاب فى الثانوى للغات الأخرى الأسهل والتى لا تحتاج مجهودا، فالفلسفة مثلا حصل فيها عشرون ألف طالب على الدرجات النهائية بينما اللغة العربية 519 طالبا فقط، والدراسات الأدبية لم تعد توجها أساسيا للطلاب، لذلك فإن 70% منهم فى شعبتى العلمى للعام الثانى بعد أن كانت النسبة عكس ذلك بين العلمى والأدبى، والتى شكا منها الخبراء من قبل. فى حوارات وتصريحات الوزارة كل عام تقول: إن التطوير يشمل حذف الحشو بالمناهج وتطوير وتغيير المنهج .وهذا لم يحدث طوال هذه السنين؟! نعم هى مشكلة تحتاج توضيحا، ويكفى أن المناهج لدينا لم تتغير منذ 25 عاما ، برغم أن التطور العالمى والعلمى يوميا، لذلك فإن المنهج يعد خارج الواقع التعليمى العالمى، لذلك سيشمل النظام الجديد فى العام الدراسى تطوير منهج الثانوية العامة بتغييرات شاملة، خاصة للكتب الأدبية جميعها.وأولها اللغة العربية، والفلسفة والمنطق وعلم النفس، والتاريخ، والجغرافيا، وسيتسلم طالب الصف الثالث كتبا ومناهج جديدة تماما قبل بداية العام الدراسى الجديد . بمناسبة تغييرات المناهج تلاحظون أن الكتب الخارجية تنزل المكتبات قبل بداية العام الدراسى، حتى إن الطلاب والمدرسين يعتمدون عليها ويتأخر كتاب المدرسة عمدا برغم أنه المنهج الجديد فما مصلحة الوزارة وراء التعطيل؟! صحيح للأسف أن بعض مؤلفى الكتاب المدرسى يبيعون المنهج للسوق قبل طبع الكتب المدرسية، ونحن فى هذ العام نعد المواطن بأن تتوافر الكتب المدرسية مع بداية العام الدراسى ومقاومة الاستغلال للطلاب. برغم إعلانات الوزارة بضمان حق الطالب، إلا أنها تتمسك بمفهوم أنه لا تعديل للتقدير الفنى الذى يعيد حق الطالب المظلوم فى الدرجة برغم التزام كثير من الطلاب بمعايير الإجابة فى الأسئلة المقالية.. مما يخلق عدم ثقة فى أداء التصحيح مع الأخطاء البشرية والحر والصيام والإجهاد فتضيع درجات على الطالب فما هو الحل؟ إننا لا نستبعد بعد إعلان النتيجة إعادة التصحيح فى الإجابات التى تستحق درجة أعلى وفى الجزئيات التى تستحق درجة محددة، والجزئيات التى لم تصحح فضلا عن إعادة جمع الدرجة من جديد وهذه متاحة وواضحة فى حق الطالب، أما التقدير الفنى لموضوع تقديرى مثل التعبير فهذا مستحيل لأنه سيفتح علينا مشكلات لا حصر لها، وسيطعن كل ولى أمر، ونعيد تصحيح أوراق الإجابة من جديد بكل إهدار للوقت، وصناعة الشك، فضلا عن سهولة دخول المجاملات التى ستقلب شهادة الثانوية إلى شىء آخر غير منضبط، فالمصحح له رؤية وفق معايير موضوعة مسبقا ويتعرض تصحيحه للمراجعة عدة مرات، ولعلنا نجد احتجاج بعض الآباء فى تلاعب الطلاب مثل أن يكتب الطالب احتمالين للإجابة فيقول إجابتين فى حالة الاختيار مثلا فى الإعراب: مفعول به ثم يجيب ثانية بأن اللفظ فاعل، وهذا أساس مشكلتنا مع الطالب فهو يضع إجابتين متناقضتين ، فهل يجوز أن أعطيه درجة؟! وهذا يكفى للتأكد من حق الطالب مع منحه فرصة التظلم بعد النتيجة إذا أحس بالظلم خاصة مع المواد العلمية التى تعتمد على درجة محددة لا احتمالات فيها ، وليأخذ حقه فورا. بعد كل ذلك هل يمكن أن نعرف موعد إعلان نتيجة امتحان الثانوية العامة بعد انتهاء الامتحانات يوم الثلاثاء الماضى وقرب الانتهاء من تصحيح مادتى الكيمياء والتاريخ؟ يرجع ذلك حسب المعدلات الحالية فى الأداء ونتوقع أن نعلن النتيجة فى منتصف شهر يوليو الحالى مبدئيا.