فى كلمته أمام اجتماع أصدقاء سوريا ، المنعقد اليوم الأحد فى مدينة اسطنبول التركية ، دعا محمد عمرو وزير الخارجية المعارضة السورية للاجتماع عاجلا فى مقر الجامعة العربية فى القاهرة للاتفاق على رؤية موحدة فيما بينها ، مؤكدا أن شرعية المعارضة السورية لن تتحقق إلا بتوحيد صفوفها. وصرح الوزير المفوض عمرو رشدى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن الوزير عمرو قد أكد فى كلمته أن مصر لم تشارك فى اجتماع اسطنبول لتسجيل مواقف دعائية أو حتى أخلاقية ، وإنما حضرت بهدف وحيد وهو التوصل إلى صيغ عملية وواقعية للإيقاف الفورى لنزيف الدماء فى سوريا وتهيئة المناخ المواتى لتحقيق الانتقال السلمى فى البلاد وحقن دماء المدنيين الأبرياء. وأضاف المتحدث أن وزير الخارجية حدد أربعة شروط ينبغى توافرها لتهيئة المناخ اللازم لحل الأزمة السورية ، وهى إعلان الدعم الكامل لتطبيق خطة عنان بما يؤدى لوقف العنف واستعادة الطابع السلمى لحراك الشعب السورى ، والتحرك فورا لبدء العملية السلمية فى البلاد بعدما بلغت الأوضاع مدى من الخطورة لا يسمح بترف الانتظار لهدوء الأجواء أولا قبل بدء الحوار ، وكذلك مطالبة الجامعة العربية باستضافة اجتماع عاجل للمعارضة السورية لتوحيد صفوفها والاتفاق على رؤية موحدة للتعامل مع الأزمة بما يكسبها الشرعية ، وأخيرا ضرورة التزام المعارضة بخطاب سياسى ديمقراطى منفتح على جميع الأطراف باعتبار ذلك الضمانة الأساسية لتحويل التنوع الطائفى فى سوريا إلى مصدر قوة وثراء من خلال التأكيد على ما للجميع من حقوق متساوية فى وطنهم الموحد. وفيما يلى نص كلمة وزير الخارجية أمام المؤتمر
معالي الدكتور/ أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا أصحاب المعالي الوزراء،، الزملاء الأعزاء،، يسعدني أن أتوجه بالشكر إلى الأخ العزيز أحمد داود أوغلو وزير خارجية تركيا، ومن خلاله إلى الشعب التركي، على استضافة هذا الاجتماع وما لقيناه من كرم وعناية. وأود ابتداء أن أحيي الشعب السوري العظيم والصامد، الذي تربطنا به في مصر وشائج خاصة، صنعها تاريخ طويل ونضال مشترك. فأمن سوريا هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، والتزام مصر تجاه الخروج من الأزمة السورية هو ضرورة استراتيجية بمثل ما هو واجب أخلاقي يمليه التضامن القومي مع شركاء العروبة والمصير في سوريا الشقيقة.
الزملاء الأعزاء،، إن اجتماعنا اليوم، كأصدقاء للشعب السوري، داعمين لحقه المشروع والأصيل، في الحصول على الحرية والعدالة والديمقراطية، ليس مجرد محفل لإبداء التضامن وتسجيل موقف أخلاقي، وإنما هو قبل كل شيء ملتقى للحوار والتنسيق يرمي في الأساس للوصول إلى صيغ واقعية وعملية لإيقاف نزيف دماء أبناء الشعب السوري الشقيق، وتهيئة البيئة الموضوعية المواتية لتحقيق انتقال ديمقراطي سلمي في سوريا، بدون خسائر إضافية في الأرواح السورية الغالية. لقد أكدت في الاجتماع الأول لمجموعتنا في تونس، قبل خمسة أسابيع، أن الموقف المصري من الأزمة السورية محكوم بعدد من القواعد التي نرى أنها ضرورية للحل، وهي: أولا: أن الأولوية المطلقة يجب أن تكون للوقف الفوري وغير المشروط للقتل والعنف ضد المدنيين، مع الحفاظ على الوحدة والسلامة الإقليمية للدولة السورية، وعلى وحدة الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته. ثانيا: أن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية سيكون بالضرورة حلا سياسيا لا عسكريا. فإذا كان المطلوب هو حقن الدماء وتجنيب الدولة السورية خطر التقسيم أوالتدخل الخارجي المرفوض، فإن الصيغة العملية لتحقيق ذلك تكون من خلال البدء الفوري في عملية سياسية، برعاية جامعة الدول العربية، تشمل كل أطياف الشعب السوري، للتوافق على رؤية للانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي يحقق كل الطموحات المشروعة لهذا الشعب العربي العظيم. ثالثا: أن المبادرة العربية تبقى الطريق الأمثل لحل الأزمة، سواء من حيث تناولها الشامل لكافة جوانب الأزمة، أو من حيث توافر ما يشبه الإجماع الدولي عليها، الأمر الذي جسده تصويت أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على القرار الذي قدمته مصر نيابة عن المجموعة العربية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أقل من شهرين، وقام على دعم المبادرة العربية باعتبارها الصيغة المثلى لحل الأزمة السورية. ولذلك، فإن المطلوب منا هو دعم المبادرة العربية، وأن يكون كل جهد دولي داعما ومكملا لها، لا بديلا عنها. إن المهمة الأساسية أمام اجتماعنا اليوم، هي بحث إجراءات واقعية، وعملية، لدعم الشعب السوري. فلسنا اليوم في محفل يكتفي بتجديد إعلان التضامن مع الشعب السوري، أو تكرار إدانة العنف الموجه ضد المدنيين في سوريا. السؤال المطروح علينا اليوم إذن، هو كيف نهيء الشروط الموضوعية لبدء العملية السياسية الشاملة لحل الأزمة السورية. وفي تقديري فإن هذه الشروط الموضوعية هي أربعة: أولا: دعم خطة السيد/ كوفي أنان المبعوث المشترك للأمين العام لجامعة الدول العربية وسكرتير عام الأممالمتحدة. فخطة السيد أنان، بنقاطها الست، تحقق الأهداف الملحة لمعالجة الوضع الإنساني، ولإيقاف العنف، وتوفر آلية مراقبة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي ليس فقط لحقن دماء المدنيين، وإنما أيضا للتأكيد على الطابع السلمي لحراك الشعب السوري الشقيق. وبالطبع، فإنه من المهم أن يكون هناك إطارا زمنيا معقولا يتم من خلاله تنفيذ مهمة السيد أنان. ثانيا: مطلوب أيضا، أن نتحرك بالتوازي مع إجراءات وقف العنف على الأرض، التي توفرها خطة السيد/ أنان، لبدء العملية السياسية الشاملة لكافة مكونات الشعب السوري بشكل فوري. فالمسألة لا تحتمل الانتظار ريثما تهدأ الأوضاع الميدانية، وإنما المطلوب هو اعتماد منهج يقوم على التوازي بين التهدئة الميدانية والعملية السياسية، ولا يقوم على التعاقب بينهما وانتظار الهدوء الميداني قبل بدء الحوار السياسي. ثالثا: إن بدء عملية سياسية جدية، لا يمكن أن يحدث بدون تحرك سريع مع كافة أطياف المعارضة السورية، بدون تمييز بين مكوناتها المختلفة في داخل سوريا وخارجها، يحثها على القيام بواجبها للتوصل لرؤية موحدة للحل السياسي المنشود للأزمة السورية. المطلوب هنا، هو أن نتوحد جميعا في مطالبتنا للأشقاء في المعارضة السورية بالاجتماع خلال الأيام المقبلة، في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة ، لإعلان موقف موحد وخريطة لحل الأزمة السورية يتوحد الجميع حولها، ليحصلوا منا على كل الدعم المطلوب لتنفيذها. فشرعية المعارضة السورية لن تتحقق إلا بتوحدها، وهناك تكليف صريح من مجلس جامعة الدول العربية إلى الأمانة العامة للجامعة العربية في هذا الشأن، وعلينا جميعا أن نساعدها في تنفيذه. رابعا: إن أي عملية سياسية جدية لتحقيق التحول الديمقراطي المنشود في سوريا، لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا من خلال إشعار كافة مكونات المجتمع السوري بأن لها مصلحة حقيقية في التحول الديمقراطي، وحقا محفوظا في لعب دورها بكل حرية لبناء وطنها. إن بعض مكونات المجتمع السوري لديها تخوفات، لا يمكن تجاهلها، حول مستقبلها في سوريا الجديدة. وفي قناعتي، فإن التزام المعارضة السورية، الموحدة والقادرة وذات المصداقية، بخطاب سياسي ديمقراطي ومنفتح بشكل لا لبس فيه، ومجمع عليه من كافة فصائلها، هو الضمانة السياسية التي تحول التنوع في سوريا إلى مصدر قوة وثراء، وتؤكد على حق الجميع في وطنهم، وواجبهم في التشارك في بنائه بدون أي تمييز.
إن مسئوليتنا اليوم كبيرة تجاه أبناء الشعب السوري الشقيق. فكلنا مسئولون عن دعم حقهم المشروع في الحرية والعدالة والديمقراطية، وكلنا مسئولون عن حقن دمائهم وحفظ كرامتهم، وكلنا مسئولون عن اتخاذ خطوات عملية لتوفير الشروط الموضوعية الأربعة المطلوبة لانتقال ديمقراطي سلمي وآمن في سوريا. ليس المطلوب اليوم هو الاكتفاء بتسجيل مواقف أخلاقية، أو تكرار إدانة العنف غير المقبول في سوريا. المطلوب هو خطة عملية تحقق المقاصد المنشودة انطلاقا من إمكانيات الواقع العملي بلا مبالغة ولا تهوين.. وليكن شعارنا دائما "رؤية موحدة...لسوريا موحدة وديمقراطية".